بوتين: نطوّر قدراتنا النووية بمراعاة الاتفاقات الدولية
أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في مؤتمره الصحافي السنوي في موسكو، أمس، أن روسيا تواصل تطوير ثلاثية النووي التابعة لجيشها، بمراعاة صارمة لكل الاتفاقات الدولية التي وقعت عليها. وأشار إلى أن العلاقات مع أميركا في أدنى مستوياتها. وأن عناصر هدامة اخترقت مؤسسات الدولة التركية بشكل عميق.
وجدد بوتين التزام روسيا باتفاقية الحد من الأسلحة الهجومية الاستراتيجية. وعبر عن دهشته من رد الفعل العنيف من قبل واشنطن على تصريحات سابقة له حول أهمية ثلاثية النووي القوات النووية البرية والبحرية والجوية بالنسبة للأمن القومي الروسي وحول كون روسيا أقوى من أي معتد محتمل في الوقت الراهن.
وأوضح أنه لا يحاول إنكار التفوق العسكري الأميركي في جميع المجالات، تقريبا. أما تصريحاته التي جاءت خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع الروسية، الخميس، فتؤكد أن موسكو لا تخشى من أي هجوم من جهة الولايات المتحدة.
وتساءل قائلا: «لماذا بدأ مسؤولون من الإدارة الأميركية الحالية يؤكدون أنهم الأقوى؟ فعلا، لديهم عدد أكبر من الصواريخ والغواصات وحاملات الطائرات. ونحن لا نحاول إنكار ذلك، بل نقول إننا أقوى من أي معتد، وهذه هي الحقيقة».
وأكد أنه لا يرى شيئا جديدا في تصريحات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، حول عزمه تعزيز القدرات النووية للولايات المتحدة. وذكر بأن ترامب تحدث عن نيته هذه بالتفصيل خلال حملته الانتخابية. ورأى بأن ترامب فاز في الانتخابات لأنه أدرك «مزاج المجتمع» وعمل في إطار هذا النموذج حتى النهاية، مؤكدا أنه «لم يثق أحد، باستثنائنا، بأنه سيفوز».
واعتبر بوتين إن الإدارة الأميركية الحالية وكذلك، قيادة الحزب الديمقراطي الأميركي، تحاول تحميل قوى خارجية المسؤولية عن فشلها. وأكد «أن ذلك غير صحيح. ويدل على وجود مشاكل بنيوية لدى الإدارة الحالية».
وأوضح إن مجموعة القراصنة الهاكرز الذين اخترقوا البريد الإلكتروني للحزب الديمقراطي الأميركي، كشفوا عن التلاعب بالرأي العام في الحزب الديمقراطي، ضد المرشح الآخر بيرني ساندرز، مشيرا إلى أن «رئيسة اللجنة القومية للحزب الديمقراطي قدمت استقالتها وذلك يعني أنها أقرت أن القراصنة كشفوا عن الحقيقة». وأمل في أن المجتمع الأميركي سيستخلص دروسا من الانتخابات الرئاسية الأخيرة في البلاد، مشيرا إلى أن النظام الانتخابي في الولايات المتحدة عفا عليه الزمن. وأن ذلك يمثل مشكلة للبلاد. وأكد إن مسألة تحسين العلاقات الروسية الأميركية ستتصدر مباحثاته مع الرئيس الجديد دونالد ترامب في أول لقاء لهما، مشيرا إلى أن العلاقات بين البلدين تدهورت ووصلت إلى أدنى مستوياتها. ودعا للتفكير معا في كيفية تحسين هذه العلاقات.
بشأن الأزمة الأوكرانية، أعلن بوتين أن «رباعية النورماندي» آلية غير فعالة لتسوية الأزمة، إلا أنها الآلية الوحيدة وسيستمر العمل في إطارها. وقال، إن الوضع سيتدهور بسرعة في حال فشل هذه الآلية، مؤكدا على ضرورة تجنب ذلك. ودعا إلى تبادل الأسرى في منطقة دونباس بشرق أوكرانيا وفقا لمبدأ «الجميع مقابل الجميع». كما دعا كييف إلى العفو عن جميع السجناء من سكان دونباس، الذين تعتبرهم السلطات الأوكرانية «مدانين بشكل قانوني». وأن كييف يجب أن تفكر في ألا يُعتبر الجيش الأوكراني جيش احتلال في دونباس، أي في أراضي البلاد نفسها.
وقال إنه يؤيد قيام الاتحاد الأوروبي بإلغاء التأشيرات لمواطني أوكرانيا، معتبرا أن التأشيرات في أوروبا، مفارقة تاريخية من أيام الحرب الباردة، داعيا إلى التخلي عن استخدام التأشيرات في أوروبا عموما.
وشدد على أن موسكو مهتمة بتطوير العلاقات مع أوروبا، إلا أنها بحاجة إلى شريك موحد يمكن إجراء الحوار معه. وقال: نريد بالطبع أن تتحدث أوروبا بصوت واحد وأن تكون شريكا يمكن الحوار معه. إن ذلك هو ما يهمنا. وإلا فإننا سنبحث عن إمكانيات للحوار على مستوى الدول. وأكد استعداد موسكو لرفع العقوبات التي فرضتها على الدول الأوروبية، في حال رفع الاتحاد الأوروبي عقوباته ضد روسيا. وأعرب عن أمله في استئناف التعاون الأمني بين روسيا والغرب.
ولفت بأن رأيه حول خفايا حادثة إسقاط تركيا للقاذفة الروسية في سورية، تغير في الآونة الأخيرة. مؤكدا أن عناصر هدامة اخترقت المؤسسات التركية بشكل عميق. وقال إنه كان في البداية، يشكك في احتمال أن يكون إسقاط قاذفة «سو-24» في سماء سورية بصاروخ تركي، نُفّذ من دون أمر من القيادة التركية العليا، من قبل أشخاص سعوا للإضرار بالعلاقات الروسية التركية. لكن التطورات الأخيرة، بما في ذلك اغتيال السفير الروسي في تركيا أندريه كارلوف، دفعت به إلى تغيير موقفه هذا.
أضاف: «اليوم، بعد الهجوم على سفيرنا من قبل عنصر من القوات الخاصة، بدأ موقفي يتغير. ويبدو لي أن كل شيء ممكن. وأن اختراق العناصر الهدامة لمؤسسات الدولة التركية يحمل طابعا عميقا». وأكد أن اغتيال السفير، كان بالدرجة الأولى، هجوما على روسيا وعلى العلاقات الروسية التركية. لكنه حذر من توجيه أصابع الاتهام إلى جهة معينة في الوقت الراهن. ولفت إلى أن موسكو تدرك أهمية العلاقات مع تركيا وستبذل الجهود القصوى لتنميتها.