المعلم لـ«دي ميستورا»: الإدارة الذاتيّة مرفوضة.. هل يُعقل مكافأة الإرهابيّين؟
أعلنت دمشق رفضها لخطة دي ميستورا بإقامة «إدارة ذاتيّة» لمقاتلي الفصائل المسلّحة في الأحياء الشرقيّة التي يسيطرون عليها في حلب.
وقال وزير الخارجية السوري وليد المعلم، في مؤتمر صحافي عقده بُعيد لقائه مع دي ميستورا، الذي يزور دمشق للتباحث حول خطّته الهادفة إلى وقف أعمال العنف في مدينة حلب، «هو تحدّث عن إدارة ذاتية في شرق حلب، وقلنا له إنّ هذا الأمر مرفوض جملة وتفصيلاً»، وأضاف: «هل يُعقل أن تأتي الأمم المتحدة لتكافئ الإرهابيّين».
وكان دي ميستورا اقترح في مقابلة أجراها في بداية الأسبوع الماضي مع صحيفة الغارديان البريطانية، بأن تعترف الحكومة السوريّة بالإدارة التي يُقيمها المقاتلون في الأحياء الشرقيّة لمدينة حلب، الخاضعة لسيطرتهم منذ صيف 2012.
دي ميستورا أوضح أنّه لا يقترح حكماً ذاتياً في حلب، بل «ألّا يكون هناك تغيير جذري للإدارة شرق المدينة، حتى يكون لدينا حلّ شامل». وقال: «يجب السماح للإدارة المحلية في شرق حلب بالاستمرار إذا غادر المتشدّدون المدينة».
وقال المبعوث الدوليّ بعد ظهر أمس، إنّ نقاشاته مع الوزير المعلم كانت مفيدة ومكثّفة ووفّرت فرصة لنقاش واضح ومثمر. وأضاف: «ناقشنا إخلاء الجرحى وتأمين مرور المواد الطبيّة والغذائيّة لأحياء حلب الشرقية».
كما أشار إلى أنّه ناقش والمعلم الحوار السوريّ – السوريّ، موضحاً أنّ الأخير سأل متى يمكن إعادة هذا الحوار، لأنّ الحكومة السورية جاهزة.
وكان وزير الخارجية السوري وليد المعلم قال في المؤتمر الصحافيّ، إنّ الحكومة السوريّة قدّمت ثلاث فرص من خلال هدن متتالية لخروج المرضى والجرحى من شرق حلب، متّهماً المعارضة المسلحة بمنع دخول المساعدات إلى المنطقة نفسها.
المعلم قال إنّه كلّما عجّل المسلّحون بالخروج من حلب، «نحن نضمن لهم الوجهة التي يودّون التوجّه إليها».
وحول الحوار السوريّ السوريّ، أكّد المعلم أنّ المبعوث الأمميّ الخاص إلى سورية ستافان دي ميستورا «لم يحدّد موعداً لإعادة إطلاق الحوار».
ولم تلمس الحكومة السوريّة شيئاً من دي ميستورا يساعد على استئناف الحوار السوري، بحسب المعلم الذي اعتبر أنّ المبعوث الأممي «ربما ينتظر إدارة أميركيّة جديدة أو أميناً عاماً للأمم المتحدة للتحرّك».
المعلم رأى أنّه «لا بديل عن دور للأمم المتحدة في سورية»، لكن بشرط أن «تحترم سيادة أعضائها»، في حين تؤيّد دمشق الحوار السوريّ – السوريّ سواء داخل البلاد أو في جنيف «من دون تدخّلات خارجية».
وتدفع الحكومة السوريّة «دائماً باتجاه الحلّ السياسي»، وفق المعلم الذي أعلن أنّ دمشق ترحّب بأيّ سوريّ يرغب بالعودة «حتى وإن غادر بطريقة غير مشروعة».
وزير الخارجية السوري رأى أنّ واشنطن «تستخدم العنصر الكرديّ في المرحلة الأولى» قبل الوصول إلى الرقة، حيث ستشرع بعدها باستخدام العنصر التركيّ، مجدّداً رفض بلاده بقاء أيّ جندي تركيّ على الأراضي السوريّة.
وردّاً على سؤال حول ما إذا كان هناك تفاهمات سريّة مع موسكو، نفى المعلم ذلك، قائلاً إنّه «لا تفاهمات غير معلَنة مع الروس عسكريّاً وسياسيّاً».
وحول المعركة الدائرة في الموصل لطرد «داعش»، قال المعلم إنّ هناك مصالح مشتركة بين الجيشين العراقيّ والسوريّ حول عدم تسرّب التنظيم بين البلدين، معتبراً أنّ المتغيّرات الدوليّة تتسارع، و«نأمل أن يكون هناك جهد حقيقيّ لتحرير الرقة».
وحول الإدارة الأميركيّة المقبلة برئاسة الرئيس المنتخب دونالد ترامب، قال المعلم: «ما تريده دمشق من الإدارة الأميركية الجديدة هو لجم الدول التي تدعم الإرهاب».
وقال وزير الخارجية السوريّ، إنّه من السابق لأوانه الحكم على السياسة التي سيتبعها الرئيس ترامب بشأن الحرب في سورية، معبّراً عن أمل دمشق في أن يضع ترامب نهاية لدعم الجماعات المسلّحة ويكبح القوى الإقليميّة التي تساندها.
وصرّح المعلم: «ما نريده من الإدارة الأميركية القادمة ليس وقف المجموعات الإرهابيّة، بل لجم الدول الإقليميّة المعروفة بدعمها لهؤلاء».
وبعد سؤال صحافيّ مصريّ للمعلم عن العلاقات المصرية السورية، قائلاً: «هل وصل القطار السوريّ – المصريّ إلى المحطة المأمولة؟»، أجاب وزير الخارجية السوري إنّ الخطاب المصري باتجاه الأزمة السورية أحرز تقدّماً، «لكنّه لم يصل بعد إلى ما نتوقّعه».
وقال المعلم، إنّه «من دون شك، مَن يقارن الخطاب السياسي المصري اليوم بما كان عليه من قبل، يستطيع أن يلمس تقدّماً في هذا الخطاب»، وتابع: «لكنّ هذا لم يصل بعد إلى محطة الأمان التي نتوقّعها وما زلنا».
وقال وزير الخارجية السوريّ: «مصر العظيمة بشعبها وجيشها لا يمكن أن تقف موقف المتفرّج على ما يجري في سورية»، مضيفاً «وكذلك سورية، التي لا يمكن إلّا أن تتعاطف مع مصر وجيشها في محاربة الإرهاب في سيناء».
وختم المعلم إجابته على هذا السؤال: «بقي قفزة صغيرة وتعود الأمور إلى طبيعتها».
ميدانيّاً، وبعد الانتكاسات الأخيرة التي تعرّضت لها التنظيمات الإرهابية على محور حلب من قِبل الجيش السوريّ وحلفاؤه، أقدمت هذه التنظيمات صباح أمس على ارتكاب مجزرة مروّعة بحقّ التلاميذ الأطفال، وذلك في قصف مدفعيّ لمدرسة الفرقان المحدثة للتعليم الأساسي، مصدره الأحياء الشرقيّة لمدينة حلب، وقد سقطت إحدى القذائف داخل أحد الصفوف لدى تواجد التلاميذ فيه، ما أدّى لارتقاء 8 أطفال وإصابة أكثر من 27 آخرين.
وتعرّضت المدرسة الواقعة في المناطق الآمنة لقصف بصاروخ، حسب وكالة الأنباء السوريّة الرسميّة «سانا»، مشيرةً إلى أنّ عدد الشهداء 10 أشخاص، بينهم 7 سبعة أطفال.
ونقلت «سانا» عن مصدر بالشرطة السورية، قوله إنّ 23 شخصاً على الأقل أُصيبوا في القصف على المدرسة الواقعة في حيّ الفرقان.
وقال نشطاء، إنّ ما يُسمّى بـ«المعارضة المسلّحة» هي التي أطلقت الصاروخ، وأشاروا إلى أنّ عدد الشهداء ارتفع في غرب حلب، باستشهاد الأطفال السبعة، خلال اليومين الماضيين إلى 13 مدنيّاً، بينهم تسعة أطفال.