الأسد: يوم تاريخي… وسورية تحتفل بإمساك المبادرة العسكرية والسياسية الحكومة حُسمت ثلاثينية بالأسماء… وارتاح المفاوضون… لجولة الحقائب

كتب المحرّر السياسي

ما بعد حلب غير ما قبلها، هذا ما قاله الرئيس السوري بشار الأسد بوصفه يوم النصر في حلب بالتاريخي، مع فرض سورية شروط نصرها وما ترجمته تفاصيل خروج المسلحين المهزومين في حلب نحو إدلب وتركيا للانضمام إلى مشغّليهم، وما حمله النصيب الذي نالته بلدتا الفوعة وكفريا بخروج أكثر من ألف من المرضى والجرحى من تحت الحصار، فيما كانت جولة الحرب الحاسمة قد عرفت أشرس المعارك خلال شهورها الستة الأخيرة منذ شهر حزيران الماضي، وانخرط في خوضها قرابة المئة ألف عسكري على ضفتي القتال، بكلّ ما بين أيديهم من مقدرات، والتي شهدت كراً وفراً لشهرين متواصلين بين معارك الكاستيلو والراموسة وضاحية الأسد والكليات الحربية، وسقط في قلب هذه المعارك الحاسمة قرابة الألف شهيد وقرابة خمسة آلاف جريح في صفوف الجيش السوري والحلفاء، بينما زادت خسائر الجماعات المسلحة عن العشرة آلاف قتيل وعشرين ألف جريح.

هي الحرب بكلّ ما تحمل الكلمة من معنى، حيث خرج كلّ الأطراف المنخرطين فيها منذ ست سنوات بكلّ ما لديهم، وبأهمّ ما لديهم، في السلاح والمال والإعلام والمخابرات والدبلوماسية والسياسة، وتوافقوا على ضفتي الحرب باعتبار حلب أمّ المعارك، وعلامة النصر وبشارته لمن يكسبها، وأضفوا عليها لقب الوجودية التي لا مكان للهزيمة فيها، ولم يعُد يفيد المهزوم التهوين من أهمّيتها بعد الهزيمة، فقد قالت الحرب كلمتها وانتهى الأمر.

قالت الحرب إن لا مكان لأميركا في سورية إلا تحت المظلة الروسية ضمن تحالف الحرب على الإرهاب والتفاهم الروسي الأميركي الذي ستنفض حرب حلب عنه الغبار، وقالت إنّ حدود الدور التركي مسقوفة بخطوط التسويات مع موسكو وطهران، وإنّ خط القوة الصاعد للجيش السوري وحزب الله معاً يرسم معادلات الساحل الغربي للبحر المتوسط، وإنّ السعودية و«إسرائيل»، رغم ما استثمرتاه في حرب سورية تنتقلان إلى مقاعد المتفرّجين، وإنّ قدرة قرار الحرب تختلف عن التلويح بخوضها، كما يترجم ذلك السلوك الغربي والخليجي والتركي الذي تأقلم مع الهزيمة رغم كثرة الحديث عن خط أحمر اسمه حلب.

معادلات جديدة ربما سيمرّ وقت طويل قبل أن تظهر كلّ تداعياتها، بعد انكشاف سقوط العرض الأميركي لروسيا بتقاسم سورية انطلاقاً من حلب شرقية وحلب غربية، بصيغة تشبه تقاسم ألمانيا من بوابة برلين الشرقية والغربية، وهي معادلات ستحكم ما هو أبعد من مستقبل الحرب في سورية لترخي بظلالها على المنطقة والمعادلات الدولية اللاحقة.

في لبنان لم يكن الحال على خلاف ما هو عليه خارج لبنان حيث الحدث حلب، والجميع متابع للتفاصيل، وحلفاء المهزومين يردّدون رغم ذلك أن لا علاقة لما يجري في حلب بتشكيل الحكومة ولا بانتقالها من صيغة الأربعة وعشرين وزيراً إلى صيغة الثلاثين التي ترسّخت وحسمت أسماء وزرائها، وبقيت استراحة المفاوضين مفتوحة العيون على حلب بانتظار جولة تفاوض جديدة تتركز على خلطة الحقائب من جهة وتدوير بعض الزوايا المتشنّجة والناتئة من جهة أخرى، ومحور أغلبها ما لم تستطع القوات اللبنانية هضمه بعد من مستجدات التشكيلة الحكومية التي باتت، عند النقطة التي بلغتها، موضوع توافق رئاسي.

المفاوضات على صيغة الثلاثين

انتقلت المفاوضات الحكومية إلى صيغة الثلاثين وزيراً بعد تعذر تمثيل كافة القوى السياسية بحكومة الـ24 التي باتت العودة اليها شبه مستحيلة ولم تصدر أي اعتراضات على توسيع الحكومة ولا حيال إعادة توزيع بعض الحقائب بناءً للتعديل الجديد. وبحسب ما قالت مصادر مطلعة لـ «البناء» فإن «الأجواء إيجابية لكن الأمور تحتاج الى مزيدٍ من المشاورات مع دخول 6 وزراء جدد على حكومة الـ24 سيتمحور النقاش حول توزيعهم على القوى السياسية»، ورجحت المصادر أن يستغرق ذلك أكثر من 48 ساعة، وبالتالي لا حكومة قبل مطلع الأسبوع المقبل وإذا أضيف مؤشر سفر وزير الخارجية جبران باسيل للمشاركة في اجتماع الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية في القاهرة الثلاثاء المقبل، فإن الكائن الحكومي لن يولد قبل عيد الميلاد.

ووفقاً للصيغة الثلاثينية، أصبح التوزيع الطائفي للحكومة على الشكل التالي: 6 سنة و6 شيعة و3 دروز و6 موارنة و4 أرثوذكس و3 كاثوليك و2 أرمن ، وبينما حسم تمثيل الحزب السوري القومي الاجتماعي والنائب طلال أرسلان وحزب الكتائب، لم تحدد الحقائب التي سيتولونها، وإن حسمت معظم حقائب وأسماء التوليفة الحكومية على غرار يعقوب الصراف للدفاع، كريم قبيسي للشباب والرياضة من حصة رئيس الجمهورية ، غسان حاصباني نائب رئيس الحكومة ووزيراً للصحة، ملحم رياشي للإعلام وبيار أبي عاصي للثقافة وميشال فرعون للسياحة وجبران باسيل للخارجية وسيزار أبي خليل للطاقة ورومل صابر للاقتصاد والتجارة التيار الوطني الحر ، وحسين الحاج حسن للصناعة ومحمد فنيش وزير دولة لشؤون مجلس النواب وعلي حسن خليل للمالية وعلي العبدالله للعمل ونهاد المشنوق للداخلية وغطاس خوري للبيئة وجمال الجراح للاتصالات وجان أوغاسبيان وزير دولة لشؤون التنمية الإدارية وأيمن شقير للزراعة، يوسف فنيانوس للأشغال وبيار رفول وزير دولة ومعين المرعبي وزير دولة.

وقبل سفره إلى باريس اليوم، بحسب ما أفادت مصادر إعلامية، زار الرئيس المكلف سعد الحريري رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط في دارته في كليمنصو يرافقه مدير مكتبه نادر الحريري والنائب السابق غطاس خوري.

وحضر إلى جانب جنبلاط نجلاه تيمور وأصلان وكريمته داليا، وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور، والنائبان: مروان حماده، وغازي العريضي والنائب السابق أيمن شقير.

وعلمت «البناء» أن لا مشكلة لدى القوات بحكومة ثلاثينية، كما أن لا خيار آخر أمام الرئيس المكلف بعد إصرار الثنائي الشيعي على تمثيل كل الحلفاء وعدم ممانعة رئيس الجمهورية. ونقل زوار رئيس المجلس النيابي نبيه بري عنه لـ«البناء» تفاؤله بقرب ولادة الحكومة بعد أن ذلل معظم العقد التي كانت تحول دون تأليفها وإصراره على صيغة الثلاثين التي تتيح تمثيل كافة الأطراف بعد تعذر ذلك في صيغة الـ24.

وأوضحت مصادر في كتلة التنمية والتحرير لـ «البناء» أن «الحقائب الأساسية حسمت وأن الوزير الشيعي الخامس يسمّيه الرئيس بري بعد الاتفاق على التشكيلة النهائية»، وأوضحت أن «الوزير الشيعي السادس لم يحسم أمره أيضاً، وربما تحصل مقايضة بين رئيسي الجمهورية والمجلس في ربع الساعة الاخير إذ ينال عون وزيراً شيعياً مقابل وزير مسيحي لبري».

وأكد بري خلال كلمة له في المجلس النيابي على ضرورة إنجاز وإقرار «قانون عصري للإنتخابات على أساس الدوائر الموسعة والنسبية، إذ لا يجوز لأي اعتبار إلزام اللبنانيين بالعودة الى الانتخابات ستة أجيال الى الخلف». ودعا بري الى إعطاء زخم للعهد بالانحياز الى قانون عصري يسهم بوضع لبنان على عتبة المستقبل ولا يعيده الى الوراء.

ودعت كتلة الوفاء للمقاومة خلال اجتماعها الأسبوعي لـ«الإسراع بتشكيل حكومة وحدة وطنية يشارك فيها الجميع بتحمل المسؤولية في هذه المرحلة الانتقالية الحرجة التي يؤمل فيها النجاح لوضع لبنان على الجادة الصحيحة لقيام الدولة القوية القادرة والعادلة». وأكدت أن «ما طرحه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله حول اعتماد النسبية الكاملة مع الدائرة الواحدة أو الدوائر الموسّعة، هو ممر إلزامي لقيام الدولة المؤهلة لتحقيق التغيير والإصلاح في البلاد». وغرد النائب أرسلان عبر «تويتر» قائلاً: «لن نسكت عن أي استهتار بالحقائب التي ستسند الى الدروز ونطالب الرئيس المكلف أن ينظر الى هذا الموضوع بكل جدية واحترام لموقع الدروز الحاضر والتاريخي في البلاد».

عقدة قانون الانتخاب

ووفق أوساط نيابية مستقبلية فلا اتفاق حتى الساعة على الصيغة النهائية للحكومة، رغم أن الرئيس سعد الحريري يعمل جاهداً لفك عقد التأليف، وهو مع أي صيغة وتوزيعة تراعي تمثيل كافة الأطراف والطوائف، لأن هدفه الأساس تشكيل الحكومة ومباشرة عملها في ظل الوضع الخطير في المنطقة والأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها لبنان»، وأشارت لـ«البناء» الى أن كل عقدة ولها حل، لكن الأهم هو نية الأطراف تشكيل الحكومة فهناك عقبات داخلية وخارجية لا تزال تعترض عملية التأليف وتوجد قطبة مخفية بمعزل عن الصيغ وتوزيع الحقائب»، واعتبرت أن قوى 8 آذار تمارس الضغوط على الحريري لتحقيق مكاسب أكبر قبل تشكيل الحكومة تتعلق بقانون الانتخاب، وبالتالي الأمور أكبر من حقائب، فالحريري لا يضع فيتوات على أي وزير أو حقيبة، لكن على الأطراف الأخرى التعاون، وتساءلت: لماذا عادت صيغة الثلاثين الى التداول بعد أن قطعت صيغة الـ24 أشواطاً؟ ولماذا تم طلب إعادة تبديل عدد من الحقائب؟ لافتة الى أن «الحريري قدم الكثير من التنازلات في انتخابات رئاسة الجمهورية ولا يستطيع تقديم المزيد في الحكومة»، ورجحت المصادر أن «تطول مدة التأليف الى ما بعد عطلة الإعياد إذا تم توافق الجميع على تشكيلة الثلاثين».

وأوضحت المصادر أن تيار المستقبل مع إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، ومع إقرار قانون جديد للانتخابات على أساس المختلط 68 أكثري و60 نسبي كمرحلة أولى مع الانفتاح على الصيغ الأخرى، وإيجاد قانون ما بين المختلط الذي قدّمه المستقبل والقوات والحزب الاشتراكي ومختلط الرئيس بري 64 نسبي و64 أكثري .

ورأت كتلة «المستقبل» بعد اجتماع برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة «ضرورة التوقف عن ممارسات ربما يقوم بها البعض لفرض شروط تعجيزية أدّت حتى اليوم إلى تأخير تشكيل الحكومة»، وذكرت الكتلة بـ«موقفها الثابت والمتمسك بالصيغة المختلطة حول قانون الانتخاب بين النظامين الأكثري والنسبي».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى