إبراهيم للعسكريّين: التهديد الأخطر علينا هو في الانقسام والانطواء في الأُطُر الطائفيّة

اعتبر المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، في النشرة التوجيهيّة التي خاطب بها العسكريّين بمناسبة عيد الاستقلال الثالث والسبعين، أنّ «التهديد الأخطر علينا يتمثّل في السقوط في فخّ الانقسام وغوايات الانطواء في الأُطُر الطائفيّة والمذهبيّة الضيّقة».

وكانت احتفالات رمزيّة قد أُقيمت بالمناسبة في عدد من الدوائر الإقليميّة. وفي احتفال مركزي في مقرّ المديرية العامّة للأمن العام حضره عدد من الضباط والعسكريّين، وعلى وقع نشيد الموتى، وضع ممثّل إبراهيم العميد الركن رولان أبو جودة إكليلاً من الزهر على النّصب التذكاري لشهداء الأمن العام، ثمّ عمّم على العسكريّين النشرة التوجيهيّة التي جاء فيها:

«أيّها العسكريون، يحلّ علينا عيد الاستقلال هذا العام بميزة خاصة بعدما اكتمل عقد المؤسسات الدستوريّة بانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهوريّة، في عمليّة برلمانيّة صنعها المجلس النيابيّ بآليّات ديمقراطيّة وشرعيّة، هي من طبيعة دوره، ما قد يخفّف من وطأة الأزمات السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة، والأخطار الأمنيّة التي تتهدّدنا وليست خافية على أحد. انتخاب فخامة الرئيس ميشال عون يُعيد التوازن إلى نظامنا البرلمانيّ الديمقراطيّ، ويخفّف من الاستنزاف الذي طال لعامين وستة أشهر من دون أن يعني ذلك أو يبرّر تراجع اليقظة والاستنفار في صفوفنا، لأنّ ما ناطه بنا القانون من وظيفة ودور، وما ينتظره المواطنون منكم، هو الوفاء لقسَمنا الوطنيّ الجامع، ولما ارتضيناه جميعاً بانخراطنا في المديريّة العامّة للأمن العام كمسؤوليّة كبيرة تبدأ بالتضحيات ولا تنتهي معها، كي يبقى لبنان منيعاً، عصيّاً على أيّ استهداف أيّاً كان».

وأضافت «أنّ المهمّات الأمنيّة والإداريّة التي أنجزناها بحسٍّ وطنيّ خالص، ساهمت مع رفاقنا في المؤسّسات الأمنيّة الأخرى في حماية لبنان كوطن موحّد ونهائيّ لجميع أبنائه، في حاجة إلى مراكمة المزيد منها لأنّ الخطرين الوجوديّين «الإسرئيليّ» والتكفيري ما يزالان يتربّصان بوطننا وشعبنا كلّه، ومن دون استثناء».

وتابعت «أنّ مهمّة الأمن العام، الأمنيّة والإداريّة، تنفيذ القانون والتزام أحكامه، من دون الاعتبار لغير السِّلم الوطنيّ الذي لا يعرف إلّا الهويّة الوطنيّة الغنيّة بتنوّع ثقافاتها، والمنفتحة على كلّ تفاعل إنسانيّ حضاريّ مغاير للعقل الآحاديّ والإلغائيّ. فنحن: وطن العدل والإيمان، وطن الحرف والإبداع، وطن أصحاب العقول المنفتحة على الآخر، التهديد الأخطر علينا يتمثّل في السقوط في فخّ الانقسام وغوايات الانضواء في الأُطُر الطائفيّة والمذهبيّة الضيّقة. بقاؤنا رهن قرارنا بناء الدولة القوية. ثقوا أنّ المديرية العامّة للأمن العام لن تكون إلّا للبنان ومصلحة بنيه، بعيدة عن التسييس والآفات التي تتناقض وتاريخ شعبنا وقيمه، للمساهمة في بناء الدولة القويّة، العصيّة على الاستهدافات والمغامرات. نحن من نسيج هذا الشعب ومن تاريخ هذا الوطن، جميعنا خبر خطورة تقديم الأهواء والعصبيّات الضيّقة ونتائجها على الهويّة اللبنانيّة والمصلحة العامّة. لن تستقر لنا دولة إذا بقي فيها من يجعل الخارج أولويّة على الداخل، وسينتهي لبنان الحديث كما انتهى لبنان القديم».

وختمت: «ممنوع علينا التعصّب إلّا للبنان، محظور علينا التطرّف إلّا لحماية دولتنا البرلمانيّة الديمقراطيّة. واجهنا الكثير من المحن التي كادت أن تُطيح بوجودنا، وآن لنا أن نعمل لشعبنا ومصلحة وطننا، من دون أن يعني ذلك تقوقعاً أو انكفاء عن تفاعل يفضي إلى أيّ من أشكال العنصريّة المقيتة والمنبوذة. نحن من أساسات هذه الأرض وأكثرها انفتاحاً. مهمّتنا تكمن في صناعة المستقبل الآمن، ورذل كلّ الانقسامات. فما انقسم شعب أو دولة إلّا كان السقوط مريعاً.

إنّ الوضع الحاليّ يستدعي مناقبيّتكم في الأداء، صلابتكم في منع الأخطار الداهمة المحيطة بحدودنا. العدو «الإسرائيليّ» يتوعّدنا يوميّاً، والخطر التكفيري صار انغماسيّاً، وكلاهما لن يميّز بين لبناني وآخر. حذار التساهل أو التهاون، لأنّ الأمن العام لا يعرف الاستسلام أو التراجع».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى