التأسيس والرفقاء الأوائل في مسيرة النهضة
لبيب ناصيف
ـ من هم الرفقاء الخمسة الذين انتموا إلى الحزب مع بداية التأسيس عام 1932؟
الرفقاء الخمسة هم: جميل عبدو صوايا، جورج عبد المسيح، فؤاد حداد، وديع تلحوق 1 وزهاء الدين حمود أردنيّ .
إلا أنه سرعان ما تبيّن زيف اثنين منهم وهما: وديع تلحوق وصديقه الأردنيّ زهاء الدين حمود.
في هذا الصدد، يقول سعاده في خطاب أول آذار 1938: «بعد قليل من السير، انكشف لنا أن الأردنيّ يراوغ بالاشتراك مع رفيقه، فهو ما انفكّ يتمسّك بمظاهر الاختلاطات السياسية بدلاً من الأخذ بجلاء القضية القومية. وزاد الطين بلّة أن الثاني أي وديع تلحوق ألقى قصيدة سياسية في دمشق تثير النعرة الطائفية».
ويضيف سعاده: «وكنت قد استوثقت من نزاهة الآخرين وإخلاصهم فجمعتهم وأطلعتهم على رغبتي في طرد الأردنيّ ورفيقه من الحزب. ولما لم يكن قد وُضع للحزب دستوره، رأيت أن يكون بصورة حلّ الحزب. فدعوت الجميع إلى اجتماع حضره الدجّالان وأبديت لهم رغبتي في تأجيل العمل الحزبيّ إلى أن أكون قد وجدت استعداداً وتفاهماً تامّيْن بين الذين يرغبون في السير معي، وأن عملنا قد انتهى وأن كل واحد حرّ».
ويقول سعاده في رسالته الرابعة إلى غسان تويني 26 أيار، 1946 : «بعد تكوين هذه النواة بأيام أو أسابيع قليلة، اضطررتُ للتظاهر بحلّها لإقصاء عضويّتَي فاسدَين دخلا في صلبها ولإعادة تكوينها».
في يومياته، يورد الرفيق جورج عبد المسيح التالي:
بعد عطلة عيد الميلاد 1932 أبدى المذكوران نشاطاً ملحوظاً فما كان واحدنا يرى أحدهما إلا متأبطاً ذراع أحد التلاميذ، منهمكاً وإياه في حديث منفرد. وكنا نتحاشى أن نقترب منهما، ظنّاً منّا أن الحديث يدور في جوّنا الجديد. وقد أثار هذا العمل خشيتنا، فطلبنا إليهما مراراً أن يكونا حذرَين، وكان المذكوران يطمئناننا إلى حكمتها ولكن تبيّن بعدئذ أن هذا النشاط لم يقصد منه إلا وصولية شخصية. نشاطهما كان محصوراً في أمر شخصيّ وهو تطبيق الطلاب لانتخاب أحدهما رئيساً لجمعية «العروة الوثقى» في الجامعة، والثاني ناموساً له.
ليس في هذا ما يسيء إلى الفكرة أو إلى الذين أقسموا يمين الولاء لخدمة الأمة السورية، لو كان هذا العمل ضمن فعالية الفكرة. لكان المذكوران استعملا في التطبيق أسلوب «حكّ الجرب»: فزهاء الدين كان يعمل مع المصريين في عصبية مصرية ضدّ السوريين جميعاً، ومع الأردنيين في عصبية شامية ضدّ اللبنانيين مع أن زميله في العمل لبناني. أما الثاني فقد نَظَم أبياتاً شعرية كانت سوداء ولُحمتها طائفية تثير الكامن من الضغائن، وعند سؤاله عنها قال إنها من نَظْمه بصفته ابن الطائفة المعنيّة، وليس بصفته في الحزب السرّي. ودعم حجّته بأن قصيدة مثل هذه تجعل اسمه على كلّ فم ولسان، وزاد أن القصيدة تفتح له أبواب الرزق حال خروجه من الجامعة، وهناك.. هناك «يفرجينا» بدائع العمل القومي الصحيح.
أما الأمين جبران جريج فيقول في الجزء الأول من مجلّده «من الجعبة»: وفي شهر نيسان، بعد إقصائهما عن الحزب، أجريت انتخابات «جمعية العروة الوثقى»، فخسروا المعركة بفارق عدد ضئيل من الأصوات. وقد عزيا فشلهما إلى موقف الرفقاء جميل صوايا، رجا خولي وفخري معلوف المضاد لهما وكانت هي الحقيقة. كان موقفهم أول موقف حزبي تجاه من انحرف عن الصراط المستقيم.
وفي مكان آخر يقول الأمين جريج في المجلد المذكور: إن لقاءً تمّ بيني وبين زهاء الدين حمود في صيدلية المرحوم الأمين فؤاد أو عجرم 2 في بيروت عام 1946، وكان قد أصبح موظفاً كبيراً برتبة مدير عام في الحكومة الأردنية. أثرتُ معه موضوع تمسّكه بالاختلاطات السياسية على رغم انتمائه إلى الحزب، فأدلى باعتراف صريح أن مشكلته إبّان دراسته في الجامعة الأميركية كانت العروبة التي لم يفهمها في الحزب. هذه العروبة التي أصبحت اليوم واضحة جليّة لديه ويفهمها فهماً جديداً متطوّراً، وأنه لذلك قرّر أن يعيد النظر في وضعه. زوّدناه لهذه الغاية بمجموعة من الكتب والنشرات والكتابات الحزبية وانصرف على أمل وَصْل ما انقطع. ولكن القنبلة التي انفجرت في المبنى الحكومي عام 1946 أودت بأرواح عدد كبير من المواطنين فكان هو في عدادهم.
وحول إقصاء المذكورين يقول سعاده في مقال له في جريدة «الزوبعة» حزيران 1942 : منذ بدأ تأسيس الحزب السوري القومي اتخذ الزعيم قاعدة أساسية للحزب وهي الاعتماد على النوع لا على الكمية، وإقصاء جميع عناصر النوع المخالفة للمطلوب للنهضة القومية. وانفرد الزعيم في البدء بهذا الرأي حتى أظهر الاختبار صحته فصار جميع أركان الحركة القومية والغيورين على تقدّمها وفلاحها يعرفون أهمية هذه القاعدة.
أول إقصاء للعناصر غير الصالحة عن الحركة السورية القومية حدث ولم يمضِ على تأسيس الحزب السوري القومي أكثر من بضعة أسابيع، وألجأ الأمر إلى التظاهر بحلّ الكيان وتأجيل الدعوة إلى فرصة أخرى. ودراسو نشوء الحزب السوري القومي وتطوّراته واختباراته، يعلمون أن الحادث المذكور كان ذا أهمية فاصلة في إنشاء عهد جديد، ودليلاً على إدراك بعيد للمستقبل ونظرة عميقة في شؤون المجتمع الاجتماعية والسياسية.
وفي مؤتمر المدرّسين الذي عُقد في 17/07/1948 يقول سعاده: «قلت إنّ الخطوة الأولى التي كان علينا أن نخطوها لتسيير الحركة القومية الاجتماعية هي تعليم العقيدة القومية الاجتماعية والغاية الرامية إليها. فهل كان سهلاً هذا العمل؟ إني وجدت صعوبة كبيرة في تعليم عدد من الأشخاص لم يزد على أربعة أو خمسة بين 1932-1933 تعليماً أولياً غير راسخ. ثم وجدت صعوبة كبيرة في تعليم عدد بلغ نحو عشرة أو خمسة عشر شخصاً في آخر ربيع سنة 1933».
ـ لماذا اتخذ تاريخ 16/11/1932 موعداً لذكرى تأسيس الحزب؟
في رسالته الحادية عشرة إلى غسان تويني 13/12/1946 يقول سعاده: غداً مساء، موعد الاحتفال الذي تقيمه منفذية بيونس آيرس والجمعية السورية الثقافية بما اصطلحت الإدارة في الوطن على تسميته «يوم الواجب»، وأعلنتُ أنا منذ سنوات أنه يعدّ أيضاً يوم نشوء أو تأسيس الحزب، نظراً إلى مغزاه الكبير وإلى عدم وجود يوم معيّن تأسيسيّ للحزب الذي نشأ بالاعتناق التتابعي للعقيدة من قبل الأفراد وليس باجتماع معيّن في يوم معيّن، ولأن 30/11 لا يبتعد كثيراً عن تولّد الحركة في السنة الدراسية في الجامعة سنة 1932، وكان تقرر تأجيل الاحتفال من يوم الذكرى عينه إلى 16 الشهر الماضي لأنه كان يحتمل انتقالي إلى بيونس آيرس في 28 منه، ثم أُجّل إلى الرابع عشر من كانون الأول الحاضر ليجري حضوري وسيحضره، عدا القوميين الاجتماعيين والمحبذين، عدد من المواطنين غير قليل وعدد من القوميين الأرجنتينيين من دوائر الحكومة الفدرالية ومن بلدية مدينة بيونس آيرس.
ـ من هم الرفقاء الذين انتموا إلى الحزب في السنة الحزبية الأولى 1932 ـ 1933؟
الرفقاء هم، نقلاً عن الجزء الأول من مجلّد «من الجعبة» للأمين جبران جريج: عن طريق الزعيم نفسه: رجا خولي، أنيس أبو نعمة صوايا، الدكتور محمد روح غندور، وفارس سليم سلامة.
عن طريق فؤاد حداد أحد الخمسة الأول : فكتور أسعد، إيليا ربيز، وموسى سليمان.
عن طريق رجا خولي: المهندس بهيج الخوري المقدسي، الصناعي أنيس قساطلي، وسامي قربان الذي أصبح أول عميد مالية في الحزب .
عن طريق سامي قربان: رفيق مروش مؤسس مطاعم مروش وعمر اللبان.
وهكذا أصبح العدد 15 3 من الخمسة الأول + 12 منتمٍ جدد .
ـ من هم الرفقاء الذين انتموا حتى حزيران عام 1934؟
فؤاد خوري بيروت ، ظافر مكاري أنفه، الكورة ، رفيق الأيوبي بترومين، الكورة ، إلياس حبوش مشغرة ، زيوار العظم دمشق ، الياس ديب صافيتا ، وقد أبدل اسمه بمحمود تيمّناً بإلغاء الطائفية. الياس خوري نجار 3 بترومين، الكورة ، فؤاد سليمان 4 فيع، الكورة ، جميل بتلوني 5 المصيطبة، بيروت ، رفيق الحلبي 6 بشامون ، شفيق شرتوني 7 شرتون ، نجيب حلاوي 8 الباروك ، ميشال سعد رومية، المتن ، محمد الباشا 9 بيروت ، نعمة ثابت. جبران جريج. عبد الله الحركة 10 . جورج الحركة. أنور قطريب. فهد المليس بترومين، الكورة ، حبيب ملكي بطرام ، صبحي الأيوبي ورفيق الأيوبي الكورة ، الدكتور سميح علم الدين 11 ، فاضل شرمند، نقولا منصور، وناصر المصري طرابلس ، عساف أبو مراد 12 ، وألبير القيّم البقاع الغربي ، أسبيريدون ديب أميون .
– من هو واضع القاعدة الهندسية لشعار الحزب الزوبعة؟
هو الرفيق المهندس بهيج الخوري المقدسي، عاونه في ذلك الرفيق المهندس رجا خولي. وقد تم ذلك في القسم الأولى من عام 1934. والرفيقان المذكوران قدّما لسعاده شكلين لشعار الحزب: واحد بأربع رؤوس وآخر بثلاث، وكان مبنيّاً على حجّة استبعاد فكرة الشبه التي يمكن أن تراود البعض من الناس بين شعارنا وشعار الحزب النازي الصليب المعقوف .
قرّ رأي سعاده على الرؤوس الأربع واستبعد فكرة الشبه لسببين: الأول هذا ليس بصليب، والثاني شعارنا متحرّك بينما شعار الحزب النازي جامد، والبون شاسع بين الحركة والجمود.
تلك كانت أولى خطوات تأسيس الحزب السوري القومي الاجتماعي. بدأ بخمسة. سقط اثنان. أصبح خمسة عشر رفيقاً في السنة الأولى، فثلاثين رفيقاً. ثم راح ينمو أكثر وينتشر ويتعملق، ويصل إلى كلّ بلدة وقرية وعائلة وعشيرة. وهو ما زال ينمو، يصارع، يتألم، يفرح، يسقط منه شهداء، ينضمّ إليه أشبال وزهرات، ويسير…
رئيس لجنة تاريخ الحزب
هوامش
1 – صدر له مؤلف من تاريخ القدس.
2 – فؤاد أبو عجرم، من بعقلين، منح رتبة الأمانة، وتولى مسؤوليات قيادية في الحزب منها رئاسة المجلس الأعلى. انتخب نقيباً للصيادلة. مراجعة النبذة المعممة عنه في موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info.
3 – إلياس خوري نجار، من بترومين، أول رفيق ينتمي في لبنان الشمالي. مراجعة النبذة المعممة عنه في الموقع المشار إليه آنفاً.
4 – فؤاد سليمان، الأديب المعروف. مراجعة ما نشر عنه في الموقع المشار إليه آنفاً.
5 – جميل بتلوني، أشرنا إليه وإلى شقيقه الرفيق سليم في عديد من النبذات الخاصة بتاريخ الحزب في بيروت. مراجعة الموقع المذكور آنفاً.
6 – رفيق الحلبي، من بشامون، مؤسس العمل الحزبي فيها، وفي كوماسي بعد أن غادر إليها. مراجعة الموقع المذكور آنفاً.
7 – شفيق شرتوني، الرفيق الثاني بعد الرفيق نجيب حلاوي، الذي خسر وظيفته بسبب انتمائه الحزبي.
8 – نجيب حلاوي، مراجعة النبذة المعممة على الموقع المذكور آنفاً.
9 – محمد الباشا، طرد لاحقاً من الحزب. تولى إدارة اليانصيب الوطني، وله مؤلفات. يرد اسمه في أدبيات الحزب: محمد الباشا المناصفي.
10 – عبد الله الحركة، بات من قياديي الحزب الشيوعي في الشمال اللبناني. كذلك شقيقه جورج.
11 – سميح علم الدين، أول من تولى مسؤولية منفذ عام للحزب في طرابلس. خال الرئيسين الراحلين رشيد وعمر كرامي..
12 – عساف أبو مراد، من القرعون، مؤسس العمل الحزبي في البقاع الغربي، ثم في المكسيك بعد أن غادر إليها. منح رتبة الأمانة.