النيو إدارة أميركية ترقب وقلق وانتظار

بلال شرارة

ثبّت المجمع الانتخابي الأميركي الاثنين 10 كانون الأول انتخاب دونالد ترامب الرئيس الـ 45 للولايات المتحدة، وعلى وقع الاتهامات الجانية للرئيس الأميركي الحالي باراك أوباما لروسيا بقرصنة الانتخابات الأميركية، وقبل بضعة أسابيع من انتقال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب الى البيت الأبيض، في هذا الوقت يقع الرئيس الجديد أمام تحدّ دولي يتمثل باهتزاز الثقة بالسياسة الأميركية في الشرق الأوسط وشبه جزيرة القرم بـ القيادة العالمية للولايات المتحدة التي هي أمر لا غنى عنه للمصالح الأميركية في العالم. وهو الأمر الذي ترى فيه دول العالم الكبرى بأنه شعارات غير واقعية، وأنّ الواقع هو الاعتراف بقيادة متعدّدة للساحة الدولية. وعلى المستوى الأميركي الداخلي يقف الرئيس المنتخَب في مواجهة غامضة مع شركات المعلوماتية والاتصالات المتطوّرة، وتسبق الرئيس الأصداء المدوية لتعييناته الأمنية والعسكرية والمدنية في مناصب حكومية وأمنية، ومن أبرزها:

ـ وزير العدل: جيف شيشنز هو سيناتور مناهض للهجرة من ألاباما.

ـ مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية سي أي آي : مايك بومبيو هو أشدّ منتقدي الاتفاق النووي الإيراني، عضو الكونغرس المتشدّد عن كنساس.

ـ وزير التجارة: ويلبر روس مليادير ومستثمر عرف كثيراً باستثماراته في مصانع الصلب والفحم.

ـ وزير الدفاع: جيمس ماتيس جنرال متقاعد كان يترأس كتيبة قوات مشاة البحرية مارينز خلال حرب الخليج الأولى، وفرقة تابعة لقوات المارينز خلال غزو العراق في 2003.

ـ وزيرة التعليم بيتسي ديفوس ناشطة ثرية من الجمهوريين في ميشيغن، مؤيدة لبدائل عن المدارس الحكومية المحلية، في حركة تدعو إلى إصلاح يعطي الأهالي خيار الخروج من نظام التعليم الرسمي المجاني.

ـ وزير الصحة والخدمات الإنسانية توم برايس هو نائب عن جورجيا وجرّاح سابق من أشدّ منتقدي النظام الصحي الذي أطلقه أوباما.

ـ مستشار الأمن القومي الجنرال المتقاعد مايكل فلين هو أبرز مستشاري ترامب العسكريين. جنرال خدم في الحروب التي خاضتها أميركا في العراق وافغانستان.

ـ وزيرة النقل ايلين تشاو، وزيرة العمل السابقة في حكومة الرئيس جورج دبليو بوش، كانت أول امرأة أميركية من أصل آسيوي تتولى منصباً حكومياً وهي زوجة زعيم الغالبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل.

ـ وزير الخزانة ستيفن منوتشين خبير مالي في وول ستريت، كان شريكاً في «غولدمان ساكس».

ـ السفيرة لدى الأمم المتحدة نيكي هالي عرفت على نطاق واسع بصفتها حاكمة ولاية كارولاينا الجنوبية.

ـ رئيس موظفي البيت الأبيض راينس بريبوس رئيس اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري يعتبر رجل سياسة يمكنه بناء الجسور بين ترامب وقيادة الحزب الجمهوري.

ـ كبير المخططين الاستراتيجيين ستيف بانون هو شخصية بارزة في حملة ترامب الانتخابية الناجحة.

ـ مستشار البيت الابيض دونالد ماكغان: مسؤول سابق ورئيس للجنة الانتخابية الفدرالية.

أما في ما يخصّ وزارة الخارجية فقد أجرى ترامب جولات تشاور عدة بحثاً عن وزير للخارجية، وتمّ التداول بشكل كبير بأسماء حاكم ماساتشوستس السابق ميت رومني، وهو من أشدّ منتقدي الرئيس المنتخب، ورئيس بلدية نيويورك السابق رودي جولياني إلى جانب الجنرال ديفيد بترايوس والسيناتور بوب كوكر.

وعلى صعيد الأمن الداخلي يجري التداول بأسماء الجنرال جون كيلي وفران تاونسند الذي كان مستشار الأمن الداخلي في إدارة الرئيس جورج دبليو بوش، وعضو الكونغرس مايكل ماكغول رئيس لجنة الأمن الداخلي في مجلس النواب.

وقد وجّه الرئيس ترامب من خلال تصريحاته وتعييناته الإدارية ما وصف بالصدمات للأميركيين في الداخل، خصوصاً في الملف الاقتصادي، جلّها يتركز على هدف إنقاذ الاقتصاد الأميركي من الركود، وعودة أميركا عظيمة أما في السياسة الخارجية، وحسب جو بايدن نائب الرئيس الأميركي في إدارة أوباما، فإنّ الإدارة الأميركية الجديدة سوف ترث أعقد الملفات غير المسبوقة في التاريخ الحديث، وسوف يعتمد استقرار السلام العالمي على قدرتها في المشي على هذه الأرض الملغومة. وشرق أوسطياً أثارت تصريحات ترامب المتصلة بالدول النفطية والعراق خصوصاً والتدخلات الأميركية العسكرية وأثمان الحماية قلقاً في الشرق الأوسط.

قبل الدخول في باب السياسات الدولية والشرق أوسطية خصوصاً، لا بدّ من الإشارة الى مستوى سياسة الرئيس الجديد الداخلية، إلى أنّ الأولويات المعلنة هي إصلاح القوانين المتعلقة بالصحة والهجرة والتوظيف. وكان ترامب قد أعلن في أعقاب لقائه رئيسيّ مجلس النواب ومجلس الشيوخ: سنخفض الضرائب وسنجعل الرعاية الصحية اقل كلفة .

على المستوى الدولي فإنّ من أكثر المسائل إثارة هي:

العلاقات الأميركية – الأوروبية، العلاقات الأميركية الروسية، والأعقد منهما العلاقات الأميركية الصينية، والتي يسجل في إطارها دعوة الحزب الشيوعي الصيني إلى التسلّح النووي رداً على مواقف الرئيس ترامب المعلنة ازاء الصين. وعلى نفس الصعيد تجدر الإشارة الى انّ الصين نفذت مناورات بالذخيرة الحية بمشاركة حاملة الطائرات لياونينغ وعشر سفن حربية أطلقت خلالها صواريخ تدمر أهدافاً في البحر، كما نفذ سرب جوي انطلق من حاملة الطائرات مناورات بالذخيرة الحية، وتأتي هذه المناورات وسط توتر أميركي – صيني على خلفية الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس ترامب مع رئيسة تايوان.

كما أنه من الأهمية بمكان رصد العلاقات الأميركية – اليابانية والعلاقات مع الهند ودول النمور ودول أميركا اللاتينية.

أما على الصعيد الشرق أوسطي فإنّ الرأي العام في المنطقة وفي ما يتصل بالشرق الأوسط، يعتقد بوجود إخفاقات كثيرة في أهداف السياسات الخارجية الأميركية في المنطقة، وهناك الكثير من عدم اليقين بشأن إدارة ترامب يسجل من خلال تصريحات الرئيس ترامب أنه حدّد ملامح سياسته في المنطقة انطلاقاً من اعتبار انّ:

ـ أولوية الأمن القومي الأميركي هي تدمير داعش ولكن من المفيد التنبّه إلى أنه عندما يجري تنصيب ترامب سيكون التحدي الأكثر تعقيداً الذي سيواجهه على صعيد السياسة الخارجية هو ما يجب القيام به بشأن سورية، وقد اقترح دينيس روس المبعوث الأميركي السابق إلى الشرق الأوسط خمسة خيارات بإمكان إدارة ترامب تطبيقها هي:

1 ـ مناطق حظر جوي آمنة.

2 ـ ضربات جوية ضدّ النظام لفرض عملية وقف إطلاق النار.

3 ـ تسليح أفراد المعارضة بعد التحقق من خلفياتهم.

4 ـ فرض العقوبات.

5 ـ الدبلوماسية.

ـ التحديات التي قد تواجه الولايات المتحدة جراء الشخصيات الشرق أوسطية التي تركت أثراً على السياسة الأميركية في المنطقه لسنوات وأولها المرشد الأعلى الإيراني السيد على خامنئي ومن قد يخلفه، والمرجع الشيعي الأعلى في العراق السيد علي السيستاني الذي يتبع سياسة هادئة، الرئيس الفلسطيني محمود عباس ارتفاع وتيرة التوترات في العلاقات الأميركية – الإيرانية على خلفية هزّ واشنطن للحبل الذي تمّ تعليق الاتفاق النووي بين إيران والدوّل الخمس + 1 عليه، دون الوصول إلى القطيعة أو نقطة الانكسار وعودة المفاوضات الأميركية – الإيرانية سعياً لإعادة إنتاج الاتفاق النووي.

ـ في واشنطن طرح سؤال عما اذا كانت رئاسة ترامب ستكون طريقاً مختصراً نحو استقلال كردستان العراق أم منعطفاً خاطئاً؟ مضمون هذا السؤال واستتباعاته تضمّنته منشورات عرضها خبراء وزملاء في معهد واشنطن … في الشرح المرفق جاء في السياق: أدّت الزيارات التي قام بها الزعماء الأكراد إلى بغداد، إلى قيام الولايات المتحدة بتسليح البشمركة وتزويدها بالمعدات، وتسليم أكثر من خمسين ألف برميل إضافية في اليوم من نفط كركوك لدعم اقتصاد حكومة إقليم كردستان، وهذه الزيارات تجعل وقوف إيران في طريق الاستقلال الكردي الأكثر موثوقية في المرور عبر بغداد وليس عبر أنقرة أو البيت الأبيض برئاسة ترامب.

ـ الضغط على المملكة العربية السعودية لصياغة حلّ يمني يكرّس حاجة المملكة العربية السعودية إلى الحماية الأميركية والغربية خصوصاً البريطانية المدفوعة عبر الضغط على دول مجلس التعاون الخليجي وخاصةً السعودية، بقضايا حقوق الإنسان ومبيعات الأسلحة الأميركية والغربية، وكذلك الضغط على أسواق البورصة الخليجية والسعودية خاصة عبر رفع الفائدة من قبل البنك الاحتياطي الأميركي.

ـ استعادة تصريحات الرئيس ترامب خلال حملته الانتخابية التي أشار فيها الى انه لن يضغط على تركيا او على الدول الحليفة.

ـ محاولة الولايات المتحدة الأميركية صياغة حلول عبر مبعوثها المنتظر إلى الشرق الأوسط صهر الرئيس ترامب بما يؤمّن المصالح الاسرائيلية.

ـ اختيار الرئيس ترامب للمحامي ديفيد فيردمان ليشغل منصب السفير الأميركي الجديد لدى إسرائيل وهو أحد أكثر السياسيين الأميركيين تشدّداً في تأييد الاستيطان، وهو أيضاً من المؤيدين لنقل السفارة الأميركية من تل ابيب الى القدس.

ـ على هذا الصعيد قالت تسيبي حوطوفلي نائبة وزير الخارجية الإسرائيلية «إنّ مواقف فيردمان تعكس رغبة في تعزيز قوة القدس كعاصمة لإسرائيل في هذا الوقت وتفهّماً انّ المستوطنات لم تكن المشكلة الحقيقية في المنطقة»!

ـ وفِي المواقف عبّر اللوبي الأميركي اليساري، عن معارضته الشديدة لتعيين فيردمان سفيراً لواشنطن في «إسرائيل»، واعتبر هذا التعيين متسرّعاً ويضع مصداقية وسمعة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط والعالم كله في خطر.

ـ ويرى محللون في هذا التعيين انّ الرئيس ترامب قد تجاوز رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو من اليمين، وانّ الأخير بعد هذا التعيين سيظهر كناشط في إحدى الحركات والمنظمات الحقوقية الاسرائيلية.

ـ وشرق أوسطياً تتكهّن بعض المصادر بعودة الحرارة الى العلاقات الرسمية الأميركية ـ المصرية وعودة التعاون العسكري على خلفية الاقتناع بوجهة النظر المصرية بمواجهة الإرهاب، خصوصاً ما يتصل بالساحة المصرية وليبيا والجوار الليبي.

يبقى أنّ جميع العالم ينتظر سياسة أميركية خارجية أكثر واقعية تبدأ بإنهاء مخلفات الإدارة السابقة من حروب وإتمام هزيمة داعش والعمل من أجل تسوية عادلة وشاملة في الشرق الأوسط والاستنتاج بأنّ استراتيجية الفوضى البناءة المعتمدة من الإدارات السابقة أدّت الى زعزعة الأمن والسلام الدوليين والإقليميين وحوّلت الشرق الأوسط الى بركان هائج.

وبانتظار انتقال الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض يعيش الشرق الأوسط حالة من الترقب والانتظار…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى