تفاهم معدّل يطبّق اليوم وينتهي الأحد لأحياء حلب الشرقية والفوعة وكفريا عودة لحكومة الـ30: أرسلان ومراد وحردان… وعين القوات تضيق بالكتائب
كتب المحرّر السياسي
نجحت الدولة السورية بفرض رؤيتها التفاوضية لحلّ يتيح خروج الآلاف من المسلحين الذين يقعون تحت الحصار في ما تبقى من الأحياء الشرقية من حلب، فبعد التشاور مع الحلفاء في روسيا وإيران وحزب الله رسم سقف تفاوضي جديد يتضمّن إضافة إجلاء مصير الأسرى والمفقودين والشهداء، وتأمين خروج آمن للمحاصَرين في بلدتي الفوعة وكفريا، وتمسّك المفاوض الروسي بحرارة الحليف بالمطالب الجديدة، معلناً أنّ الدولة السورية هي المعني الأول بالحلّ، ولا حلّ بدون رضاها، وأنّ مواصلة خيار الحسم العسكري سيلقى كلّ الدعم الروسي ما لم تقبل شروط الحلّ الجديدة، ولم تكد الهجمات العسكرية تتواصل ويقدّم الروس الدعم الناري لمواكبتها، حتى بدأ صراخ المفاوضين الأتراك ومن ورائهم استنجاد المسلحين طلباً للحلّ، فقبلت خلال أقلّ من أربع وعشرين ساعة الشروط السورية وولدت صيغة الحلّ وفقاً لها، على أن يبدأ التطبيق صباح اليوم وينتهي يوم الأحد على أبعد تقدير، خصوصاً بالنسبة لخروج المحاصَرين في الفوعة وكفريا، مع ضمان تشكيل لجنة مختصة تركية روسية لمتابعة مصير الأسرى وجثامين الشهداء ولوائح المفقودين.
لبنانياً، أكدت مصادر مطلعة على الشأن الحكومي ومساراته لـ «البناء» أنّ التعقيد الذي حال دون ضمان تمثيل واسع يلبّي مفهوم حكومة الوحدة الوطنية في صيغة الأربعة وعشرين وزيراً، خصوصاً مع التمسك بحصص الكتل الكبرى في الطوائف الرئيسية، فتح الباب للتساؤل لماذا لا نضيف المقاعد اللازمة من دون إخضاعها لحسابات التقاسم، ويرتاح تمثيل الكتل الرئيسية مسيحياً وإسلامياً، فيكون لإضافة مقعد سني، الوزير السابق عبد الرحيم مراد، وآخر شيعي لحصة رئيس الجمهورية، مقابل إضافة مقعد ماروني، النائب السابق غطاس خوري، لحصة رئيس الحكومة، ومقعد أرثوذكسي لتمثيل الحزب السوري القومي الاجتماعي بالوزير السابق النائب أسعد حردان، كما كان طلب الحزب أساساً، ومقعد كاثوليكي لتمثيل حزب الكتائب، ومقعد درزي لتمثيل الوزير السابق النائب طلال أرسلان، وأكدت المصادر أنّ هذه الصيغة قطعت أكثر من نصف الطريق، فحسمت كلّ المقاعد التمثيلية وفقاً لطلبات أصحابها، بما فيها طلبات رئيسَي الجمهورية والحكومة، وبقيت العقدة عند الرفض القواتي لتمثيل حزب الكتائب، وإذا حلت تبقى عقدة منح الوزير الكتائبي حقيبة من حصة القوات مشكلة أكبر مقابل إصرار الكتائب على حقيبة أسوة بتيار المردة، لكن المصادر واثقة بأنّ ما تمّ التفاهم عليه بين المعنيين، خصوصاً رئيس الجمهورية والرئيس المكلف سيتيح مع التفهّم للضرورات من الأطراف، حسم الأمر قريباً وربما قبل نهاية عطلة الأسبوع.
لا دخان أبيض في بعبدا
لم يخرج «الدخان الحكومي الأبيض» من بعبدا التي زارها أمس، الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري الذي قدّم صيغتين للتركيبة الوزارية لم تلقَ أي منها موافقة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي طلب المزيد من التشاور. بينما أوحت أجواء المطلعين على المشاورات الحكومية أن لا حكومة قبل أسبوع، بعد عودة صيغة الثلاثين وزيراً الى الواجهة لتمثيل أشمل للقوى السياسية كترجمة لحكومة الوحدة الوطنية التي اتفق الرؤساء الثلاثة على اعتمادها. إلا أن زيادة عدد الوزراء ستواجهه إشكالية أخرى هي إعادة ترتيب التوازنات السياسية وتوزيع جديد للحقائب قد يحتاج مهلة إضافية ربما تجتاز بداية عطلة الأعياد. فهل تولد الحكومة في العام المقبل؟
وإذ خرج الحريري من قصر بعبدا خالي الوفاض، أكد بعد لقائه الرئيس عون أن «الحكومة بحاجة الى مزيد من المشاورات». ورداً على سؤال عما إذا كان يحمل معه ملفاً أو اثنين إلى قصر بعبدا قال: «ولا أيّ ملف».
ونفى مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا اجتماعه بالرئيس المكلف وأكد ان المفاوض الوحيد في الشأن الحكومي هو رئيس المجلس النيابي نبيه بري.
وأكد المكتب الإعلامي للحريري بدوره أن «أي لقاء من هذا النوع لم يُعقد لا في بيت الوسط ولا خارجه، وأن الخبر المزعوم هو بالتالي مختلق ولا أساس له من الصحة».
واستبعدت أوساط قيادية مستقبلية لـ»البناء» أن تحمل الأعياد مفاجأة للبنانيين بولادة الحكومة في ظل التصاريح النارية لرئيس المردة النائب سليمان فرنجية باتجاه بعبدا. الأمر الذي زاد من تصلب رئيس الجمهورية وإن حلّت عقدة حقيبة فرنجية، لكن تصريح فرنجية قد أوحى بأنه تمكن من الحصول على حقيبة الأشغال رغماً عن الرئيس عون الأمر الذي سيترك انعكاسات سلبية على تشكيل الحكومة أو لاحقاً في مجلس الوزراء بين عون والوزير الذي سيمثل المردة»، موضحة أن «الكرة باتت في ملعب رئيس الجمهورية»، مشيرة الى أن «الحريري مصرّ على صيغة الـ24 وزيراً».
وعلمت «البناء» أن «الحريري قدّم إلى رئيس الجمهورية تشكيلتين شبه نهائيتين للحكومية تتضمّن لائحة بالحقائب والأسماء، الأولى من 24 وزيراً والثانية 30 وزيراً وأطلعه على مطالب كافة الأطراف، لكن عون طلب من الحريري الوقت لدراستها والمزيد من التشاور ولم يعط موافقة على أي منها».
ولم يتلقّ حزب الكتائب حتى الآن، بحسب ما علمت «البناء» من الرئيس المكلف أي عرض لحقيبة بانتظار حسم الصيغة النهائية للحكومة. ورجحت مصادر نيابية في الكتائب توسيع الحكومة الى ثلاثينية لاستيعاب المطالب كافة، مشددة على أن «حكومة الوحدة الوطنية تفترض تمثيل الكتائب بحجب حجم كتلتها في المجلس النيابي وهذا حق لها من دون منة من أحد، محذرة من محاولات دؤوبة من بعض الأطراف لإقصاء الكتائب ووضع «فيتو» على مشاركتها في الحكومة».
بري: لا مبرّر للتأخير
وكرر رئيس المجلس النيابي نبيه بري في لقاء الأربعاء النيابي القول إنه لم يعد من مبرر لتأخير تشكيل وإصدار مراسيم الحكومة بعد أن جرى تجاوز العقد في توزيع الحقائب. وأضاف لقد وفينا بوعدنا وقدّمنا كل التسهيلات والمؤازرة لتأليف الحكومة، متوقعاً أن لا يأخذ البيان الحكومي وقتاً طويلاً.
جنبلاط: القناعة كنز لا يفنى
وأشارت قناة «أو تي في» الى أن «رئيس الجمهورية لا يمانع في توسيع الحكومة الى 30 وزيراً شرط عدم المسّ بالتوزيع الموضوع على أساس 24 وزيراً»، وأكدت أن مطالب رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط انتهت الى الاكتفاء بحقيبة التربية التي كانت من حصة رئيس الجمهورية بدلاً من وزارة العدل التي ستصبح من حصة الرئيس.
وغرّد جنبلاط عبر حسابه على «تويتر» قائلاً «أفضل طريقة لاصطياد الوزارة العودة الى الصيغة القديمة مع حصة وازنة للمردة والقوات». أضاف «لكن مع التذكير بأن اللقاء الديموقراطي ليس حبة سردين ولا حوتاً كالبعض. الصيغة القديمة مناسبة مع بعض التعديل، كفانا لفاً ودوراناً حول العدد، وفق حسابات المنطاد ففي دائرة الثلاثين تستكمل الحلقة، حلقة الممانعة والممانعة المضادة». واعتبر أن «العدلية تتطلب زنوداً خاصة تراعي مثلاً المواصلات غير الشرعية والتهريب الموضوعي. لذا لا نرغب بالمسّ بالامن القومي الخاص ولا الاقتصاد الموازي، القناعة كنز لا يفنى». وختم «عذراً على إنهاء الحديث فقد أتت إشارة التسلق».
باسيل: الحكومة قبل الأعياد
وتوقع وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، في حديث تلفزيوني «ولادة الحكومة قبل الاعياد»، موضحاً أننا «نحاول التوفيق بين أنها حكومة انتخابات لكن عليها مسؤوليات»، مؤكداً أن «بعض الأمور لا تزال تحتاج إلى بعض العمل»، قائلاً: «لا يوجد عائق جدي أمام تشكيل الحكومة وهي ليست عند رئيسَي الجمهورية والحكومة المكلف».
وأكد أن الرئيس عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري لا يعارضان تمثيل الحزب «السوري القومي الاجتماعي» في الحكومة العتيدة، معتبراً أن تمثيل جميع القوى السياسية ممكن في حكومة من 24 وزيراً، موضحاً أن المشكلة مع تيار «المردة» كانت بالمطالبة بحقيبة لا تتناسب مع حجمه، مضيفاً: «قلنا إذا أراد أحد أن يمنحه حقيبة من حصته لا مشكلة لدينا»، مشدداً على أن «ما يحصل طبيعي جداً ولم تنضج الأمور بعد لكنها لن تأخذ أشهراً». وأوضح باسيل أن الرئيس بشار الأسد هو الرئيس الشرعي لسورية باعتراف الأمم المتحدة والعلاقات الدبلوماسية بين لبنان وسورية لا تزال قائمة»، لافتاً إلى أنه «عندما يكون هناك حاجة يحصل التواصل مع وزير الخارجية السورية وليد المعلم»، معتبراً أن موضوع النازحين السوريين يجب أن يكون من خلال التنسيق مع الحكومة السورية، مشيراً إلى أن «استقرار سورية يزيد من استقرار لبنان».
وأوضح باسيل أن المحطة الأولى لرئيس الجمهورية ستكون السعودية، مشيراً إلى أن حزب الله لديه ثقة كبيرة برئيس الجمهورية. وهو يعرف أن الجوهر لا يمس، والتيار الوطني الحر حليف لـحزب الله على رأس السطح.
وعن إمكان زيارة رئيس الجمهورية إلى سورية في حال وجهت له الدعوة، أوضح أن عون والرئيس بشار الأسد يعرفان ما هي المصلحة اللبنانية والسورية، مشيراً إلى أننا «نتفق مع الإيرانيين على أن الحل السلمي هو الأفضل في المنطقة».
لقاء فرنجية ـ «التيار»
وفي غضون ذلك، واصل «التيار الوطني الحر» جولاته على القيادات والمرجعيات السياسية في محاولة للتوصل إلى تفاهم على صيغة جديدة، والتقى وفد من الوطني الحر برئاسة النائب ابراهيم كنعان عضوَي كتلة نواب الحزب السوري القومي الاجتماعي النائبين أسعد حردان ود. مروان فارس. وأكد حردان بعد اللقاء، أن الإصلاح يبدأ بإيجاد قانون انتخابي يساوي بين المواطنين، لذا فنحن نأخذ هذا الأمر بكلّ جدية ومسؤولية، ونعتبر هذا الأمر نقطة مركزية وأساسية يجب التمسك بها، بوصفها بداية الإصلاح السياسي في لبنان.
وتابع حردان: إنّ موقفنا واضح، نحن لسنا مع التمديد، ولا مع الانتخابات على قاعدة قانون الستين، بل نحن مع إصلاح سياسي في لبنان يبدأ بقانون انتخاب قائم على النسبية والدائرة الواحدة في لبنان. ونأمل أن يؤسّس القانون الجديد واقعاً ديمقراطياً حقيقياً ليس بالكلام فقط، بل واقعاً ينتج فريقاً حاكماً وفريقاً معارضاً وليس فريقاً مقصياً. ففي واقعنا اليوم ليس هناك فريق معارض، إنما فريق مقصيّ عن أيّ نشاط سياسي أو مسؤولية وطنية، لذلك نحن نعتبر أنّ قانون النسبية قادر على خلق معادلة جديدة في لبنان تنقل البلد إلى واقع يقوم على الحكم والمعارضة، وهذا لا يتمّ إلا بقانون انتخاب حديث. وأمل لهذه المبادرة أن تستكمل، وأمل أن نصل إلى إمكانية التوافق على قانون انتخاب جديد.
واجتمع وفد آخر من الوطني الحر بالنائب سليمان فرنجية في بنشعي. وبعد اللقاء شدّد النائب ألان عون على «أن صفحة رئاسة الجمهورية طويت»، جازماً «بأن لا نيّة لدى «التيار الوطني الحر» في إلغاء أحد». وزار وفدان آخران قيادة حزب الطاشناق والنائب جنبلاط في كليمنصو.
وعلمت «البناء» أن «الرئيس بري ينتظر انتهاء جولة التيار الوطني الحر على القوى السياسية وجوجلة ما يتوصلون إليه على أن يلتقي الوفد لإطلاعه على نتائج جولته ليبنى على الشيء مقتضاه بما يتعلق بقانون الانتخاب».
«دي أن آي» يكشف حقيقة الجثث خلال أيام
على صعيد آخر أثار الفيديو الذي نشرته بعض وسائل الإعلام ويظهر جثث ثمانية عسكريين تمّ رميهم في منطقة قارة السورية جدلاً واسعاً، ما دفع الأمن العام للطلب من أهالي العسكريين المخطوفين إجراء فحوص الحمض النووي للتأكد من احتمال أن تكون عائدة الى العسكريين اللبنانيين المخطوفين.
وعلمت «البناء» أن «الأمن العام طلب من أهالي العسكريين إجراء فحوص الحمض النووي، الأمر الذي لاقى تجاوباً لدى الأهالي على أن تصدر النتائج خلال أيام قليلة»، كما علمت أن لا أدلة واضحة حتى الآن تثبت أن الجثث تعود للعسكريين المخطوفين، كما أن المكان التي وجدت فيها الجثث لم يثبت أنه في قارة السورية أو في منطقة أخرى خارج لبنان وسورية».
واستنكر حسين يوسف والد العسكري المخطوف محمد يوسف عرض بعض وسائل الإعلام هذه المشاهد بهذه الطريقة واللعب بأعصاب عوائل العسكريين. وأكد لـ»البناء» ثقة الأهالي بالمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي يتابع الملف وعدم استغلاله ويحرص على جلاء الحقيقة». وأكد يوسف أن لا «معلومات حتى الساعة تكشف هوية الجثث وحاولنا الاتصال بالجهات الأمنية فلم يتم إبلاغنا بأي شيء»، وأشار الى أن التواصل مقطوع مع تنظيم داعش منذ عامين ولا مفاوض جديد غير الذي تحدّث عنه اللواء ابراهيم.
وشككت مصادر عسكرية بالفيديو الذي عرض على شاشات التلفزة، موضحة لـ»البناء» أن «وجود الجثث بالزي العسكري لا يعني أنها تعود للجيش اللبناني بل كل التنظيمات التي تقاتل في تلك المنطقة ترتدي الزي العسكري. وكان على الأجهزة المختصة أن تأخذ الحمض النووي لأهالي العسكريين منذ سنة كاحتياط الأمر الذي يسرّع كشف الحقيقة»، ولفتت الى أن «المنطقة التي عثر فيها على الجثث قد حررت منذ أكثر من عام وتخضع حالياً الى سيطرة الجيش السوري ما يدل على أن وجود الجثث يعود الى العام الماضي وليس الآن»، كما تساءلت المصادر: كيف استطاع صيادون مدنيون الوصول الى تلك المنطقة الجردية غير الآمنة نسبياً التي تقع في المقلب الآخر لجرود عرسال؟ ما يعزز الشك بأن يكون أمر ما مدبراً، وأوضحت أن التحاليل المخبرية تظهر وقت وفاة الأشخاص الثمانية مع ترجيح احتمالين إما أو تعود الجثث للعسكريين اللبنانيين وإما لعناصر في داعش أو النصرة قتلوا خلال المعارك بين التنظيمين؟
وتمنى مسؤول العلاقات العامة في لجنة العسكريين المخطوفين الشيخ عمر حيدر، في بيان «من كل غيور على العسكريين المخطوفين عدم تحليل أو توقع أي شيء قبل نتائج الحمض النووي والتخفيف من النشر على مواقع التواصل الاجتماعي، فالأهالي والأمهات يكفيهم ما يمرّون به في هذه الساعات الصعبة».