الفرق بين اتفاق وقف إطلاق النار بين تركيا وروسيا واتفاق 28 شباط 2016

حميدي العبدالله

في 28 شباط 2016 توصلت الولايات المتحدة وروسيا إلى اتفاق «وقف العمليات العدائية»، لكن الاتفاق لم يصمد أكثر من شهر واحد، تمكن خلاله الجيش السوري وحلفاؤه من استعادة مدينة تدمر ومواقع هامة في محيطها كان يسيطر عليها داعش. لكن الولايات المتحدة بدلاً من إلزام الجماعات المسلحة بمواصلة الالتزام بوقف العمليات، حرّضت عملياً هذه الجماعات على الاستفادة من الهدنة لشنّ هجمات ضدّ مواقع الجيش السوري المشغول، وقامت بإرسال دعم عسكري واسع كشفت عنه وسائل الإعلام الغربية في الأسابيع الأولى على بدء الهدنة، وفعلاً شنّت الجماعات المسلحة هجمات على مواقع الجيش السوري وحلفائه، وتمكنت من استعادة مواقع كانت قد خسرتها ولا سيما في ريف حلب الجنوبي.

كان واضحاً أنّ موافقة الولايات المتحدة في 28 شباط على الاتفاق هدف بالدرجة الأولى إلى وقف العملية العسكرية التي نفذها الجيش السوري لتحرير مدينة حلب، وإتاحة الفرصة أمام الجماعات المسلحة التي وجهت لها ضربات قوية في ريف اللاذقية وفي أرياف من حلب وخسرت الكثير من المواقع، من أجل التقاط أنفاسها وتجميع قواها وبدء هجوم جديد على مواقع الجيش، وهذا ما كان، ولهذا فشل الاتفاق، وأكدت روسيا والحكومة السورية وإيران أنّ اتفاق شباط كان لإنقاذ المسلحين وليس لإطلاق حلّ للأزمة السورية. أيّ أنّ اتفاق وقف العمليات بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها لم يكن بالنسبة لهم مدخلاً لحلّ الأزمة كما تريد موسكو ودمشق وطهران.

الاتفاق الروسي التركي يختلف عن الاتفاق الأميركي الروسي في كون الدول الثلاث روسيا وسورية وإيران باتت تمتلك تجربة تجعلها أكثر يقظة ولن تسمح لأيّ طرف بخداعها، هذا أولاً، وثانياً، تركيا ليست الولايات المتحدة، وهي قبلت التعاون مع روسيا من موقع ضعيف ليس فقط بسبب ما حققه الجيش السوري، ولا سيما في مدينة حلب، ولكن أيضاً بسبب المخاطر المحدقة بتركيا جراء استمرار الفوضى المسلحة على الحدود السورية – التركية، وامتداد هذه الفوضى إلى داخل تركيا، سواء عبر هجمات التنظيمات الإرهابية، أو عبر هجمات الأكراد، وبالتالي تركيا ليست في وضع يؤهّلها لاعتماد سياسة قائمة على الخداع والمناورة مع روسيا، حيث تتشكل مصالح مشتركة متنامية بين البلدين، يدعمها تنامي مصالح مماثلة بين إيران وتركيا، حيث تنسق موسكو وطهران موقفهما من تركيا.

هذه الفروق في الظروف والمعطيات واللاعبين من شأنها أن تقود إلى نتائج مختلفة، حتى وإنْ كانت هذه النتائج جزئية نظراً لأنّ وقف إطلاق النار لا يشمل «جبهة النصرة» وداعش، واستثنى منه بعض المناطق السورية الأخرى.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى