عشق الصباح
إليك مريم والصبر والسماحة والجمال والضوء في وجهك منارة لمن يريد أن يهتدي. في صباح مشرق والريح شمالية باردة. اسكبي من «دنان الثغر الرحيق» على وجعي، كي يُسكرني النبيذ المعتّق!
أخذَتِ القلمَ من بينِ أصابعي، تريدُ أن تُلهيني عن الحبرِ، يكفيك وجع، كلماتك شغوفة بالحزن.. انتبه:
لا يكفُّ قلبي عن الشوقِ لسماعِ تراتيلك في فجرِ الضوءِ، «شو حالك بردان»؟ ضمني إليكَ أكثر أنا دفؤك؟
هزَّ برأسه، الصقيع في نقيّ عظامي يا مريم.
رتّل أيها الساقي لنشرب من الدنان سلافاً معتّقة، كأنني ثملان «من بنت عنقود». قالت بجدّية: «والله هذه الكتب الفلسفية العتيقة، سوف تدفع بكَ للجنون». ضحك من كلامها. لم يبقَ إلا الثمالات،على قول دريد لحام في مسرحية «كاسك يا وطن»: «الله وكيلك يا أبي ما ضلّ غير هل الشفّة» ورمى الكأس بعيداً. ها قد أسفر الصبح عن شوق يكابدني إليك، قطرات الندى توقظ غفوة الحلم، هذه ليلة شديدة البرودة، منذ عبور أول «دبّابة أميركية» جسر بغداد، وأنا أعاني من هذا الصقيع في نقيّ عظامي! يبدو أن كثيراً من الأشياء خرّبتها المتغيرات المسكونة باللعنة الأميركية والخونة والعملاء المتصهينين!
قالت مريم وهي تطوّق عنقي بذراعيها: «ستبقى دمشق العرين عاصمة الدنيا يفيض عطر ياسمينها على العالم! مالكَ ولهذا الوجع. شو رأيك. اكتبني، أي اكتب عني»، قال: «ويح أصابعي المتخوّفة الغارقة بالحبر، يا للهفة قلبي الشغوف بعطركِ، في كلّ لقاء تنتشي جذوة البوح، كأنني للمرة الأولى أكتب عن أنثى، من أين لي كلمات ومحبرة كي يليق البوح بجمال أنثى من حبق؟
حسن ابراهيم الناصر