استراتيجية أوباما… فسّرت الماء بعد الجهد بالماء المالح
د. سليم حربا
بعد صولات وجولات مكوكية وشبه منحرفة ومنحرفة واجتماعات ومؤتمرات ومؤامرات وشعارات وتسريبات، أخذ العالم يحبس أنفاسه بانتظار البحصة التي سيبقّها السيد أوباما باستراتيجيته لمكافحة الإرهاب، وتمخض الجبل الأميركي وولد استراتيجية بلا استراتيجية وبلا تكتيك إذ فسّرت الماء المالح بعد الجهد بالماء الأكثر ملوحة والذي لا يصرف إلا بمجارير الصرف اللاصحي. وإذ يعتبر السيد أوباما استراتيجيته فتحاً جديداً في قواميس أميّة طويلي العمر وقواعد الحساب وفنون الحرب على الإرهاب وجداول ضرب الإرهاب وجمع التحالفات وتقسيم الدول والطرح والاعتذار بلا أدب من ميثاق الأمم المتحدة ونص القرار 2170، وأن يقسم باللات والعزى وبمعارضته المعتدلة المسلحة ما مات منها وما تبقى وبنفط الخليج وعروشه وكروشه بأنه سيختزل الإرهاب بداعش في العراق ولن يتعاون مع الحكومة السورية وسيقيم مضارب تدريب على حشيش «الربيع العربي» في المرابع القاحلة لصحراء بني سعود، إنما يأتي تأكيداً لما سماه هو فانتازيا وانفصالاً عن الواقع لا سيما أن هذه الاستراتيجية تفتقد القاعدة الأساس بالعمل الاستراتيجي فن الممكن ، ولأن رياح الميدان الوطني السوري ستأتي بما لا تشتهيه سفن الصحراء السعودية الوهابية الصهيونية، وأن حسابات البيدر السوري الذاتي والموضوعي من دمشق إلى موسكو وطهران وما بعد بعد بكين وشنغهاي وتوازناتها وأقوالها وأفعالها ورسائلها ستأتي غير حسابات حقل الاجتماعات والمؤتمرات والجولات والاستراتيجيات والخطابات، والسوريون يسألون ويضحكون على شر البلية والبرية، أين جبهة النصرة والجبهة الإسلامية وملحقاتها ومنتفعاتها من استراتيجية أوباما؟ أين المعارضة المعتدلة الأميركية التي بحثت عنها أميركا بكل مجاهرها الجوية والبرية والاستخباراتية ولم ولن تجدها، بعدما التهمها داعش والنصرة ويتجشآن ما تبقى من عظام ما يسمى الجيش الحر ويتورمان ويتوهمان ويتشددان ويتمردان ويستعدان لوجبات اعتدال أميركي أخرى، ويقولان هل من مزيد؟ هل توقف الدعم الأميركي والسعودي والقطري والتركي والصهيوني لهذه التنظيمات على مدى أربع سنوات، وتكدس كله في جيوب وكروش وأيدي «داعش» والنصرة وملحقاتهما، التي ترجمت هذا الدعم بقطع رؤوس وأكل أكباد والمجازر؟ ألم تعتبر أميركا وتعرف أو أنها تعرف ولا تريد أن تعترف، أن مصدر تورم «داعش» والنصرة هو السلاح الأميركي والمال الخليجي والرضاعة والتبني التركي والمرتزقة من كل حدب وصوب أتى من الاستراتيجية الأميركية الغبية والشيطانية لدعم ما توهمت أنه معارضة معتدلة عندما هيمن الدواعش ميدانياً وإيديولوجياً وعقائدياً على كل المسميات؟
هل تتجرأ أميركا على الاعتراف بأن الصحافي الأميركي ساتلوف قد بيع من معارضتها المعتدلة بـ 50000 دولار لـ«داعش» في بازار تركي أشرفت عليه استخبارات أردوغان؟ هل تستطيع أميركا أن تكافح الإرهاب بنتائجه من دون قطع أسبابه؟ هل عقلية الكاوبوي الأميركي مازالت صالحة لاجتثاث الإرهاب؟ هل تستطيع أميركا أن تحارب وهماً اسمه الإرهاب من دون التعاون مع الحكومة السورية وإيران وروسيا والصين التي ظهّرت الحبر السري لمشروع العدوان والإرهاب وجعلته يكشّر عن أنيابه ومشروعه الصهيوني الأميركي من التبني والتمني والعتاب والعقاب إلى الحساب؟ هل تستطيع أميركا بما ملكت أيمانها وجيوب أدواتها أن تقامر وتخرق القانون وتنفذ عدواناً على السيادة السورية، والرسائل الذاتية السورية والموضوعية الدولية ما ظهر منها وما استتر تقول لها العدوان ممنوع؟ ألم ترَ أميركا أن هذه الاستراتيجية مزحة في غير مكانها وزمانها وتحتاج إلى استراتيجية ألف بائها وبوصلتها التعاون السوري قبل أن تصل أميركا إلى مرحلة الاستجداء للحصول على هذا التعاون؟ أم أن أميركا أرسلت مع السيد دي ميستورا الاستراتيجية التي لا تستطيع أن تجاهر بها؟ أم أن أميركا تريد أن ُتخرج فيلماً هوليودياً يقنعنا بأنها تريد مكافحة الإرهاب بدلاً من مكافأته وبأنها تخاف من «داعش» بدلاً من الخوف عليها وتريد محاربة داعش بدل الحرب بها ومعها؟
عذراً منك سيد أوباما ومن استراتيجيتك، فهنا موطن الاستراتيجية والتكتيك ومنهج التصديق والتطبيق وكلمات السر لكل قول وفعل يخطها المواطن والمقاتل العربي السوري الذي قال غيضاً من فيض كلماته وأفعاله، ومازال لديه الكثير من المفردات والجمل في مكافحة الإرهاب والجيش العربي السوري يترجمها إنجازاً والجيش العربي السوري إذا وعد أوفى وإذا قال فعل، فليصدّقه العالم فعند الجيش السوري الخبر اليقين.