انتصار حلب بداية نهاية المؤامرة
جاك خزمو
في حوإلى الساعة الثامنة و14 دقيقة من مساء يوم الخميس 22 كانون الأول 2016، غادرت آخر حافلة تقلّ «مسلّحين» إرهابيّين حلب، وبذلك تكون حلب قد عادت إلى الاستقرار وإلى سيطرة الدولة الشرعية عليها.
مغادرة «المسلّحين» لمدينة حلب تمّت باتفاق شاركت فيه جهات عدّة، وفي المقدمة روسيا مع تركيا وإيران. واستغرق تنفيذ هذا الاتفاق حوالى الأسبوعين، إذ كان يتعطّل لأنه كان مرتبطاً بإخراج جرحى ومرضى من بلدتي الفوعة وكفريا المحاصرَتين من قِبل الإرهابيين، وتعطّل لأن المسلحين حاولوا انتهاك الاتفاق، ولكنّ الجيش العربي السوري منع خرق هذا الاتفاق أو انتهاكه.. ولكن في النهاية نظّفت حلب من الإرهاب وعناصره وأدواته، وها هي تحقّق انتصاراً على الإرهاب، وتحتفل بذلك وتعيد إلى مواطنيها الفرحة والاستقرار.
لماذا قبلت سورية، مدعومة بحلفائها، باتفاق يسمح للمسلّحين الإرهابيين بمغادرة «حلب» بصورة سلميّة مع عائلاتهم، ويحملون أيضاً سلاحهم الفردي الشخصي!
والجواب واضح أنّها تقبل ذلك من باب القوة والقدرة والأخلاق الرفيعة، لأنّها تهدف من وراء ذلك أولاً وأخيراً إلى تنظيف «حلب» من المسلحين، وثانياً لأنّها تريد أن يتمّ ذلك عبر عدم إراقة المزيد من الدماء، وتجنّب الدمار نتيجة معارك طاحنة دارت، وقد تدور، خلال عملية القضاء على هؤلاء «المقاتلين»، وثالثاً لأنّها أرادت إعطاء الفرصة للسوري المضلَّل الذي انضمّ إلى هؤلاء المسلّحين بالترهيب أو الترغيب بالتفكير جيداً، والتخلّي عن السلاح والعودة إلى أحضان الوطن، ورابعاً لتثبت القيادة السورية الشرعية أنّ أهدافها الأساسية هي مكافحة الإرهاب، وليس القتال والقتل كما تنشر وسائل الإعلام المضلّلة والإرهابية! وخامساً تودّ أن تعطي رسالة واضحة بأنّها مع المصالحة الوطنية وتشجّعها من خلال مسامحة من ضلّل وعادى الوطن، وأراد التوبة والعودة إلى رشده وحضن الوطن.
وهناك تكهّنات حول ماذا سيفعل الجيش السوري وحلفاؤه بعد انتصار حلب؟ وهل سيوقف القتال ضدّ الإرهابيين أم ستكون هناك استراحة لإعطاء الجهود السياسية في تحقيق صلح سوري سوري من دون تدخّل الآخرين من الخارج؟
لا شكّ أنّ القيادة السورية تبذل قصارى جهودها لحقن الدماء، وشاركت في مؤتمرات عديدة، وهي تصرّ على أنّ الحلّ هو سياسي عبر حوار سوري سوري بعيد عن تدخّلات جهات خارجية، وتدعم روسيا هذا التوجّه، وفي الوقت نفسه تقول القيادة السورية الشرعيّة إنّ لا مهادنة مع الإرهاب، أي ستتواصل الجهود العسكرية والسياسية لطرد الإرهاب من كافة الأراضي السورية!
بعد انتصار حلب، فإنّ عددا كبيراً من المسلّحين الذين غادروا المدينة وذهبوا إلى «إدلب»، قرّروا التخلّي عن السلاح وتسوية أمورهم مع الدولة، أمّا المسلّحون الأجانب فهم يسعون إلى مغادرة سورية والعودة إلى أوطانهم، أو إلى مِنْ حيث أتوا!
من المهام الأولى بعد انتصار حلب هو أن يقوم الجيش العربي السوري وحلفاؤه بتأمين سلامة حلب، وعدم السماح للمسلّحين بالاعتداء عليها أو اختراقها مجدّداً. أي بمعنى أدق وأوضح، هو تثبيت هذا الانتصار والحفاظ عليه.
ولا شكّ أنّ هذا التثبيت يتطلّب إبعاد المسلّحين أكثر وأكثر عن المدينة، وكذلك وضع خطط عسكرية لتحرير وتنظيف مناطق أخرى. وهذا يعتمد على تقييم ميداني وعسكري تقوم به قيادة الأركان السورية بالتعاون مع الحلفاء، بعد أخذ الضوء الأخضر لذلك من القيادة السورية الشرعية.
إنّ انتصار حلب ليس النهاية، بل قد يكون بداية النهاية للمؤامرة التي شنّت على سورية قبل حوالى ست سنوات، لأنّ لهذا الانتصار دلالات ومعانٍ كثيرة.
وتكمن معاني وأهميّة انتصار حلب في عودة سيطرة الدولة السورية على ثاني أكبر المدن السورية، وأهم مدينة صناعية، وعاصمة الاقتصاد السوري. وفشل المؤامرة التي شنّت على سورية في سلخ شمال سورية وخاصة حلب عن الدولة، أي أنّ هدف التقسيم قد ولّى من دون رجعة!
وإنّ أطماع تركيا في ضمّ المدينة إليها أو وضعها تحت سيادتها عبر ما يُسمّى بالمعارضة «المسلّحة المعتدلة» ذهبت وولّت أيضاً، لأنّ حلب تريد أن تبقى مع الدولة وليس في أيادٍ قذرة معادية للدولة.
ويؤكّد هذا الانتصار على أنّ الجيش العربي السوري قوي، وقادر على تحقيق إنجازات ميدانية كبيرة، وهذه رسالة إلى المسلّحين بأخذ ذلك بالحسبان، والتخلّي عن القتال والجنوح نحو المصالحة الوطنية.
وعدا عن ذلك، فإنّ الانتصار له أهميّته المعنوية الكبيرة للدولة والشعب على حدّ سواء. وهو يفرز من معنويات أبناء الوطن العالية لمواصلة معاركهم لتطهير وطنهم من الإرهاب وعودة الاستقرار إليه.
لا بدّ بعد هذا الانتصار أن نقدّم التحية والإجلال أولاً للجيش العربي السوري الذي بذل ويبذل كلّ جهد وقوة للدفاع عن سورية الغالية، لإبعاد شرّ الإرهاب عن أبنائها..
ولا بدّ أيضاً أن نقول لأبناء سورية، وخصوصاً أبناء حلب: هنيئاً على هذا الانتصار، هنيئاً على بدء انهيار المؤامرة، هنيئاً على ميلاد جديد للمدينة.. وكلّ الأمل في أن تحتفلوا دائماً بالأعياد بهدوء وفرح وتحت كنف الدولة الشرعية.
رئيس تحرير مجلة «البيادر» ـ القدس المحتلة