السعودية والولايات المتحدة
حميدي العبدالله
توقعت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية توتراً جديداً في العلاقات السعودية الأميركية، ولكن هذه المرة التوتر يأتي في سياق غير سياسي.
المسائل التي أدّت إلى توتر العلاقات الأميركية – السعودية في ولاية الرئيس باراك أوباما الثانية تدور حول «الملف النووي الإيراني»، و«المسألة السورية»، وحتى الوضع في العراق.
عارضت حكومة المملكة العربية السعودية الاتفاق النووي الإيراني، وكانت تأمل أن تواصل الولايات المتحدة سياسة المواجهة وفرض العقوبات على إيران، بل كانت تتمنى أن تقوم الولايات المتحدة بتوجيه ضربات عسكرية إلى إيران، لكن واشنطن بدلاً من ذلك، وبعدما ساهمت في توريط السعودية بالذهاب بعيداً في مواجهة إيران عقدت صفقة معها من دون أن تأخذ بعين الاعتبار انعكاس كلّ ذلك على مصالح المملكة العربية السعودية.
حول سورية كانت الرياض تحرّض باستمرار على قيام الولايات المتحدة بعمل عسكري مباشر ضدّ الجيش السوري، ومنذ أن رفضت إدارة أوباما فكرة مهاجمة سورية عبر الجيش الأميركي في خريف عام 2013 كالت الرياض الاتهامات إلى إدارة أوباما بالسرّ والعلن، وتراصفت إلى جانب نقادها الأميركيين في الحزبين الجمهوري والديمقراطي، الأمر الذي أثر سلباً على العلاقة بين إدارة أوباما وبين حكومة المملكة العربية السعودية.
في العراق عارضت السعودية بقوة الدعم الأميركي لحكومة العبادي الذي بنظرها لا يزال ينتهج سياسات لا تختلف عن سياسات نوري المالكي، إنْ لجهة علاقته الإيجابية مع إيران، أو لجهة تشريع الحشد الشعبي الذي توجّه له الرياض اتهامات كثيرة.
الخلاف بين واشنطن والرياض حول هذه القضايا وقضايا أخرى هو الذي دفع جهات داخل الولايات المتحدة للعمل على تمرير قانون «جاستا» الذي يتهم حكومة المملكة العربية السعودية بالوقوف وراء هجمات 11 أيلول 2001 ويسمح لذوي ضحايا الهجمات بمقاضاتها.
لا يبدو أنّ الخلاف بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة سوف يبقى في هذه الحدود، بل إنّ ثمة قضايا أخرى توحي بتصاعد التوتر بين واشنطن والرياض، ومن بين هذه القضايا وصول دونالد ترامب إلى سدة الرئاسة، إذ من المعروف أنّ ترامب وجّه انتقادات حادّة للمملكة العربية السعودية، وكان المسؤولون في المملكة يفضلون مجيء هيلاري كلينتون، وبديهي أنّ إدارة ترامب لن تتساهل إزاء السعودية.
أما القضية الأخرى فهي ما يُعرف بنفط الرمل الصخري. معروف أنّ الولايات المتحدة تراهن على إنتاج هذا الصنف من النفط، واستثمرت مليارات الدولارات وأوجدت آلاف فرص العمل جراء ذلك، ولكن انخفاض أسعار النفط دون 40 دولاراً للبرميل يهدّد إنتاج النفط الصخري، ويهدّد بإفلاس الشركات وتشريد عشرات آلاف العاملين في هذا القطاع، والسعودية ستكون مطالبة من قبل الإدارة الأميركية الجديدة بخفض إنتاجها، لكن كما تقول صحيفة «الفايننشال تايمز» إنّ خفض الإنتاج «بمعدل مليوني برميل يومياً لن يسمح للمملكة إلا بتصدير كمية لا تزيد على 4.5 ملايين برميل يومياً» وبديهي أنّ عائدات ذلك لن تكون كافية لتغطية الإنفاق الهائل في المملكة.