الحكومة … التوسيع وإعادة التوزيع

هتاف دهام

حرّك نبأ الإعلان عن زيارة الرئيس المكلف سعد الحريري رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمس، الركود الحكومي من دون أن يرتقي إلى حدّ الاتفاق على تشكيلة حكومية ناضجة. لم يكسر رتابة المشهد عند الصحافيين المعتمدين في القصر الجمهوري، لعلمهم أن لا تشكيلة نهائية في جعبته. زيارته لم تكن أكثر من تشاورية.

أضفى كلّ ذلك، أجواء تشاؤمية عند الإعلاميين بأنّ الأمور عادت إلى نقطة الصفر مع بروز عقدتي التوسيع وإعادة التوزيع. تشاؤم ترافق مع عبقة سوداء جراء حريق نجم عن احتكاك كهربائي في مغارة الميلاد بالقصر، لكن سرعان ما بدّدت الأقطاب المعنية بالطبخة الوزارية الأمر بتأكيدها أنّ المفاوضات ليست سلبية.

ذُلّلت العقد الأساسية، والأخرى ليست مستعصية عن الحلّ. إذ يجري العمل راهناً على تجزئة بعض الحقائب لإرضاء المعترضين على إسناد وزارات دولة لهم حزب الكتائب .

حمل الرئيس المكلف سعد الحريري إلى قصر بعبدا صيغتين، واحدة ثلاثينية وواحدة أربعة وعشرينية. خرج مكتفياً بالقول: الأمور لا تزال بحاجة إلى المزيد من المشاورات لتؤكد مصادر القصر الجمهوري، أنّ مجموعة المطالب المرفوعة من القوى المعنية بالتشكيلة تحتاج إلى مزيد من الاتصالات. يعني ذلك أنّ الشيخ سعد أسقط اعتراضه على صيغة الثلاثين، لأنّ المعلومات المؤكدة أنّ رئيس الجمهورية لم يكن يمانع أن تكون الحكومة من ثلاثين وزيراً، في المقابل كان الرفض الحقيقي لمثل هذه التشكيلة من بيت الوسط.

بدا بالاستناد إلى تعليق النائب ابراهيم كنعان أول أمس، بعد اجتماع التغيير والإصلاح أنّ هناك انزعاجاً عونياً من طريقة تعاطي الوزير سلمان فرنجية مع الإيجابية الرئاسية. لكن المصادر العونية عادت وحسمت أمرها وانسجمت مع مخرج إسناد وزارة الأشغال إلى ممثل عن بنشعي، وستكون بمعية الرئيس نبيه بري. لا يريد رئيس العهد الجديد إقصاء أحد. أما حساسية تصريح فرنجية السياسية من بكركي، فصحيح أنّها تركت انزعاجاً برتقالياً، لكن الاستياء لم يصنّف ضمن المواقف التي تؤدّي إلى نسف التأليف.

المشهد العام مشهد إيجابي ومنطقي. توحي الصورة الكلية للحكومة أنها ستشكل قريباً، وإنْ كان ضغط فريق 8 آذار على التحوّل إلى حكومة ثلاثينية حزب الله كان الداعي الأول إلى صيغة كهذه فرض شيئاً من التريّث لجهة إعادة توزيع الحقائب.

وإذ كانت ثمة «شرقطة» قواتية مما جرى حكومياً في اليومين الماضيين عبّر عنها رئيس حزب القوات سمير جعجع، أضيف إليها ما نُقل عن لسان النائب سامر سعادة أنّ القوات كانت سجلت فيتو على توزير الكتائب، خوفاً من استبدال ميشال فرعون بوزير كتائبي، فإنّ من المفترض أنّ هذه العقدة ستزول مع الانتقال الى صيغة الـ 30.

تؤمّن حكومة الـ 30 مشاركة القوى كافة، بتمثيل مختلف الشرائح مما يعطل استئثار بعض القوى التي تسعى إلى تكبير أحجامها وزارياً على حساب الآخرين. لذلك فإنّ تمثيل الحزب السوري القومي الاجتماعي هو كسر للجشع القواتي وله رمزية ودلالة، إذ إنّ حضوره مع وزراء آخرين من 8 آذار يحصّن الموقف الوطني المقاوم.

يبقى تأكيد أنّ التأخير الحاصل هو لإعادة جوجلة الحقائب والأسماء على ضوء هذه الصيغة التي تضمّ بين وزرائها ستة وزراء دولة. وإنْ كان الرئيس بري أشار في لقاء الأربعاء إلى نتوء ما، لا يعرفه ولا يعرف طبيعته، لكن يفهم أنّ تأخير إبصار الحكومة النور يدلّ على وجود هذا النتوء الغامض.

ثبت حتى الآن، أنّ لعبة تشكيل الحكومات في لبنان سياقٌ فرض نفسه بقواعد العمل ذاتها منذ ما بعد الطائف، من دون أن تكون هناك عقبات سياسية كبرى.

إذا كان التوسيع استدعى إعادة نظر بالتوزيع، فإنّ مصادر التيار الوطني الحر أحاطت مشاورات بعد ظهر أمس بتكتم. دخلت دائرة الصمت لعدم «فركشة» التأليف في الساعات القليلة المقبلة.

فولكلور التأليف في ظلّ نهم القوى السياسية وطمعها، خاضع لإجراءات تتطلّب تدويراً للزوايا.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى