أسئلة ما بعد اغتيال كارلوف؟
نظام مارديني
لا يمكن قراءة عملية اغتيال السفير الروسي «اندريه كارلوف» في أنقرة على يد الشرطي التركي «مولود الطنطاش» وما استتبع ذلك من اعلان جماعة وهمية تسمّي نفسها «الحركة الشعبية السورية»، إلا باعتبارها تأتي في سياق «حرب عالمية» بدأت تتوسع ضد الإرهاب، وهي ستشمل قريباً دولاً كانت في المحور الداعم للجماعات التكفيرية.. فكيف ستجلب موسكو هذه الدول إلى محورها الذي يشهد انتصارات ميدانية عسكرية وسياسية ودبلوماسية؟ ولماذا كانت ردة فعل العاصمة الروسية متماسكة ومختلفة عن سابقتها إبان إسقاط الطائرة الروسية؟
لقد هيأ أردوغان في سياسته الخارجية البيئة الخصبة لولادة أشكال من التطرف «الإسلاموي»، وهو الذي فتح حدوده أمام الجماعات الأكثر تطرفاً، وفي مقدمها تنظيما «داعش» و«النصرة» وقدّم لها تسهيلات لوجستية مهولة، محولاً خلالها تركيا الى ممر ومستقر لعشرات الآلاف من مقاتلي الجماعات التكفيرية المتطرفة الذين نظّموا أبشع جرائم الإبادة في كل من سورية والعراق.
إذاً، أردوغان هيأ للشرطي «الطنطاش» ألّا يتردّد في اغتيال ممثل دولة كبرى داخل معرض فني، وهو وحده من يتحمّل المسؤولية عن مقتل السفير الروسي. وكان سبق لأردوغان ان كرّم القاتل لشجاعته في قمع التظاهرات وقتل العديد من الضباط الأتراك وعليه تم اختياره لمكان حساس في حماية الدبلوماسيين، لتكشف الحادثة أنها ليست سوى تفصيلة في النتائج المتحصّلة حتى الآن من سياسات هذا الإخواني التركي، ومن النتائج المتوقعة لاحقاً أيضاً، وهذه ربما ستكون أشدّ وطأة على تركيا وإقليمها، وعلى العالم كله.
الواضح أن عملية الأغتيال جاءت عشية تطورات مهمة في المشهد السوري، وهي:
انتزاع حلب الشهباء من براثن خوارج التأريخ، عودتها موحدة إلى كنف الدولة السورية بعد الانتصار الذي حققه الجيش السوري وحلفائه في المدينة والتي انتهت إلى خروج بقية الجماعات الإرهابية من هذه المدينة التي تشكل العاصمة الاقتصادية لسورية. ولعل صحيفة «الديلي تلغراف» كانت الأكثر وضوحاً عندما رأت «بتحرير حلب فقد الغرب سيطرته على الشرق الأوسط». وهذا التحرير شكل ضربة قاصمة للمشروع الصهيو أميركي ـ الخليجي في تقسيم سورية.
الاجتماع الثلاثي، الروسي ـ الإيراني ـ التركي في موسكو، الذي يؤكد على تسوية الازمة السورية وإعادة الحرارة إلى الحوار السوري السوري، برعاية روسية.
اعتراف وزير الخارجية الأميركي جون كيري بالمسؤولية عن فشل الاتفاق بين واشنطن وموسكو حول سورية، بسبب «انقسامات» داخل إدارة أوباما.
هجوم متعدّد لتنظيم داعش الإرهابي في الأردن وألمانيا وسويسرا وروسيا، وهي مستمرة في مصر، وتهدد فرنسا والدول المغاربية، مستثنية دول الخليج والولايات المتحدة!
أخيراً، إن أغتيال السفير كارلوف يأتي في سياق محاولات محمومة لحفر الخنادق بهدف عرقلة حركة «الدب الروسي» الذي يعمل لمنع الحراك الغربي والخليجي من جر المنطقة لحرب إقليمية بعد خساراته المتتالية في الميدان السوري، رغم أن ضباط الاستخبارات الغربية و«الإسرائيلية» والخليجية هي مَن كان يقود الجماعات الإرهابية في شرق حلب، كما كشفها السفير السوري بشار الجعفري.
ولكن سيبقى السؤال في أروقة الكرملين، لماذا تم اختيار «الطنطاش» تحديداً لمرافقة السفير «كارلوف»؟ ولماذا تمت العملية بهذه الطريقة العلنية وأمام وسائل الإعلام؟ ولماذا قتل الجاني مباشرة وقد كان من الممكن اعتقاله لكشف مَن يقف وراءه؟