الأسد: تحرير حلب يرسم التاريخ.. وهو أكبر من كلمة «مبروك»
قال الرئيس السوري بشار الأسد، إنّ السوريين اليوم يكتبون التاريخ مع تحرير مدينة حلب من المعارضة المسلّحة.
وفي مقطع فيديو بثّه موقع رئاسة الجمهورية العربية السورية، قال الرئيس السوري إنّ «الزمن يتحوّل إلى تاريخ عندما تُقرّر الأحداث الكبرى أن تُحوّل الزمن إلى تاريخ»، موضحاً أنّ الوضع السوري والإقليمي والدولي لن يكون هو نفسه مع تحرير حلب.
وتحرير حلب اليوم، وفق الرئيس السوري، «يرسم التاريخ، وهو أكبر من كلمة مبروك» التي يتداولها السوريّون على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأشار الأسد إلى أنّ صمود الجيش السوري وأهالي حلب، فضلاً عن وقوف كلّ مواطن سوري «إلى جانب حلب والحق ووطنه وبلده»، مكّن السوريّين من أن يكتبوا التاريخ.
الأسد أكّد أنّ ما يحصل اليوم في حلب هو «كتابة تاريخ خطّه كلّ مواطن سوريّ منذ بدء الحرب على بلادنا».
جاء هذا الكلام للرئيس الأسد بعد تحرير حلب من الجماعات الإرهابية التي انطلقت ظهر أمس عملية إخراجها ممّا تبقى من جنوب الأحياءِ الشرقية لحلب، وذلك بعد إتمام التجهيزات لتأمين إنجاز إخلائهم باتجاه جنوب غربي المدينة إلى منطقة الراشدين غرب المدينة، وهو ما أكّده أيضاً ما يُسمّى بـ«المرصد المعارض»، مشيراً إلى وصول الدفعة الأولى من الذين تمّ إخراجهم من شرق حلب إلى مناطق سيطرة المجموعات المسلّحة خارج المدينة.
ومساءً، أعلن مركز حميميم أنّ القافلة الثانية من الحافلات وسيارات الإسعاف التي تنقل المسلحين وأفراد عائلاتهم خرجت من حيّ صلاح الدين في شرق حلب، متوجّهاً إلى منطقة «الراشدين -4» غرب المدينة.
وجاء في البيان: «القافلة الثانية التي تتألّف من الحافلات وسيارات الإسعاف خرجت من شرق حلب. وشأنها شأن القافلة السابقة، تنقل المسلّحين وأفراد عائلاتهم عبر طريق مخصّص من حيّ سلاح الدين إلى حيّ الراشدين -4، حيث سيقلّون هناك وسائل نقل آخرى من أجل التوجّه اللاحق إلى إدلب».
هذا، وتحدّثت تقارير إعلامية ميدانية عن إخراج الحافلات لما يقارب 5 آلاف بين مدنيّين ومسلّحين، عبر حي العامرية مروراً بضاحية الأسد، وصولاً إلى الراشدين، بانتظار ربما التوجّه إلى ريف إدلب. كما تحدّثت معلومات أخرى عن نيّة مجموعة كبيرة من جماعة «نور الدين الزنكي» تسليم نفسها للجيش السوري.
وفيما أحرق المسلّحون مقارّهم المركزية قبل مغادرتهم، قال التلفزيون السوري إنّه فور خروج المسلحين من مدينة حلب ستتمّ إزالة السواتر الترابية والسماح للمدنيين الذين هجّرهم الإرهاب من الأحياء الشرقية بالدخول إلى منازلهم.
كما تحدّث التلفزيون السوري عن أنّ التحضيرات جارية لبدء المرحلة الثانية من عملية إخراج المسلّحين من الأحياء الشرقية للمدينة خلال وقت قريب.
وأشار إلى أنّه «من المتوقّع استمرار عملية إخراج المسلّحين من أحياء حلب حتى ساعات الصباح اليوم، ليَلي ذلك دخول مؤسسات الدولة إلى الأحياء الشرقية للمدينة».
ولفتَ التلفزيون السوري إلى أنّ «نحو 300 شخص من المسلّحين في الأحياء الشرقية ستتمّ تسوية أوضاعهم».
وفي سياقٍ متصل، بثّت وزارة الدفاع الروسية صوراً مباشرة من معبر الراموسة جنوب حلب، حيث تجري الترتيبات لخروج المسلحين من أحياء حلب الشرقية.
وكانت مصادر قد أعلنت مساء أول أمس، أنّ الاستعدادات بدأت بنقل المسلّحين من حلب باتجاه خان طومان جنوب غربي المدينة، وتحدّثت عن أنّ اتصالات جرت ليلاً، وقد نجحت في إعادة إحياء الاتفاق، وذُكر أنّ جماعات مسلّحة طلبت إلى الصليب الأحمر والهلال الأحمر المساعدة في إجلاء المصابين.
في غضون ذلك، أحبطت وحدات من الجيش السوري هجوماً عنيفاً لإرهابيّي «جيش الفتح» على نقاط عسكرية في ريف حلب الجنوبي الغربي.
وقد ذكر مصدر عسكري أنّ وحدات الجيش خاضت خلال ساعات ما قبل الاتفاق اشتباكات عنيفة مع مجموعات إرهابية على كتيبة الدفاع الجوي ومحور مدرسة الحكمة ومشروع 1070 جنوب غربي حلب، مشيرةً إلى أنّ الاشتباكات انتهت بإفشال الهجوم بعد «تكبيد التنظيمات الإرهابية خسائر كبيرة بالأفراد والعتاد الحربي، وفرار العديد من الإرهابيّين وتدمير أسلحة وذخيرة كانت بحوزتهم».
كما صدّ الجيش السوري هجوماً للمجموعات المسلّحة على محوري مدرسة الحكمة وكتيبة الدفاع الجوي غرب مدينة حلب، ما أوقع قتلى وجرحى في صفوف المهاجمين.
وافادت تنسيقيات المجموعات المسلّحة بأنّ تنظيم «داعش» الإرهابي قام بإعدام أحد الأشخاص في مدينة مسكنة في ريف حلب الشرقي بتهمة تهريب المدنيّين إلى مناطق خارج سيطرته.
وكان الإرهابيّون قبل خروجهم قد بدأوا بإحراق ممتلكاتهم وكافة مستودعات الأسلحة، لكي لا تقع محتوياتها في أيدي الجيش السوري.
ولم تهضم قوى العدوان الغربية الداعمة للإرهابيّين هذا الانتصار في حلب، بل سارعت إلى بثّ الأكاذيب والدعايات الملفّقة عن أوضاع إنسانية، وقد أعلن مندوب فرنسا الدائم لدى الأمم المتحدة، فرانسوا ديلاتر، أنّ بلاده طالبت مجلس الأمن الدولي بعقد اجتماع طارئ لبحث الأوضاع الإنسانيّة في مدينة حلب السورية.
وقال ديلاتر، في تصريحات صحافية أدلى بها أمس: «إنّ الاجتماع سيجري من أجل رسم «صورة واضحة ومجدّدة لما يحدث»، مؤكّداً أنّه سيكون مغلقاً وتشاورياً.
من جهته، استدعى وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، سفيري روسيا وإيران لدى لندن لبحث الوضع في حلب السورية. وقال عبر حسابه في «تويتر»: «قمت قبل قليل باستدعاء سفيري روسيا وإيران، للتعبير عن قلقي حول الوضع في حلب السوريّة. حماية المدنيين وإيصال المساعدات لهم أمر في غاية الأهمية».
وكان وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون قال، إنّ حلّ الأزمة السورية يجب أن يكون سياسياً، داعياً حلفاء دمشق العودة إلى التفاوض.
وأضاف فالون، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الأميركي أشتون كارتر، أنّ بلاده «لا ترى» مستقبلاً للرئيس السوري بشار الأسد في حلّ الأزمة، بحسب تعبيره.
وكانت الخارجية السورية اتّهمت أول أمس بعض دول الغرب وحلفاءها في المنطقة بمحاولة حماية الإرهابيين عن طريق شنّ حملة ضدّ دمشق داخل الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.
وشدّدت الخارجية السورية، في رسالة حول تطوّرات الوضع في حلب وجّهتها إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن الدولي، على أنّ سلطات كلّ من فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، بالإضافة إلى حلفائها في المنطقة، بما في ذلك السعودية وتركيا وقطر، شنّت في الظروف الحالية «الحملة الظالمة والمضلّلة»، وفق نصّ الرسالة، داخل المنظمة الدولية، بُغية منع انهيار الإرهابيّين في حلب وغيرها من مناطق سورية.