عشق الصباح

تتعب من الذاكرة أم هي الذاكرة أتعبها الحزن المسكون في تلافيفها كأنه هي؟

قد تصاب المخيلة بالوجع حالها كحالي، أيّ شيء يوجعها يوجعني.

كلّما رأيت وجهك أرتبك! في محراب البوح ثمة تفاصيل لا تُحكى، ذات مطر تركتني وحيداً أفتش عن أيّ كلمة أكتبها في غيابك المرّ، على كتف الوادي كان يبدو شجر الزيتون غابة فطرية، هذا الجمال الطبيعي يُدهش حيث تشرق الشمس مشتاقة لهذه الروعة من الخلق.

جبال شامخة، قمم السنديان تتعشق الغيم البحري الممطر، كما تُلحف حرّ الصيف بالندى والرطوبة والغمام، سفوح من الاخضرار مفروشة بأضرحة الشهداء والريحان والورد الجوري والأقحوان والدموع والآهات والمواويل واللوعة والذكريات. كم تؤلمك تفاصيل الوداعات والفقد والحبّ. وبحر على اتساع الماء المالح يغريك إليه. ولغة ألوان اللازورد والنوارس والمرافئ والسفن والبحارة.

كلّ شيء يضجّ بالحياة في وحدتك هنا. يخلع عليك المكان طهر بردته الأرجوانية المباركة. فتسمو روحك إلى اليقين. أسئلة حائرة كيف تحتكم بالذاكرة؟

ان منطق التاريخ يؤكد على دور هوية المكان والإنسان والطبيعة لتستعيد الحياة ذاتها، تتمسك الأرض بالأشجار كأن الشجر أبناؤها.

وتتمسك الأشجار بالأرض الأم. كي لا تزلزل زلزالها فيعمّ الخراب. هنا، حيث لا أحد إلّاك، محراب توبتي وصلوات عشقي وتلهفات شوقي ومجمرة يعبق منها البخور والهال وتراتيل عميقة الخزن كالتاريخ. سماء تشرين تمطر في ليل الحكايات، وخلف النافذة ضوء شحيح، المطر يغسل وجه الصباح.

ليتني أستطيع النسيان!

غبّ الكأس السابعة، هات اسقينها سبعاً من العشق وما ارتويت. امتد الليل، الغرفة باردة والمطر غزير والريح مجنونة، دعيني أحتفي بوجعي. هذا الطيف المشتهى لا يغادر المكان.

كلما جاء المطر تأخذني فيروز بأغانيها الشفيفة إليك. كنت أريد أن تكون حياتنا تشبه الروايات والقصص والحكايات. تركتيني للصمت.

قالت: كلما أمطرت سماء تشرين وسمعت صوت فيروز… اذكرني!

يا إلهي، هذه سماء تشرين تُمطر وفيروز تغنّي والقهوة المرّة وعطر الهال وطيف وجهك يسكن الأمكنة والذاكرة.

هنا في وحدتي، كل الأشياء الحميمة تأخذني إليك!

حسن ابراهيم الناصر

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى