بلدة المنية في الحزب السوري القومي الاجتماعي والرفيق الدكتور رئيف قليمة

كما مركبتا المجاورة، شهدت مدينة المنية حضوراً حزبياً جيداً شمل عائلاتها، خاصة العائلتين الأكبر: علم الدين وزريقة. تميّز من الراحلين الرفيقان عبد القادر سعيد علم الدين ومحمد عمر زريقة، وقد توليا مسؤوليات محلية، شاركا في الثورة الإنقلابية وتعرّضا للسجن، ولما خرجا تابعا نضالهما الحزبي، وتوليّهما للمسؤوليات.

ولم تشذ العائلات الاخرى عن انضواء ابناء منها في حزب النهضة، كذلك الاقلية المسيحية في المنية، وقد تميز من ابنائها الرفيق الدكتور رئيف قليمة 1 .

في النبذة المعممة بتاريخ 9 ايار 2014 عن «مركبتا في الحزب السوري القومي الإجتماعي» أشار الأمين يوسف الشامي إلى علاقته الوطيدة بالرفيق رئيف قليمة « فكنّا لا نفارق بعضنا إلا نادراً، والحديث بيننا يتناول الزعيم ومبادئه وحياته والأيام القومية المشهورة «.

يوضح ان الرفيق رئيف هو أول المنتمين من أبناء «المنية»، وقد تمّ ذلك في أواخر أربعينات القرن الماضي»، ثم تلاه، في أواخر الخمسينات الرفيق أنيس البيطار ثم الرفيق عبد القادر علم الدين 2 . يضيف:

« بعد اغتيال العقيد عدنان المالكي في 22 نيسان 1955 ونزوح آلالاف من القوميين الإجتماعيين من الشام إلى لبنان، بدأت مرحلة الحضور الحزبي الفعلي في «المنية» عن طريق الأمين عمر أبو زلام 3 وكان قد عيّن منفذاً في طرابلس، وكانت هذه المرحلة، بين 1955 1958، المرحلة الذهبية في «المنية» إذ انتمى عدد كبير من الرفقاء.

جميع الرفقاء الأوائل في «المنية» رحلوا تباعاً وهم: رئيف قليمة، أنيس بيطار، يوسف قليمة، إسبر قليمة، كمال كنعان، عبد القادر علم الدين وشقيقه مصطفى علم الدين، بهجت كنعان، ابراهيم البضن، محمد زريقة، صلاح العيسى».

من جهته افادنا الرفيق ايلي ستيليو 4 ان عدداً كبيراً من رفقاء «المنية» غادر الى سدني، منهم على سبيل المثال ناظر التدريب الرفيق زياد زريقة ، والرفقاء مصطفى علم الدين واخوته زياد، راغدة، احمد ومحمد، عادل مصطفى علم الدين، ثائر رغد علم الدين، خالد الشيخ، وشقيقاه حسن واحمد، حسن غمراوي، خالد سكاف، وعبده زريقة.

من بين رفقائنا الراحلين من «المنية» نعرض ادناه لما توفر لدينا من معلومات عن كل من الرفيقين رئيف قليمة ومحمد زريقة على امل ان نعمم اي معلومات اخرى تضيء على بدايات العمل الحزبي في «المنية» ونموّه، و أو عن رفقاء مناضلين رحلوا، ويهمّنا وفاء، ان نعرّف عنهم.

الرفيق الدكتور رئيف قليمة

أوردت النشرة الإذاعية من عدد شهر شباط 1995 النبذة التالية عن الرفيق د. رئيف قليمة:

« فقد الحزب السوري القومي الإجتماعي واحداً من أعضائه هو الرفيق الدكتور رئيف ابراهيم قليمة.

ولد الرفيق رئيف عام 1930 في بلدة المنية.

تلقّى علومه في مدارس البلدة، وفي طرابلس.

انتمى إلى الحزب السوري القومي الإجتماعي عام 1948 وسرعان ما ظهر أثره الإيجابي في أوساط

الطلبة حيث أصدر مع بعض الرفقاء مجلة «المحفل الأدبي» في معهد الفرير في طرابلس.

مارس نشاطاً حزبياً مميّزاً، في الوطن وفي الاغتراب، كان خلالها الملبّي في كلّ الظروف.. كما كان

منفتحاً على كافة فئات وشرائح المجتمع مما أدّى إلى منحه وساماً من رتبة «فارس» وتعيينه فخرياً في جمعية يوحنا المعمدان في الولايات المتحدة، وذلك لقيامه بواجباته كطبيب تجاه جرحى الحرب اللبنانية.

اقترن من السيدة دورا غبريال ورزق منها: ابراهيم ونعيمة واندريا

وافت المنية الرفيق الدكتور رئيف في شهر كانون الثاني 1995 وأقيم له مأتم حاشد مهيب شارك فيه،

الى رفقائه واصدقائه، منفذو واعضاء هيئات منفذيات طرابلس والكورة وعكار، فضلاً عن وجوه المنطقة

السياسية والإجتماعية والطبية.

وقد أبّنه الأمين يوسف الشامي بكلمة مؤثرة جاء فيها:

« لقد كنت باكورة المنتمين في هذه البلدة الأبية، فمارست ما اعتنقت إيماناً لا يتزعزع، وقدوة حسنة

يُضرب بها المثل، وعملاً صامتاً عزّ نظيره، ومثابرة على العطاء المتواصل، والإلتزام الكلي بواجباتك،

فجسّدت أخلاق النهضة في مجتمعك وبيئتك ومهنتك فأحبك الجميع « .

الرفيق محمد عمر زريقة

ولد الرفيق محمد زريقة عام 1936 .

انتمى الى الحزب عام 1953 وتولى عدة مسؤوليات حزبية كان فيها مثالاً في الايمان والاندفاع.

شارك في الثورة الانقلابية وحكم عليه بالسجن لمدة عامين.

اقترن من الرفيقة انعام دسوم ورزق منها بأربعة اولاد، ثلاثة منهم اصبحوا قوميين اجتماعيين.

منح وسام الواجب عام 1999 تقديراً لنضاله والتزامه الحزبيين.

أقعده المرض خلال العامين الاخيرين من حياته، لكنه ظل يتابع المسيرة الحزبية حتى الرمق الاخير بإيمان وصبر قلّ نظيرهما، الى ان وافته المنية في 28 شباط 2003 وشيّع الى مثواه الاخير في بلدته «المنية»، ويوم الاحد 16 آذار احيا الحزب ذكرى الرفيق الراحل في «قاعة المنتزه» في المنية.

وقالت النشرة الاذاعية في عددها الصادر في اول ايار 2003:

« تقدم الحضور النواب: الامين سليم سعاده ممثلاً مركز الحزب، صالح الخير، وجيه البعريني، عبد الرحمن عبد الرحمن، عبد القادر علم الدين ممثلاً النائب محمد الصفدي، إضافة الى عدد من المسؤولين المركزيين والمنفذين العامين لمنفذيات طرابلس وعكار والكورة وحشد من الرفقاء والمواطنين.

بعد النشيدين اللبناني، والسوري القومي الاجتماعي، تكلم الرفيق لطيف عطية عريفاً، ثم القى النائب صالح الخير كلمة قال فيها:

« عرفته عاقلاً ومثالاً للتربية الصالحة والأخلاق الفاضلة، لقد كان قليل الكلام، وان حدّث فهو محاور هادئ ورصين، كيف لا وهو ابن مدرسة غنية بالفكر والعقيدة الوطنية والقومية، مدرسة انطون سعاده، مؤسس الحزب الذي قدّم التضحيات والشهداء أمثال سناء محيدلي التي سطرت أعظم ملحمة استشهادية ضد العدو الصهيوني.

ثم تطرق النائب الخير الى الاوضاع التي تشهدها المنطقة فرأى انّ هدف اميركا والصهيونية إعادة تقسيم المنطقة وإنشاء كيانات هزيلة لربطها بمركز القرار الصهيوني الاميركي الذي يخطط لنظام عالمي جديد للهيمنة على العالم وخصوصاً على منطقتنا ونفطنا وثرواتنا».

والقى المختار شوكت فتوش باسم مخاتير المنية، كلمة قال فيها:

« نعيد كتاب حياتنا، نتفحص اوراقه، فنرى اياماً مغموسة بالبؤس.. لكنها موسومة بالعز، محفوفة بالمخاطر.. لكنها هانئة بالآمال. نرى رجالاً ما خافوا الموت، وما ارهبهم تهديد ولا وعيد، منهم المناضل محمد عمر زريقة الذي ولد بالايمان وتربى على العز وناضل للكرامة، فجبينه المكلل بالفخر ينبئ بأن المبادئ لا تزول والحق لا يموت والرجال لا يفنون.

.. فخر عائلته ورفقائه نتلمسه في هذا الجمع الكريم، نحسه لدى الذين ارادوا اليوم لمن لا يعلم بأن أبا عمر عاش حياة نضال وأيام صراع وسنين كفاح.

فهنيئاً لكل من نما بالمعرفة وحيا بالفضيلة ورحل بالعزة مثمراً قيماً تظل شريطاً ممدوداً بين ماض بعيد وحاضر قريب ومستقبل نأمل بأن يكون واعداً».

بعده ألقى المحامي محمد الخير كلمة بلدية المنية ومما قاله:

… انهم خيرة الناس، لأنهم آمنوا بأن الانسان هو عبارة عن عقل يفكر ولسان يعبر، والفكرة عندهم هي وجود يتجسد في المجتمع ويتفاعل بالآخرين. هذا الانسان العاقل هو الانسان الحضاري الذي يعي ان عمق الحضارة هو الانتماء الى الأمة على مبدأ التطور والارتقاء بعلاقة جدلية بين الحرية والمسؤولية والدين والدولة.

… ان من كان اليوم سبباً في اجتماعنا هذا، هو أحد المناضلين الاحرار الذين رفضوا الانتماء الى القيد الطائفي والمناطقي والعشائري، وقرروا الانتماء الى قضية تساوي وجودهم، عنيت فقيدنا المرحوم محمد عمر زريقة .

ثم القى عضو المكتب السياسي المركزي النائب الامين سليم سعاده كلمة مركز الحزب حيث أشار الى مواقف الرفيق الراحل وصلابة إيمانه بمبادئ النهضة السورية القومية الاجتماعية، التي ترجمها في مسيرة نضاله القومي بطولة وعزة وإباءً.

وتطرق الامين سعادة الى الاوضاع القومية التي تشهدها أمتنا والعالم العربي، فأكد على ضرورة مواجهة الخطر اليهودي الذي يتجسد اليوم بالتحالف الوثيق بين الصهيونية واليمين الاميركي المتطرف الذي يؤمن بالمزاعم التوراتية، ويعلن حربه العدوانية العنصرية على أمتنا بهدف إطباق الهيمنة لتحقيق مشروع «اسرائيل الكبرى».

والقى نجل الرفيق الفقيد، الرفيق المهندس عمر زريقة، كلمة العائلة ومما قاله في وداع الاب الرفيق:

« رحلتَ وأنت المؤمن بأن لبنان يحيا بالاخاء القومي ويفنى بالطائفية..

رحلتَ وانت تحلم بقيامة نظام جديد يقضي على الهجرة والتهجير النازفين وقد أصابك منهما سهم بهجرة اثنين من فلذات كبدك.

رحلتَ وانت تحلم بقيامة دولة المواطن لا دولة الطوائف.

رحلتَ وانت تعمل لانتصار مفاهيم النهضة الجديدة من اجل مجتمع جديد يعلو فيه الولاء القومي على كل ولاء.

رحلتَ وانت تنظر جنوباً الى فلسطين الجريحة وقلبك يعتصر من مشاهد القتل والتدمير على ايدي المجرمين الصهاينة.

رحلتَ وانت قلق على عراق يسعى الحاقدون من اليهود والطواغيت للانقضاض عليه ثأراً لتاريخ قديم…»

هوامش

1 – كان الرفيق رئيف قليمة منح رتبة الامانة في فترة الانقسام الحزبي، ثم سقطت عنه لاحقاً عند حصول الوحدة الحزبية. استمرّ على ايمانه بالقضية القومية الاجتماعية والتزامه الواعي بها.

2 – عبد القادر علم الدين: شارك في الثورة الانقلابية وحكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات، ولما خرج من الاسر، تابع نضاله الحزبي متولياً مسؤوليات حزبية، منها مسؤولية منفذ عام طرابلس.

3 – عمر ابو زلام: محام. من حلب، تولى مسؤوليات مركزية ومحلية عديدة، منها عميد العمل، منح رتبة الأمانة. وكان خطيباً مفوّهاً وضليعاً بالعلوم القرآنية.

4 – ايلي ستيليو: من الاشرفية. تولى في سدني مسؤوليات عديدة، كان في زيارة الى الوطن عندما التقينا به وسألناه عن رفقاء «المنية» في سدني.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى