حوار الذاكرة 5

ـ أخي، عم شآماً عاد إلى شآمه.

ـ عمتَ شمساً تعود إلى شمسها يا أخي.

ـ أخي، نحن الآن على بوابة سنة مطرها يبشّر بخير سنة. ولكن ما عندك حول قولهم إن ذلك الشرّ العالمي بدأ بفخّ البرجين؟!

ـ بلى يا أخي، إنهم جعلوه خندق انطلاق للربيع الأفغاني، ثمّ العراقي مدعوماً هنا وهنالك بثورات ملوّنة مزعومة.

ـ أخي، ما السرّ الذي خبّأوه في ذلك؟

ـ أرادوا ألّا نفهم شيئاً إلّا أنه أدّى إلى ذلك التدمير الممنهج لكلّ من الأبوين الحضاريين: بلاد الرافدين وبلاد الشام، ومنها قفزوا إلى المغرب حيث تونس وليبيا وبلاد النيل، ومن ذلك كلّه إلى بلاد الشمس بلاد الشام لأنها نقطة كون!

ـ نعم، ولكن ما بلاد اليمن من ذلك يا أخي؟

ـ بلى يا أخي، إنهم يريدون اليمن حارساً لمنفذ البحر الأحمر، وذلك ليكبّلوا هذا الأحمر لصالح «إسرائيل»! بلى يا أخي، ثم إنهم يرون بعد تكبيل بلاد النيل بـ«كامب ديفيد» التي من شروطها ما جعل من مصر تسحب أخيراً ما عدّوه تدخّلاً ضدّ «إسرائيل»، ليس ذلك وحسب، بل ذهبوا بعيداً لاعتقال كرامة ووطنية بلاد النيل وذلك عبر تهديدها بالسدّ الإثيوبي الخانق للنيل، تماماً كما السدّ التركي بالنسبة إلى فرات بلاد الشام والرافدين.

ـ أخي أخي فهمت وأكثر! ولكن بقي شيء يحتاج إلى وضوح. بعضهم لسبب أو آخر يصفون بعضهم بالتفرّد في المؤسسات الفكرية والأدبية وحتى الشعرية، بخاصة أنّ التفرد أدّى إلى ردّ الفعل عبر ذلك التسوّل المزدوج في الأدب والنقد معاً، حتى غدا كلّ من العكاز والمكناس شاعراًَ سواء.

ـ أخي، ألا ترى أنك قد أجبت عن سؤالك في سؤالك، إنما أضيف إلى ما عرضته أنهم لاحقوا الحكمة حتى إلى المزابل، ولاحقوا الأدب والنقد حتى إلى وسائل التواصل الاجتماعي «الإنرنت وما إليه».

ـ يا أخي، هذا يعني أنهم لا يستطيعون أن يصلوا ولا يريدون لأحد أن يحاول الوصول! ونحن بشكل عام وعبر التاريخ السوري الشامل، لا نرى فعلاً موجباً كبيراً يولد إلا من مخاض كبير!

لكأنهم يا أخي في سيادة السدود، كأنهم في سياسة القيود، لم يدركوا حتمية اكتشفها أندريه جيد، وقوله «كلما اشتدّت قيود الضفّتين اشتدّ ما بينهما»!

وفي الجهة الأخرى، رأى غاندي رؤيته بما يوازي ذلك، ولكن بالمفهوم السياسي. قوله يعني مستعمري بلاده كأنهم لا يبصرون ذلك الزمن الآتي الذي سيحتلّ فيه المظلوم مكانة الظالم!

ـ بلى بلى فهمت يا أخي، وقد بدأ ذلك بسبق الاقتصاد الهندي حتى للاقتصاد البريطاني! ولكن أرجو أن تقول شيئاً للشهباء وأخواتها: ونحن على أبواب سنة عبر مطر سنة يثلج القلوب!

ـ أقول لهم: يا أهل، ألا تسمعون مثلي صوت الشهيد مخضّباً بالنور والحبور ينادي من عند ربّه: أهلي، شعبي، وطني، أمّتي، صدق قول السماء أبداً: المجد لله في الأعالي فلله العزّة جميعاً. وعلى الأرض السلام، سلام عليكم بما صبرتم. وطني لك السلام.

وكل سنة وأنتم بخير.

د. سحر أحمد علي الحارة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى