شكراً لبنان…
جمال العفلق
ليس تهكماً ولا تملقاً. شكراً لبنان الوطني المقاوم، شكراً لبنان العربي القومي الأممي… شكراً لبنان الشعب ولبنان المقاومة… تستحقون الشكر وتستحقون الاحترام.
نعم في عين العاصفة وعلى رغم الهجمة الشرسة على سورية الوطن، وسورية الشعب كان لبنان الوطني حاضراً ورافضاً للإذعان. في عين العاصفة والنشاط المحموم على قطع وقتل كل خطوط التواصل كان لبنان الوطني حاضراً مصراً على موقفه، في الوقوف مع الحق ولم يكن هذا من باب ردّ جميل وحسب، بقدر ما كان قراءة واعية ودقيقة للقادم. فالحرب على سورية لا يمكن أن تطاول لبنان ولا يمكن أن تحرق سورية وأرضها، لهذا قرر لبنان الوطني الوقوف وحزم أمره، لم يتردّد ولم يراوغ ولم يتباطأ فأعلن موقفه صراحة وأعلن دخوله المعركة سياسياً وعسكرياً.
وعلى رغم ضعف الإمكانات وعلى رغم الضغط الداخلي من بعض الأفرقاء والضغوط الإقليمية الناطقة بالعربية لم يتردّد لبنان المقاومة في التمسك أكثر بموقفه.
استقبل لبنان اللاجئين وفتحت بيوت وعلى رغم ما تشكله هذه الجموع من ضغط غير محسوب على اقتصاد لبنان قليل الموارد إلا أن وجود هذه الأعداد تمّ تحمله ولا يمكننا إنكار هذا. حتى وصلنا اليوم إلى ما يسمى أو ما سوّق له الإعلام بظهور حركة عنصرية انتشرت في الشارع اللبناني تدعو إلى قتل السوريين وطردهم… ولكن هذه الأصوات ليست كل لبنان، ولا تمثّل كل الشارع اللبناني. وأنا شخصياً لا أستغرب وجودها هي الأصوات نفسها التي كانت تطعن المقاومة بظهرها إبان حرب تموز… هي الأصوات نفسها التي تتبع لتيارات التي تفضل الاتصال مع «إسرائيل» وتلهث للوصل إليها… هي أصوات تلك المجموعات التي غرقت بالريالين القطري والسعودي على حساب لبنان الوطن.
وفي مرور سريع نجد أن التيارات السياسية التي تدعي أنها داعم لـ»الربيع العربي» وداعم بشكل خاص لما قيل عنه «ثورة سورية» هي نفسها من ترسل أنصارها أو المحسوبين عليها لإشعال الشارع اللبناني اتجاه السوريين، وإذا ما صرّحت تلك التيارات مدعية رفض ما يحدث فتصريحها خجول لا يرتقي لحقيقة الواقع الإنساني والأمني الذي يتعرض له السوريون في الشارع اللبناني.
فما هي مصلحة تلك الجماعات أو التيارات؟
بالواقع إن هذه التيارات لا تملك كل القرار بقدر ما هي خاضعة للقوى المسيطرة وسفاراتها في بيروت، ولا يمكن فهم تصاريح وتباكي هذه التيارات على الشعب السوري في وقت تقوم هي بالتضييق عليه على أرضها. وتجاهل هذه التيارات انضمام سلفيين سوريين إلى أقرانهم في لبنان من أجل محاربة الجيش اللبناني والمقاومة هو أمر واقع فلماذا تم تحميل الأمر إلى الجانب السوري فقط؟
ما تريده تلك التيارات وتمهيداً لخلط الأوراق الداخلية من جديد من أجل انتخابات الرئاسة ومن أجل تشكيل حكومة جديدة يتحكم فيها تيار بعينه من دون الآخرين. أن يتم تحميل كامل هذا الخلل الأمني لقرار لبنان الوطني الدفاع عن سورية. وتحميل المقاومة وزر هذا الفلتان على رغم أن أي متابع يعلم تماماً أن التيارات التي سعت لخلط الأوراق هي التي تستمد المال والسلاح من السعودية وقطر. فكيف يتم تحميل المقاومة المسؤولية؟ ومن جانب آخر إن الذين دعموا الحركات السلفية في سورية هم أنفسهم اليوم الذين يدعون ويشكون من وجودها في لبنان.
وما تريده هذه التيارات صناعة دور بطولة لها على حساب الشعبين السوري واللبناني.
وكان يكفي أن تخرج أصوات لبنانية نبيلة وشريفة تعلن موقفها الإنساني تجاه اللاجئين السوريين، ويكفي أن يخرج بعض الشباب في إعلان رفضهم لأي تصرف عنصري لنقول شكراً لبنان… فكيف اليوم وقد وقف جزء كبير من لبنان معنا؟ ودماء إخوتنا في المقاومة امتزجت مع دماء الجندي السوري على أرض سورية… شكراً لبنان وشكراً لكل المقاومين بالسلاح والكلمة.