الزميل الوفيّ خالد اللحام رحل عن مهنة المتاعب

جهاد أيوب

الزميل خالد اللحام ترنّح عن شجرة الإعلام بعد صراعة الطويل مع قلق المهنة التعب المرض الحياة ورحل.

هو الكاتب الثقة، والصحافيّ النشيط، والإعلاميّ الغزير، والزميل المتواضع السائل والباحث عنّا أينما كنّا وغبنا وغادرنا المسافات عنه. ونحن دائماً في ذاكرته.

منذ شهور، التقيت به في دائرة الأحداث الآنيّة والريبورتاج في «إذاعة لبنان» حيث ختم مشواره فيها، فبادرني بعاطفة أخجلتني وأبكتني ولجمتني.

لا يزال كما رأيته، وأنا كنت لا أفقه في الإعلام. أخذ بيدي وكتب عن تجربتي التشكيلية وأنا بعمر 15 سنة، عامَلني كشقيقه، حملني على أكتافه، نشر أكثر من مقالة عن تجربتي في العزيزة «اللواء» وبعض الصحف الخليجية، واستضافني في كلّ إذاعة عمل فيها، وبالأخصّ الإذاعة اللبنانية.

الزميل خالد اللحام وقف إلى جانبي في الإعلام، وفي الأدب، وفي التشكيل كما وقف مع غيري، لم يطلب مصلحة ولا غاية ولا مادة، كان موظّفاً مثالياً حتى اليوم الأخير في حياته، وكان صديقاً رائعاً حتى رحيل أنفاسه الأخيرة.

قال لي حرفياً في اللقاء الأخير: «السكّري والضغط والفقر ومشاهدة تهديم الوطن أمامي، وتلاشي جسر الإعلام الذي أعطيته كلّ جروحي، والأخطر أشاهد تجار الدين يكذبون علينا، وأصبحوا نجوماً في فضاء الوطن، كلّ هذا قتلني وذبحني، وحطّم أحلامي… يا حرام، اخترب كل شي أمامي، بس حاسس إنو بنتي حا تكون أفضل منّي بهالوطن».

أعطى الإعلام ومهنته كلّ عمره، ولم تعطِه غير السهر والتعب ومرض السكري. قدّم لها أحلامه، وأهدته مجموعة من الأمراض والأوجاع. سهر حتى يُبرز في حروفه أسماء منها ما عبر ومنها ما ترك بصمة، وظلّ أميناً لقلمه كما يفهمه ويعشقه. لم يتسوّل بل احترم عمله ولقمة عيشه. ولم ينحنِ بل جاهد في الإعلام والحياة حتى قضى عليه عشقه للإعلام، وغادر الحياة وهو لم يحقّق إلا بعض أحلامه في الحياة.

للمرّة الأولى تتوه منّي الكلمات. فأنا اعتذر منك يا خالد، لم أقف إلى جانبك بسبب هَرولة الحياة منّا في وطن الكذبة، ولم أسأل عنك كما كنت تسأل عنّا… سامِحنا فنحن حتى في رحيلك عجزنا عن قيامنا بالواجب.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى