مؤتمر أصدقاء سورية الجديد
في مؤتمر مكافحة «داعشتان» حشد الاميركي المشاركين، فإذا بهم نسخة طبق الأصل عن مؤتمر أصدقاء سورية المعروف…
الحاضرون أنفسهم… الغائبون أنفسهم… الإعلام نفسه والخارجون بالبيان الختامي أنفسهم.
كيري والفيصل أطلّوا للإجابة على استفسارات وأسئلة طرحت عليهما، تكاد تكون أكثر إحراجاً مما كانوا يتخيّلون، لا أجوبة واضحة ولا مقنعة، ماذا بعد المؤتمر؟
بعد المؤتمر، فرنسا هولاند، حاضرة دوماً بحسب التنسيق الأميركي المعهود معها، فالولايات المتحدة تحشد وتجمع الأموال وتقطف ريادة المشهد الدولي في قيادة «عالم أكثر إنسانية»، وفرنسا تبادر لتطبيق وتسويق ما تمّ التوصل إليه «شفهياً».
فمن المقرّر أن يستضيف هولاند الرئيس العراقي الاثنين المقبل في باريس حيث سيترأس معه مؤتمراً حول «السلام والأمن» في العراق، وعليه يبدأ العمل الجدي لتطبيق مقرّرات مؤتمر مكافحة «داعش».
تركيا قالت إنها لن تشارك في أيّ عمل عسكري، ومصر بالتاكيد لا تستطيع، أما الأردن المتوجّس من انكشاف أمن نظامه أمام خصومه داخلياً قبل الخارجيين، ليس لديه القدرة على المشاركة في هذا التحالف الدولي عسكرياً، والأمر نفسه ينطبق على إمكانية مشاركة السعودية بقوات خاصة، أما بالنسبة للعراق، البلد المعنيّ، فقد أعلن كيري صراحة أنّ الجيش العراقي يحتاج الى عملية تسليح وتدريب جديدتين، وفي هذا إشارة إلى أنّ تأهيل الجيش العراقي يحتاج أقله إلى نحو سنة، كما يحتاج إلى متبرّعين ومتموّلين ومساهمين، ويؤكد ان الولايات المتحدة ستحرص على تأمين ذلك.
وبالنظر إلى كلّ هذا المشهد يحضر السؤال الأساس: ما هي وظيفة هذا المؤتمر الدولي؟ وكيف سيتمّ القضاء على «داعش» عملياً؟
يستطيع المتحالفون في المحصّلة منع تمدّد «داعش» بواسطة القصف الجوي، أيّ عبر تأمين زنار نار يمنع تمدّده، لكن الضربات الجوية لا يمكن لها القضاء على مثل هذه المجموعات، وهذا ما أكده الجنرال مارتن ديمبسي الذي يبدو أنه أزعج أوباما الذي لم يعرض خدمات بلاده ورؤيتها الواقعية وفق تقارير الاستخبارات والجيش الاميركيين كما وصلته، مكتفياً باعتبار انّ الضربات الجوية تؤدّي النتيجة مع التأكيد أنّ القضاء على الإرهاب قد يحتاج الى سنوات ثلاث او ربما أربع، في محاولة لإتمام ولايته من دون تذكيره بوعود فاشلة كان قد قطعها.
إذن… التاريخ يعيد نفسه… فمؤتمر مكافحة «داعشتان» نسخة طبق الأصل عن مؤتمر «أصدقاء سورية»، مؤتمر لم يقدّم لسورية أو يؤخر، ويبدو أنه لن يقدم أو يؤخر للعراق، والفائدة وحدها تجيّر لمصارف الغرب وفي طليعتهم الولايات المتحدة التي تبحث عن مصادر لسدّ عجز خزينتها، حيث يمثل العراق اليوم وحجة مكافحة الإرهاب فيه أهمّ مخرج لتشغيل الآلة الصناعية وتحريك الدورة الاقتصادية المجمّدة في اميركا، فتتحقق الوظيفة الأهمّ من المؤتمر بمشاركة وتمويل خليجيّين ليتبعها بيع السلاح للقصف الجوي مع الوظيفة الأهمّ قطف المشهد الدولي إعلامياً.
حول سورية اجتمعوا، وحول العراق كذلك، والواقع أنه من دون ان يخترق هذا التجمّع المنسوخ اي تغيير في الموقف عبر دخول الدول المعنية مباشرة بجيرة العراق وبمكافحة الارهاب طوال نحو أربع سنوات كسورية، وبدون إلزام اليد التركية على التعاون الجذري في هذا الملف، فإنّ هذا المؤتمر لا يوضع سوى في إطار الاستعراض والتسابق على سلب أموال شعوب المنطقة من قبل الغرب عن طريق مساعدتهم في القضاء على إرهاب أرهقهم وأذاقهم الويلات…
انه مؤتمر أصدقاء سورية بنسخته الجديدة…
روزانا رمّال ـ «توب نيوز»