حزب الله: ما لسورية لسورية.. وما للبنان للبنان

هتاف دهام

اكتسبت القصيْر أهمية في الحسابات العسكرية والأمنية والسياسية لحزب الله. شكلت استعادتها إلى كنف الدولة السورية إنجازاً تاريخياً نظراً لمكانتها وأهميتها للبنان.

قدّم حزب الله عرضاً عسكرياً في القصيْر يوم الأحد الماضي. عرض أتى بعد ثلاث سنوات وخمسة أشهر على تحرير المدينة من الإرهابيين المسلحين. كانت القصيْر مدخل حزب الله للمشاركة في المواجهة العسكرية في سورية، لكونها الجبهة التي تحاذي الحدود اللبنانية، لكنها لا تتداخل معها على غرار ما هو قائم في القلمون.

وفق مصدر معني بأجواء حارة حريك، فإنّ عرض القصيْر يعني أنّ حزب الله والسوريين ماضون في خياراتهم حتى النهاية في مواجهة الإرهابيين التكفيريين والانتصار عليهم.

حمل العرض رسالة للعدو أنّ الدولة السورية والمقاومة ترفضان إخضاع دمشق لأية شروط «إسرائيلية». باتت المقاومة جزءاً من المعارك على أرض «الشام». على العدو وعلى كلّ القوى المعنية أن يأخذوا هذا الأمر بعين الاعتبار، وأنّ الصيغة العسكرية للمقاومة كجيش كلاسيكي هي جزء من توازنات المنطقة.

إنّ إيفاد أحد أعضاء مجلس الشورى رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين لرعاية هذا العرض هو تأكيد على أهميته وإعطائه طابعاً مركزياً، لكن وجود عهد جديد في لبنان لن يغيّر في مسار المقاومة التي ثبتها حزب الله في ما يتعلق بالساحة السورية. العرض العسكري في القصيْر يقول إنّ حسابات حزب الله في سورية لسورية، وحساباته في لبنان للبنان.

وبالتوازي، مع قراءة المصدر المعني، يؤكد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في دردشة مع الصحافيين على هامش لقاء حواري عقد أول أمس، في مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي أنّ العرض بحدّ ذاته رسالة. كلّ شخض يقرأه كما يراه. نحن موجودون في سورية ونقاتل لحماية لبنان. لولا تدخل حزب الله في سورية لدخل الإرهابيون كلّ بلدة لبنانية، إلى جونية، طرابلس، صيدا، البقاع، الضاحية. دخلت 15 سيارة مفخخة إلى لبنان في عام 2015، كانت القلمون التي حُرّرت من الإرهابيين مصنعاً للسيارات المفخخة.

يقول الشيخ قاسم لـ «البناء» رداً على سؤال، اكتسب حزب الله خبرة إضافية في الحرب السورية ضدّ الجماعات الإرهابية التكفيرية. بات أكبر من مقاومة وأقلّ من جيش. خبراتنا المتطورة نقطة إيجابية لحماية لبنان. التنسيق مع الدولة السورية والجيش السوري تنسيق كبير، الممارسة العسكرية موجودة في الميدان. يجهد حزب الله عدم إدخال هذه العروض العسكرية إلى لبنان.

لا ينسجم حجم مشاركة حزب الله في الدولة مع ما قدّمه ويقدّمه. هناك زحمة كبيرة على المكاسب الداخلية. كلّ مواقف حزب الله، بحسب الشيخ قاسم، مظلّلة بالمبدئية. التسويات التي قمنا بها كانت ضمن سقف المبادئ. ركزت تحالفات الحزب مع الأفرقاء في 8 آذار على الطابع الاستراتيجي والسياسي وليست اتفاقات على التفاصيل. يعمل حزب الله، كما يشير نائب الأمين العام لحزب الله بإخلاص لبناء الوطن. يهمّه انتظام عمل المؤسسات بدليل أنه ساهم بأن لا تتعطل حكومة الرئيس تمام سلام، ودعا إلى انعقاد المجلس النيابي. قدّم تسهيلات كثيرة ساهمت، لا بل أوصلت الرئيس سعد الحريري إلى أن يصبح رئيساً للحكومة العتيدة.

لكن يبقى مشروع المقاومة وحمايتها الأولوية عند حزب الله. وفق الشيخ قاسم لا حلّ لأية مشكلة في المنطقة مع وجود «إسرائيل». وحين يكون هناك خلاف مع أيّ مكوّن على دور المقاومة، الثابت أنّ الحزب ينحاز إلى المقاومة وخيارها، أما حين يكون الخلاف على حصّة من هنا أو هناك، فهو مستعدّ للتنازل لمصلحة المقاومة. الاستقرار في الداخل بالنسبة له أولاً وأولاً وأولاً. لم ينجرّ إلى أية فتنة في الداخل، رغم كلّ المحاولات. رفض العبث بالأمن، أكد أهمية الحفاظ عليه من أجل الانصراف لمحاربة الإرهاب في سورية وعدم تمدّده الى البقاع اللبنانية.

يؤكد الشيخ قاسم، أنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حليف استراتيجي. يحمي خيارات المقاومة الوطنية والعامة. لديه برنامجه وجهاز عمله. نثق به. لا نعمل على أيّ برنامج للعهد الجديد. هذا شأن الرئيس والحكومة ولا فكرة لتعديل الطائف.

هلت أمس، من عين التينة بشائر تشكيل الحكومة في غضون ما بين 24 و48 ساعة. سبق ذلك، تأكيد الشيخ قاسم مساء الثلاثاء أنّ حزب الله فوّض الرئيس نبيه بري إجراء مشاورات تشكيل الحكومة وتمثيل حلفائنا، ونحن نناقش معه التفاصيل.

يشير إلى أنّ النقاش العام كان منصباً على الحصص الوزارية، آملاً أن تنتهي المفاوضات بسرعة، وتتألف الحكومة قريباً جداً. لا يشكل البيان الوزاري عقدة عند حزب الله. ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة وتضمينها في البيان الوزاري تمّ تخطيها، وتمّ تجاوز موضوع مشاركة الحزب في الحرب ضدّ الإرهاب في سورية. أصبح الموضوع خارج النقاش.

معنيٌّ حزب الله، بحسب الشيخ قاسم، بكلّ ما يُصلح الشأن اللبناني. يشكل جزءاً من التركيبة اللبنانية. لكن وحده لا يمكنه أن يغيّر في المعادلة. الفساد بات الخبز اليومي للكثير من الأفرقاء. يتطلب اقتلاعه تغيير المنظومة. إنجاز التغيير بالتوصل إلى إقرار قانون انتخابي عادل قائم على أساس النسبية. لكن ذلك صعباً في ظلّ رفض تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي وآخرين النسبية الكاملة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى