هل تستعيد قطر دورها في لبنان؟
محمد حمية
لا يشبه الدور القطري في لبنان راهناً ما كان عليه منذ ما قبل العام 2006 حتى اندلاع الحرب السورية عام 2011. المرحلة الذهبية التي اتسمت بها العلاقات اللبنانية – القطرية تجلت بأبرز محطاتها في زيارة أمير قطر السابق حمد بن خليفة وزوجته موزة الى بيروت وتفقده مشاهد الدمار في الضاحية الجنوبية غداة عدوان تموز برفقة الرؤساء إميل لحود ونبيه بري وفؤاد السنيورة، والإسهام بإعادة إعمارها، ولاحقاً في رعاية قطر لاتفاق الدوحة الذي أنتج انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية عقب أحداث السابع من أيار عام 2008.
لم تنقطع العلاقة بين قطر والحكومات اللبنانية المتعاقبة بعد الحرب التي شنّت على سورية بدعمٍ وتمويل خليجي، لكنها ساءت الى حدّ كبير مع قوى سياسية رئيسية منها حزب الله ما انعكس سلباً على دورها في لبنان. إلا أنّ انفجار الحرب السعودية اليمنية والمواقف التي اتخذها حزب الله ضدّ المملكة دفعت دول الخليج الى اتخاذ إجراءات عقابية بحق الحزب لتطاول لبنان حكومة وشعباً وصلت الى قطع العلاقات التجارية والسياحية.
فور انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، والتحوّلات التي شهدتها المنطقة وانتصارات محور المقاومة في سورية واليمن والعراق شهد لبنان انقلاباً في المواقف الخليجية وانفتاحاً مفاجئاً تجلى من خلال الزيارات السعودية المتتالية ثم القطرية الى بيروت، فحط أمير مكة خالد الفيصل الإثنين الماضي موفداً من القيادة السعودية في بعبدا وسلّم الرئيس عون دعوة لزيارة المملكة، تلاه أمس الأول وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الذي سلّم الرئيس عون أيضاً دعوة مماثلة من أمير قطر تميم بن حمد.
فهل تستعيد قطر دورها الذي فقدته في لبنان في ظلّ المحاولات السعودية الحثيثة لقطف ثمرة انتخاب رئيس الجمهورية واستعادة الورقة اللبنانية وتقدّم الدور الإيراني بعد زيارة وزير الخارجية محمد جواد ظريف التي كانت الأولى الى بعبدا بعد الموفد الرئاسي السوري؟
لا شك أنّ الدور الخليجي تراجع في لبنان بشكلٍ واضح ما بعد الأحداث السورية والحرب السعودية على اليمن، والدول الخليجية حاولت أن تعاقب لبنان على مواقف حكومته في المنظمات العربية والاسلامية لكن ارتدّت عليها سلباً، وعندما تراجع الوهج الخليجي في لبنان انحسر معه الدور القطري، أما الآن بعد الانفتاح السعودي المفاجئ على لبنان مع انطلاقة العهد الجديد، فإنّ حظوظ عودة قطر للعب دورٍ بارز في لبنان تعترضه عقبات عدة ولو أنفقت الأموال، فلن تعود كلمة «شكراً قطر» التي كتبت على اللافتات بعد عدوان تموز، بعد أن افتضح الدور القطري التخريبي في سورية، فلا يمكن لقطر أن ترعى الإرهابيين في سورية وتُحتضن في لبنان، والأمر نفسه ينطبق على السعودية، بحسب ما تقول مصادر مطلعة في 8 آذار لـ»البناء»، والتي أشارت الى أنّ «أبواب الضاحية مغلقة أمام عودة قطر للعب دور فاعل على الساحة الداخلية ولن يعود شهر العسل الذي جمع القيادة القطرية بحزب الله وجمهور المقاومة. وترى المصادر تضخيماً للعلاقة بين الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وأمير قطر الحالي والتي لن تنتج مهما بلغ عمقها مفاعليل سياسية كبيرة على الساحة اللبنانية».
وتشدّد المصادر على أنّ زيارة الرئيس عون الى السعودية والى قطر لم تحسم بعد وإنْ وعد بتلبيتها كرئيس للجمهورية، لكن أيّ زيارة الى الدولتين مشروطة بظروفها وكيفية اختيار الوفد الوزاري المرافق، وتسأل المصادر: ماذا لو طلب عون تشكيل وفد وزاري يضمّ حزب الله بينما قطر والسعودية تصنّفان الحزب على لائحة الإرهاب، وتسأل أيضاً هل سيلبّي عون الدعوتين وقطر والسعودية تطلقان مواقف عدائية ضدّ مكون لبناني كان له الدور الأبرز في انتخاب عون؟
وتؤكد المصادر ثقة فريق 8 آذار بالرئيس عون لا سيما في السياسة الخارجية والخيارات الاستراتيجية وأنه لا يخضع للشروط أو الإملاءات الخارجية، متحدثة في الوقت نفسه عن تساؤلات لدى حزب الله حيال زيارات المسؤولين الخليجيين الى لبنان وإظهار أدوارها المضخمة في التسوية الرئاسية وقطف إنجازات اللبنانيين ومحاولة استعادة لأدوار سابقة.
وإذ لفتت الى أن لا ثقة بدور قطر على صعيد استعادة العسكريين المخطوفين لدى تنظيم داعش، جزمت بأن استعادة قطر لدورها في لبنان دونها صعوبات كبيرة.