حكومة الـ30 للواجهة بعد عرض حزب الله لتمثيل «القومي» من حصته في الـ24
كتب المحرر السياسي
حلب نحو الحسم بات عنوان الخبر الأول منذ أمس لوسائل الإعلام في العالم، وسط استعدادات نوعية تجعل المعركة الفاصلة متوقعة خلال أيام قليلة أو ساعات مقبلة، بينما المساعي السياسية للتعاون الروسي الأميركي بعد سقوط خيار هيلاري كلينتون ومعه سقوط الرهان السعودي «الإسرائيلي» على جرعة تصعيد أميركي خارج نطاق التفاهم الموقع منذ شهرين في جنيف بين موسكو وواشنطن، فينعقد وسط الحرب الضارية في حلب لقاء اليوم، بين وزير خارجية أميركي جون كيري ووزير خارجية روسيا سيرغي لافروف، على هامش اللقاء الوزاري لدول منظمة التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ، وتتصدر سورية مواضيع اللقاء، في ضوء فشل محاولات واشنطن في تطبيق التزاماتها بفصل جبهة النصرة عن الجماعات المسلحة وبقاء الخيار العسكري طريقاً وحيداً لإعادة الاستقرار إلى الأحياء الشرقية في حلب، لينطلق بعدها التعاون المتفق عليه وفقا للتفاهم في الحرب على داعش والنصرة، كحاجة أميركية يعمل لحسابها كيري بتوافق الرئيسين الحالي باراك أوباما والمنتخب دونالد ترامب، بعدما تخلص كيري من ضغوط فريق كلينتون لتعليق أحكام التفاهم مع موسكو، وتبارك موسكو مساعي كيري لوقف الحرب في اليمن، وفتح صفحة الحل السياسي بحكومة وحدة وطنية، بعد حصوله على موافقة يمنية وسعودية وخليجية، من وراء ظهر منصور هادي الذي يبدو كبش فداء التفاهمات، كما هي الجماعات المسلحة في سورية. وبعدما صار التفاهم على وقف النار يعني وقف الغارات السعودية مقابل وقف استهداف الأراضي السعودية من قبل الحوثيين، وصار التفاهم في سوريا يعني الحرب على النصرة وداعش، طالما أن الحوثيين في اليمن يتكفلون بهادي مع وقف الغارات السعودية، والجيش السوري يتكفل بالجماعات المسلحة مع تعاون روسي أميركي ضد النصرة.
الأيام التي ستحمل المزيد من الوقائع نحو هذه المسارات حتى تسلم الرئيس الأميركي المنتخب مهامه الرئاسية بعد شهرين، هي الأيام التي يحتاجها اللبنانيون لاستيلاد قانون جديد للانتخابات النيابية لتتم الانتخابات في موعدها دون ارتكاب خطيئة قانون الستين مجدداً وإجهاض الآمال الكبار المعقودة على العهد. ولهذا تشكل الحكومة الأولى للعهد بسرعة ولادتها ونوعية التمثيل السياسي فيها مؤشراً على نوعية ارتباطها بالانتخابات النيابية، فكما تأخير الولادة بمطالب تعجيزية وفيتوات غير مبررة، يؤشر لنية مضمرة لدى بعض المواقع لإجراء الانتخابات وفقاً لقانون الستين، يبدو ربط الولادة بقبول هذه الفيتوات ومنها الفيتو القواتي على تمثيل الحزب السوري القومي الاجتماعي، تمهيد مشابه لمنع ولادة قانون يعتمد النسبية بتوفير ثلث معطل لولادته في حكومة الأربعة وعشرين وزيراً، التي كانت حتى ليل أمس هي الصيغة المنجزة، بانتظار إعلانها خلال ساعات، قبل أن ترد المعلومات عن تدخل حزب الله لطلب تمثيل الحزب السوري القومي الاجتماعي من ضمن حصته، في صيغة الاربعة وعشرين وزيراً، بوزير شيعي إذا استعصى تمثيل القوميين بوزير مسيحي، ما أعاد إلى الواجهة مجدداً صيغة الحكومة بثلاثين وزيراً، لكن مصادر متابعة للتشكيلة الحكومية تؤكد أن الأمور ستحسم اليوم لتبصر الحكومة النور غداً أو بعد غد على أبعد تقدير، بعدما صار أكثر من عشرين وزيراً محسوماً بالاسم والحقيبة، والباقي يُحسم ببت صيغة الأربعة والعشرين أو الثلاثين.
قانصو: الشام ستنتصر
أكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير السابق علي قانصو أن «الإرهابيين نجحوا في تدمير مدن وبلدات في الشام، لكنّهم فشلوا في كسر إرادة شعبها وفشلوا في تحقيق أهداف حربهم»، مشدداً على أنه لا خلاص لنا من النعرات الطائفية إلّا بالدولة المدنية القائمة على فصل الدين عن الدولة وإلّا بالوعي القومي الذي يُصهرنا في بوتقة الشعب الواحد والقضية الواحدة وأن لا خلاص للبنان إذا بقي نظامه السياسي على هذه الطائفيّة المتوحّشة».
وخلال إحياء الذكرى الـ84 لتأسيس الحزب باحتفال أقامه في فندق رامادا في بيروت، بحضور رسميّ وسياسيّ ودبلوماسيّ وحزبيّ حاشد، جدّد قانصو الدعوة لقيام مجلس تعاون مشرقيّ يشكّل إطاراً للتنسيق بين دولنا في مواجهة الإرهاب والعدو الصهيوني والتحديات الاقتصادية والاجتماعية، داعياً «الإخوة قيادات الفصائل الفلسطينية إلى تجاوز الخلافات والتوحّد خلف المقاومة وإلّا ذهب ريحكم وتبدّدت قضيّتكم».
كما أكد قانصو أن «العراق سيهزم الإرهاب وسينتصر شعبه على كلّ أسباب الفرقة والشقاق وسيسقط مشروع تفتيته ويستعيد وحدته ودوره في محيطه القومي»، مضيفاً: «سيبقى حزبنا في المواقع التي عيّنها له الزعيم سعاده… سيبقى حرباً على الصهاينة والإرهابيّين حتى استئصالهم من بلادنا وحرباً على الطائفية حتى قيام الانتماء القوميّ الجامع أساساً لوحدة شعبنا». وجزم قانصو بأن الشام ستنتصر وستخرج من محنتها واحدة موحّدة دولة وأرضاً وشعباً».
الحكومة خلال 48 ساعة؟
تكثفت الاتصالات والمشاورات واللقاءات حتى منتصف ليل أمس، على خط بيت الوسط – بعبدا – عين التينة وبعض القوى السياسية لتذليل آخر عقد تأليف الحكومة المحسوم تكوينها بـ24 وزيراً وسط ترجيحات أن تخرج التشكيلة النهائية إلى العلن خلال 48 ساعة.
ومساء أمس توجّه الرئيس المكلف سعد الحريري الى بعبدا، والتقى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون واكتفى الحريري بالقول إثر خروجه: «إنشا الله خير».
وقالت مصادر مستقبلية لـ «البناء» إن «الأجواء الإيجابية التي ظهرت في بداية التأليف مستمرة والتشكيلة النهائية ستظهر قريباً وقبل عيد الاستقلال كأبعد تقدير، إذا لم تحصل مفاجآت في اللحظة الأخيرة»، مشيرة الى أنه و»خلال اليومين الماضيين حلّ الكثير من العقد أما ما تبقى منها فقيد الحلحلة»، ولفتت الى أنه «عندما يتم توزيع جميع الحقائب بشكلٍ نهائي يتم إسقاط الأسماء عليها، لكن لم تحسم حتى الآن كامل الحقائب ولم تحدّد جميع الأسماء»، مضيفة أن «تمثيل تيار المردة بحقيبة أساسية كانت إحدى العقد التي حُلّت، لكن هناك إصرار من قبل الرئيس الحريري على أن تمثل بوزارة وازنة، أما عقدة حزب القوات فقد انتهت».
وأشارت المصادر الى أن بعض التصاريح التصعيدية طبيعية، إذ يحاول كل طرف في ربع الساعة الأخير تحقيق أكبر عدد ممكن من المكاسب الوزارية، لكن جميعها تحت سقف تسهيل التأليف»، كاشفة عن تفاهم بين رئيسَي الجمهورية والحكومة المكلف على أن يأخذ كل منهما وزيراً من طائفة أخرى لكسر الإصطفاف الطائفي»، مرجّحة أن يكون مستشار الحريري الدكتور غطاس خوري ضمن وزراء الحريري، بينما أشارت الى أن النائب محمد كبارة الأوفر حظاً للتوزير في الشمال».
وأشارت مصادر عين التينة لـ «البناء» الى أن «الحكومة قد تبصر النور خلال 72 ساعة إذا حلت آخر العقد المتبقية». موضحة أن تحجيم شكل الحكومة من ثلاثين وزيراً الى 24 خلط الأوراق، ولفتت المصادر الى أن «التواصل إيجابي ومستمر بين رئيس المجلس نبيه بري والرئيس الحريري الذي كان يبلغ رئيس المجلس بكل جديد على خط مفاوضات التأليف»، مشيرة الى أن «العلاقة بين بري وعون جيدة وتتطور نحو الأفضل».
بينما رجحت مصادر مطلعة في قصر بعبدا لـ «البناء» ولادة الحكومة يوم السبت المقبل ومكوّنة من 24 وزيراً، وأن معظم العقد قد حلّت ويتم وضع اللمسات الأخيرة على التشكيلة النهائية وحسم بعض الحقائب وبعض الأسماء»، قالت مصادر مطلعة لـ «البناء» إن عقدة المردة قد حلت مساء أمس بإعطائها حقيبة الأشغال العامة والنقل التي كانت تطالب بها بعد أن عرضت عليها صباحاً وزارة التربية فرفضتها».
وكان مستشار الحريري غطاس خوري ومدير مكتبه نادر الحريري التقيا في الصيفي رئيس حزب الكتائب الناب سامي الجميل.
أما الحقائب التي حُسمت، بحسب ما علمت «البناء»، فهي المالية للوزير علي حسن خليل، الصحة للنائب مروان حمادة والنائب طلال أرسلان من حصة رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، الاقتصاد أو الصناعة لحزب الكتائب بينما تردّدت مصادر أنه ربما تستبعد الكتائب من التشكيلة بعد أن أصبحت الحكومة من 24 وزيراً، أما وزارة الدفاع فلرئيس الجمهورية السفير السابق في واشنطن أنطوان شديد والخارجية للتيار الوطني الحر جبران باسيل أما الدكتور غطاس خوري فهو من الثوابت لدى الحريري والداخلية للوزير نهاد المشنوق، والنائب محمد كبارة الشؤون الاجتماعية والقوات ستنال نائب رئيس الحكومة ووزير العدل ابراهيم نجار ووزارتي التربية والإعلام ملحم رياشي ، والوزير ميشال فرعون. والوزيرين آغوب بقرادونيان طاشناق
وجان أوغاسبيان، أما وزارة الزراعة فستؤول الى حزب الله، أما الأسماء الأخرى فيجري إسقاطها على الحقائب بحسب نوعيتها قبل إعلان الحكومة بوقتٍ قليل.
وبرز أمس، اعتراض من النائب جنبلاط على حصة الطائفة الدرزية في الحكومة، فقال عبر «تويتر»: «كل فريق ينتزع ما يريد بالقوة وممنوع حتى التلميح الى وزارة سيادية. هي ملك لكبار القوم، وبعد أن أفرغت وزارة الشؤون الاجتماعية وأًغرقت تُعرض علينا، أعلم أن كلامي قد يعكّر مزاج البعض في هذا النهار الجميل، لكن للأحكام اضطرار». وأضاف «أفضل عدم تحجيمنا وإبقاءنا في الصحة المستدامة و أعهد الى الوزير وائل أبو فاعور والنائب مروان حمادة مهمة إعادة تصويب الأمور وإعطاءنا الحد الأدنى من الحقوق». ولاحقاً أوضح جنبلاط أن «تغريدتي على تويتر كانت في إطار المزاح والتأخير في تشكيل الحكومة محلي لا إقليمي إذ يحق لبعض الشرائح المغبونة أن تطالب بحقها».
بري: قانون الانتخاب مقدمة الأولويات
وأعلن رئيس المجلس النيابي نبيه بري في لقاء الأربعاء أن «الأمور المتعلقة بتشكيل الحكومة تسير بأجواء إيجابية وبعض العقبات يتمّ تذليلها ونأمل أن تكون الولادة قريبة قبل عيد الاستقلال»، مشيراً الى أن «هناك رغبة في تشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن للمباشرة في معالجة القضايا»، ومعتبراً أن «الانصراف إلى درس وإقرار قانون الانتخابات يجب أن يكون في مقدّمة الأولويات المطروحة».
جولة شكري…
على صعيد آخر، جال وزير الخارجية المصري سامح شكري على القيادات اللبنانية، وقد تنقل أمس بين بعبدا وعين التينة وقصر بسترس وبيت الوسط وكليمنصو ومعراب، ناقلاً دعمَ بلاده لانطلاقة العهد الجديد بعد انتخاب العماد عون رئيساً.
وحمل الوزير المصري الى الرئيس عون رسالة من نظيره المصري عبدالفتاح السيسي، موضحاً أنها «رسالة تضامن واهتمام باستقرار لبنان، تؤكّد مصر فيها الوقوف إلى جانب لبنان لاستكمال المسار السياسي وتحقيق الاستقرار»، مشيراً الى انه أودعه «دعوة رسمية لزيارة مصر».
أما عون فلفت أمام ضيفه الى أن «لبنان تجاوز الظروف الصعبة التي مرّ بها وهو يستعيد اليوم دوره وحضوره انطلاقاً من التلاقي الذي برز بين اللبنانيين حول خطاب القَسَم». وقال «إن التفاهم الذي تحقق نعمل على ترسيخه، ونحن نعتبر أن كل بلد يترسخ استقراره يكون سنداً للآخرين، ولبنان هذا البلد الصغير بمساحته هو سند للأخوة العرب، طالما هو أرض وئام وسلام وضيافة». وأعرب الرئيس عون عن أمله «أن يتم التوصل الى حل سياسي للأزمة السورية، نظراً لما يتركه هذا الحال من انعكاسات ايجابية خصوصاً بالنسبة الى مأساة النازحين السوريين». كما أكد عون خلال استقباله مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان على رأس وفد من مجلس المفتين أنه ملتزم تنفيذ ما ورد في خطاب القَسَم تنفيذاً كاملاً وسيواجه العقبات، مضيفاً «يدي ممدودة للجميع لنستطيع تحقيق ما نراه ضرورياً لمصلحة اللبنانيين، وفي مقدمة ذلك الاستقرار ومكافحة الفساد وإصلاح القوانين».
كما التقى شكري نظيره في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، والنائب سامي الجميل في الصيفي.
.. وحزب الله ينفي
في غضون ذلك، لا يزال العرض العسكري الذي أقامه حزب الله في بلدة القصير السورية يتفاعل في الوسطين السياسي والإعلامي، فقد نفت العلاقات الإعلامية في حزب الله ما نسب لنائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم عن أنه أصبح للحزب جيش وأن العرض العسكري الذي أجري في القصير رسالة للجميع، مؤكدة أن هذا لم يرد إطلاقاً في حديثه.