تيار المستقبل و«صقوره» الجديدة…

روزانا رمّال

يعيش تيار المستقبل منذ تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة إرباكاً بدأ يطفو على السطح أكثر مع تردّد معلومات عن دقة المنافسة التي تنتظر الرئيس الحريري في محطات انتخابية عديدة، فباتت مسألة انتقاء الوزراء كأسماء مرتبطة بحساب انتخابي سني بحت، فالرئيس الحريري الذي يعرف مستوى التراجع الشعبي في الانتخابات النيابية المفترض إجراؤها بالمقارنة مع انتخابات عام 2009، يعرف ايضا ان لديه فرصة جيدة لاسترجاع هذه الشعبية. وبهذا الاطار ينقل مصدر عايش الرئيس الشهيد رفيق الحريري لـ»البناء» قوله «إنّ الرئيس الراحل كان يفضل إجراء الانتخابات وهو في السلطة لانّ مهابة وحضور الرئيس كهالة بين الناس تساهم كثيراً في استجابة عدد كبير من الناخبين لدعم مسيرة وأجندة الرئيس»، ويضيف: «كان الرئيس رفيق الحريري يقول إنّ الناس تفضل الأقوياء دائماً، فخوض انتخابات نيابية خارج السلطة يختلف كثيراً نفسياً ومعنوياً عن خوضها من قلب السلطة، «وعلى هذا الأساس تبدو حظوظ الرئيس سعد الحريري اليوم افضل بكثير، فيما لو لم يكن قد توافق الأفرقاء في لبنان على تسميته رئيساً مكلفاً»، ويختم المصدر: «ما يساهم في تحسين أوضاع الحريري لدى الناخب السني أيضاً شيء لا يجب اعتباره تحصيلاً حاصلاً، خصوصاً عند الناخب الذي يعتقد أنّ الحريري أخذه نحو اصطفاف محدد وهو التصويت الكبير المعروف «بالتسمية» من الكتل النيابية وحصوله على 112 صوتاً.

لكن، وبالرغم من هذه الإيجابيات واجتماعها تدريجياً من اليوم حتى موعد إجراء الاستحقاق النيابي إلا انّ الاصعب بالنسبة للحريري هو تخطي مسألة الخيار من «الأزمة السورية» التي اصطف فيها الحريري عمودياً وأخذ جمهوره نحو موقف لم تعد العودة فيه الى الوراء ممكنة في وقت يشهد هذا الجمهور اليوم تقدّم الجيش السوري في حلب وبقاء الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة، لا بل حصوله على دعم من دول كبرى ووازنة مثل روسيا وغيرها من الدول التي تتحضّر لفتح صفحة جديدة مع سورية بتغيّر أشكال السلطات التنفيذية قريباً فيها أبرزها فرنسا الموعودة بقدوم الرئيس فرنسوا فيون، وهي النموذج الأوروبي الاكثر قدرة على استجلاب الدول الاوروبية نحو تقدم تدريجي بمسألة طي صفحة وفتح صفحة جديدة مع سورية بعناوين مختلفة، وهنا قد يواجه الرئيس الحريري عزلاً سياسياً من نوع محدّد، ربما يكون الحديث عنه مبكراً لكنه متوقع خصوصاً ان التواصل مع الدولة السورية من وراء الكواليس بدأ منذ أشهر وهي دول أوروبية على ما كان قد أعلنه ديبلوماسي سوري في وقت سابق لـ»البناء» تاركاً مسألة الإعلان عن هذه الخيارات للدول ومصالحها، فسورية تتحفظ حتى الساعة عن الإعلان.

صقور الحريري اذاً التي استخدمها في الحرب السورية معنوياً ونفسياً هي أكثر من ساهم في سحب الغطاء من الشارع المستقبلي وبث القلق في صفوفه، فاسم مثل الوزير أشرف ريفي ليس اسماً عادياً بالنسبة للحريري الذي يعرف انه خلق حالة في الشارع السني أثبتت في طرابلس أنها واعدة بعد فوز لائحة مدعومة منه في البلدية. وهو يعمل اليوم على استنهاض الشارع الطرابلسي خدمياً مستفيداً من ثقة منحها اياه الشارع، بالرغم من تحالف كلّ القوى الطرابلسية الوازنة والبيوتات السياسية العريقة ضدّه. وعلى هذا الأساس سيكون الحريري امام خطوات لا بدّ من السير بها أو البحث في مخارجها وقد يكون أحلى ما فيها مراً، اولها: التوجه نحو مصالحة الوزير أشرف ريفي من اجل الإسهام في تجيير أصوات ريفي لصالح المستقبل من جديد، وهذا ما يحتاج جلسة مصالحة ومصارحة علنية مدعومة محلياً وخليجياً والاتفاق على دعم الحريري حصرياً من المملكة العربية السعودية وقطر على أنه ممثل السنة في لبنان، وهو ما يبدو غير بعيد بعد زيارة ناجحة للملك السعودي الى قطر، وما يمكن البناء عليه في باقي الملفات والحسابات للدولتين.

ثانيها: مواجهة ريفي واختيار مرشحين مناسبين. وهذا الأمر هو الذي أدّى بالحريري إلى اختيار أسماء تعتبر صقوراً جديدة في مناطق التراجع الشعبي لتيار المستقبل، وهنا حديث حسب المصادر لـ»البناء» عن اهتمام شديد من الحريري لإسناد حقيبة «هامة» أو وازنة للنائب جمال الجراح الذي حُكي عن نقاش حول تسليمه حقيبة سيادية من بين المشاورات من أجل تجيير الأصوات للمستقبل في البقاع بمنافسة الوزير عبد الرحيم مراد وغيره من الأسماء التي تؤيد خيار الرئيس الأسد بعد الانتكاسة في حلب وأبرز المحافظات السورية في منطقة تعجّ بالثقل السني.

النائب محمد كبارة صقر جديد يعد طرابلس باسترجاع ما فقدته أيضاً وما جيّر للوزير ريفي، وهنا استحضار لشخصية كبارة التي تعتبر الأكثر تأثيراً وربما الأكثر قدرة على استنهاض الشارع المتطرف لريفي نحو شارع متطرف للمستقبل، فهو يحمل شخصية قادرة على خوض غمار الانتخابات الشمالية على صعوبتها. وهو واحد من وزراء المستقبل في الحكومة المقبلة.

حكومة انتخابات تبدو الأكثر حساسية بالنسبة للرئيس المكلف سعد للحريري إثر خوض أول تجربة انتخابية بعد الأزمة السورية في البلديات وإحراز نتيجة مقلقة. وهو ما يأخذ تيار المستقبل بأكبر قدر ممكن نحو الاتكال على الإجماع الوطني وإرضاء الحريري كلّ الأفرقاء في مسألة التوزير وإطلاق حكومة وحدة وطنية. كلّ هذا يصبّ في رفع صورة الحريري وطنياً وانتخابياً…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى