هل حقق الردّ الأميركي على تحرير حلب أهدافه؟

حميدي العبدالله

من المعروف أنّ الولايات المتحدة سعت للردّ على تحرير حلب من خلال ثلاثة محاور، تحريك جبهة تدمر، وجبهة الباب، وجبهة الرقة.

الذي حصل أنّ جبهة تدمر قد حققت أهدافها، أيّ تمكّن داعش من السيطرة على المدينة وحقول النفط والغاز، وتمكّن أيضاً من رفع معنويات القوى المعادية واحتواء التداعيات السلبية على حلفاء الولايات المتحدة نتيجة لتحرير حلب، وأثر على معنويات المؤيدين للدولة السورية وشوّش على انتصار الجيش وحلفائه في هذه المعركة الكبرى والمصيرية.

ولكن في الجبهات الأخرى كان الأمر مختلفاً. على جبهة الباب لم يحقق الهجوم التركي أيّ تقدّم يذكر، وما تحقق في الساعات الأولى سرعان ما تبدّد في الهجوم المضادّ الذي شنّته داعش، ويبدو أنّ سيناريو تسليم داعش مدينة الباب إلى تركيا على غرار ما حصل في جرابلس لم يتكرّر هذه المرة لأسباب غير معروفة تتصل بطبيعة العلاقة بين داعش وتركيا، حيث لم تسهّل داعش هذه المرة مهمة القوات التركية.

الولايات المتحدة أوقفت عملية الرقة بعد ساعات قليلة من الإعلان عن استئناف هذه المعركة، وعلى الرغم من أنه منذ البداية كان واضحاً أنّ معركة الرقة ليست جدية بالنسبة للولايات المتحدة، لأنّ إرسال 200 عسكري أميركي من القوات الخاصة غير كافٍ لخلق موازين قوى تساعد على استئصال داعش من مقرّه الرئيسي، إلا أنه كان هناك عامل إضافي دفع الولايات المتحدة إلى تجميد أيّ عمل في مواجهة داعش في محافظة الرقة، لأنّ أيّ ضغط جدّي ضدّ هذا التنظيم الإرهابي، مهما كان مستواه وحجمه قد يربك معركة داعش ضدّ الجيش السوري في تدمر ويؤثر على زخم هجومه، ولهذا لم تقم واشنطن وحلفاؤها بأيّ هجوم جدّي يفرض على داعش وضع قوات إضافية لمهاجمته، بل إنّ تجميد أيّ عمل باتجاه الرقة سمح لداعش بإرسال تعزيزات إلى جبهة تدمر، وأكد من جديد أنّ الولايات المتحدة لا تريد القيام بأيّ عمل ضدّ داعش، إذا كانت انعكاسات هذا العمل قد تصبّ في مصلحة الدولة السورية. بهذا المعنى يمكن الاستنتاج بوضوح أنّ النجاح الوحيد الذي حققته الولايات المتحدة في الردّ على تحرير حلب هو النجاح الذي سجله تنظيم داعش على جبهة تدمر، وهو نجاح لداعش وليس للاستراتيجية الأميركية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى