إلى الغول التركي
اياد موصللي
بهذا خاطب أنطون سعاده الأتراك في مقال نشره في جريدة النهضة العدد 33 في 20/11/1937 في مثل هذه الأيام، ومما قاله لهم ذلك الوقت يصلح أن يُقال اليوم:
«… وإذا كان الأتراك يعتقدون بأنّ سكوت الأمة العجيب النادر عن مصالحنا في اللواء الشهيد يشجّعهم على الطمع، بكلّ قضية من قضايا الأمة الحيوية فقد خاب اعتقادهم.. لأنّ الدور الذي تمثّل على مسرح الاسكندرون في حالة ضعف واعتباط حكام لن يمثل مرة أخرى على مسرح أية مصلحة من مصالح البلاد القومية…».
وما أشبه اليوم بالأمس، وكم كان فيها من تنبّؤ هذه الكلمات التي قالها زعيم النهضة القومية الاجتماعية منذ 79 سنة: «إنّ الدور الذي تمثل على مسرح الاسكندرون في حالة ضعف واعتباط حكام لن يتمثل مرة أخرى على مسرح أية مصلحة من مصالح البلاد القومية».
وبهذا القول والمعنى نفسيهما خاطبت الحكومة السورية والحكومة العراقية أردوغان عندما فتح فمه لإشباع شهيته من التراب السوري والأرض السورية: في الشام والعراق.
«أخرج من بلادنا وعد إلى بلادك». لقد أراد انتهاز فرصة خلقها وأنعشها عبر عصابات الإرهاب ترفع راياتها على الأرض السورية والعراقية وتعيث هدماً وقتلاً وإفساداً ليجد له بعد ذلك معبراً يحقق من خلاله أحلاماً دفنت في بطن التاريخ… ويحلم بالعلم التركي يرفرف فوق حلب والموصل!!
ليست هنالك أية صلة جغرافية أو إنسانية وسياسية تربط المنطقة بالأتراك وكلّ العلاقات والصلات التي نشأت في السابق كانت وليدة السيطرة العثمانية، حيث كانت العلاقات دينية لا قومية ولا جغرافية. الاسكندرون… لواء سوري وهو الميناء البحري لمحافظة حلب او ولاية حلب في العهد العثماني. سكان اللواء سوريون من أصول عربية كردية أرمنية شركسية ولا تزيد نسبة الأتراك أو العنصر التركماني فيه عن الثلاثين في المئة… وتتبع للواء الاسكندرون منطقة انطاكية. وهي تاريخياً مقر بطريرك انطاكية وسائر المشرق رأس الكنيسة البيزنطية والسريانية… كانت ولا تزال. انقطعت صلة السلطة العثمانية بهذه المنطقة بعد الانتداب الافرنسي حيث اعتبر بموجب اتفاقية سايكس بيكو لواء الاسكندرون تابعاً لحلب، وهذه المنطقة جزءاً من سورية. وفي عام 1920 اعترفت الدولة العثمانية قبل سقوطها بموجب اتفاقية سيفر بعروبة هذه البلاد، بما فيها الاسكندرون وأضنة ومرسين وتوابعهما. وفي العام 1923 وقّع مصطفى كمال معاهدة لوزان تنازل بموجبها عن الأراضي غير التركية التي كان يحتلها ويحكمها الأتراك. وفي عام 1939 وبموجب مؤامرة بين فرنسا وحكومة تركيا بقيادة رئيس الجمهورية مصطفى كمال. ضمّ لواء الاسكندرون الى تركيا ثمناً لضمان انضمامها الى جانب الحلفاء في الحرب العالمية الثانية.. رغم جميع المعاهدات والاتفاقات الدولية التي حدّدت الحدود الجغرافية للدولة السورية. وحاولت تركيا أن تمدّ يدها إلى حلب لضمّها مع ما استولت عليه فلم توافق الدول، وحاولت الأمر نفسه في الموصل فلم تفلح. وبعد زوال السلطة العثمانية أعيدت الموصل الى العراق عام 1925 بموجب قرار عصبة الأمم المتحدة وأصبحت جزءاً من المملكة العراقية عام 1932 وضمّت تركيا لواء الاسكندرون إليها بموافقة فرنسا وتخاذل حكومة جميل مردم بك الشامية.
واليوم يطالب مسيلمة الكذاب أردوغان بإلغاء معاهدة لوزان! أيّ إعادة البلاد التي كانت تحكمها الدولة العثمانية التركية باسم الدين الى سلطة تركيا وخاصة حلب والموصل… ومن أجل هذا رفع راية الإسلام، ومن أجل هذا جعل بلاده ممراً ومستقراً ومموّناً وداعماً لداعش والنصرة وأخواتهما من عصابات الإرهاب…
وتحت ذريعة محاربة الانفصاليين الأكراد وتمدّدهم نحو بلاده عبر الحدود السورية اجتاز الحدود لمحاربة الأكراد تحت راية «درع الفرات» واستخدم جيش الانكشارية الجديدة ستاراً لأطماعه… وكلما وجد صبراً وطول بال من السوريين ظنّ ذلك ضعفاً شجّعه على الاستمرار والتقدّم… وأراد دخول صدر الدار فاقترب من الباب… وتلقّى الجواب…
وأعلنت سورية بوضوح: أيها الأتراك عودوا إلى بلادكم… فسورية اليوم وعي ونضوج وطني وإرادة حرّة وتجذّر قومي بين الشعب وأرضه، وحرص أمين من السلطة على ترابها ومائها وسمائها وشعبها…
اذكروا اسكندرون وكيليكيا وانطاكية واذكروا الوطن السليب… اذكروا فلسطين…
عُد أيّها التركي إلى بلادك، فبشار الأسد ليس جميل مردم بك…