النهوض القومي على قاعدة الرؤية…

النهوض القومي على قاعدة الرؤية…

د. زهير فياض

وسط التطورات والأحداث الجسام التي تمرّ بها بلادنا وفي خضمّ الحراك الذي يأخذ أشكالاً مختلفة ومتعدّدة ومتشعّبة ومعقدة في آن، يُطرح كمّ هائل من إشكاليات في الهوية والانتماء، ومسائل الوحدة والتقدّم والنمو والتنمية، والفكر والدين والسياسة، والمقاومة وإعادة البناء وحماية الوجود، ويتمّ استيلاد إشكاليات متتالية لا متناهية في مسار تصاعدي ومتواصل.

لذا السؤال: هل يستطيع مجتمع كهذا أن يواجه كلّ هذه الإشكاليات وما تمثله من تحديات من دون أن يمتلك قاعدة فكرية تقارب هذه الموضوعات على ضوء معطيات العقل، وتؤسّس لرؤية مشتركة تضع خارطة طريق للنهوض؟

سؤال يمتلك مشروعيته في الواقع، وتتفرّع منه مجموعة أسئلة لا بدّ من الإجابة عنها، أو على الأقلّ التفكر فيها لتلمّس بدايات حلول.

هل الجذرية في مقاربة المسائل هي نقطة ضعف؟ أم هي نقطة قوة قد تشكل مخرجاً نظرياً لمجتمع تحاصره تسويات تستولد تسويات، وتعطّل الحلول؟

هناك مَن يطرح المسائل من زاوية مختلفة فيتحدّث عن نسف التجربة من الأساس عندما تفشل في التطبيق، وينسف الأساس النظري الذي قامت على أساسه التجربة نفسها، هل هذه المقاربة كافية؟

ما هو مؤكد أنّ الفكر النهضوي ليس ماضوياً، بل هو راهني ويشكل حاجة وسبيلاً للنهوض.

المشروع القومي بطبيعته شمولي في الفكر والممارسة، لأنه يقارب المجتمع من زاوية فسيفساء تكوينه القومي الاجتماعي المتنوّعة والمتعدّدة والتي تشمل في أحد جوانبها الروحية المسألة الدينية، وتطال في جوانبها المادية المسألة الاجتماعية والفكر الاجتماعي الاقتصادي في حقوله المختلفة.

لذا لا مفرّ من الإجابة على أسئلة بسيطة تتمحور حول الفكر القومي الاجتماعي لقياس راهنيته. وقياس الراهنية نفسها لا يتمّ بمعزل عن الربط المتواصل والمستدام بين النظرية والواقع والتطورات والأحداث والمستجدات في الداخل والخارج.

الخلاصة المستقاة – عكس ما يعتقد البعض – تفيد أنّ القومية الاجتماعية هي رؤية متقدّمة وحقيقة وسط المتغيّرات.

خريطة تموضع الأمم والشعوب على مساحة الكوكب هي خريطة تموضع قومي بامتياز يتجاوز كلّ التنظيرات حول العولمة والقرية الكونية الواحدة في منطق المصالح.

المسألة القومية حيوية وتشكل محور استقطاب حقيقي وعنصرَ فعل في الحراك العالمي، وعلى قاعدتها الصلبة تشيد عمارات الحضارة العالمية.

الجذرية تنطلق من الشمول في الرؤية وصولاً الى صياغات تفصيلية لخطط مرحلية تتناول جوانب، ولكن تنشدّ دائماً الى الأصول!

الحداثة نفسها لا تلغي الماضي بل تبني عليه، والعصرنة تقرأ في كتاب الماضي لتضع رؤيتها التحديثية الجديدة.

باختصار، مشروعنا القومي يعود إلى المنابع والأصول في خطته النظامية المعاكسة.

عميد في الحزب السوري القومي الاجتماعي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى