زمن الصرخات… بانتظار صرخة معولمة

عادل سمارة

بعد أيام 17 كانون الثاني 2017 سوف يحتفي معهد ترومان المقام على أرض القدس المحتلة، طبعاً في نظرنا، فهناك من يعتبرها «أرض إسرائيل». أسوق هذا كي لا يبقى اختلاط في الخطاب بين عربي صهيوني وعربي عروبي، بفريق من العملاء السوريين.

وهنا أيضاً يجب التفريق بين مَن يسمّونهم معارضة أو مسلحين وبين حقيقتهم كعملاء سواء المسلحين بالبنادق وغاز السارين أو النووي الفكري أيّ الوهابية وأفيون الشعوب، وفي النهاية تتكثَّف في الطورانية/ التركية والصهيونية فوق كلّ ذلك. أليس الكيان هو الملاذ الأخير!

يستذكر المرء مجيء السادات إلى القدس: «الرئيس المؤمن»، أتى حاملاً البضاعة نفسها، أيّ السلام والإيمان، وكأنّ المسألة ليست سوى اختلاف شعبنا والعدو على أيّ الديانتين أفضل! إذ زعم أنه جاء ليُسقط الحاجز النفسي، فإذا هو آتٍ لإسقاط الحق الوطني والقومي.

لذا، علينا أن نتذكّر أنّ الذين زعموا أنهم «تاهوا» في فهم دور السادات، قد فعلوا فعلته لاحقاً. وهذا كشف لمن لا يزالون يزعمون التوَهان في «المعارضة السورية» أيّ في عمالتها. قد يقول البعض هذا تعميم. نعم، ولندَعِ الأمر للموقف من هذا السقوط. إنّ الفرز جميل، ولذا شكراً لمن فرزوا أنفسهم وسيفرزون غيرهم.

ولكن، إذا جاز لنا القول إنّ السادات جاء ليُسقط وطنَ غيره، مع أنه عربي، وفلسطين لكلّ العرب الحقيقيين، فإنّ العملاء السوريين جاؤوا ليُسقطوا وطنهم المباشر سورية من دون أن نقول إنّ فلسطين هي جنوب سورية.

قد يكون أحد أهداف هذا المجيء العلني، لأنّ السري كثير لا شك فيه، ضرب حجراً على زجاج مؤتمر أستانة. وقد يكون تلميعاً للكيان بأنه أصبح موئل العملاء العرب باسم «المعارضة» تشبّهاً بموئل المعارضات المعولمة أيّ لندن. وقد يكون استغاثة بالكيان ليعتدي على سورية أكثر وأوضح، وقد يكون آلية ليزعم الكيان أنه يجب أن يحضر المفاوضات كدولة في المنطقة حتى لو في غير أرضها. سيقول الكيان: ما الفرق بيننا وبين حكام قطر والإمارات والسعودية؟ نحن أقرب، وبالطبع أذكى.

لا تزعلوا، حين نقول أذكى، لأنّ نتنياهو لا شك في أنه أذكى من سلمان وتميم وإبن زايد لأنه إبن آوى.

الاحتمالات كثيرة، ولكن أهمّها أنّ هذا المجيء «صرخة من الأعماق»، ولكن هذه المرة من سوريين يعلنون بأنّ المعارضة في سورية هي تشكيلات عميلة بلا مواربة.

فلماذا لا نشكر هذه المعارضة وهي تكشف نفسها على الأرض والفضاء؟

بعد هذا لا يهمّ إنْ كان السبب واحداً مما ذكرنا، أو جميعها، أو إنْ كان بتخطيط أميركي وتنسيب تركي وتمويل سعودي وتغطية ثقافوية قطرية/ معهد الدوحة نظير وكر شملان القديم في لبنان ، فجميع هؤلاء تتلمذوا على يديه حتى قبل آذار 2011، وبعده، فكلّ يوم يتمّ تخريج دورة جديدة من هذا القطر العربي أو ذاك. ألم يعلن باكراً هيثم مناع وبرهان غليون أنهم كانوا يحجّون إلى عزمي بشارة؟ فما الفارق بين عزمي بشارة وبين بنيامين نتنياهو؟ سوى في لون البشرة. والبشرة يمكن قشطها كما فعل المغني الأسود الذي انتهى في الخليج نسيت اسمه .

نعم شكراً لعدوّك حين يضرب طلقة تنوير تضيء ما حوله وتجبر حتى أغبياء وعميان جمهورنا على رؤية عُري هذه «المعارضة» لا بدّ من وضعها بين فردتَيْ حذاء.

ومع ذلك سيبقى بعض الإعلام يسمّيهم المعارضة والمسلحين، حيث الموظفون ليسوا سوى منفذين لما يُصاغ لهم من لغة إعلام.

ذات مرة غضبت إعلامية فلسطينية من غلام كان يعمل لديها حين أخطأ في قول ما قيل له. فجرى تأنيبه، فقال: «أنا يا ستي تلفون. قولي لي إحكي يا تلفون بحكي».

لذا، أقول لكلّ عروبي إنه من الخلل والهبل والخطل أن تعتب على هؤلاء، لقد اختصروا عليك طريق معرفة الحقيقة.

نعم يتمظهر التاريخ كملهاة أو كمأساة. وإذا كان ماركس قد قال: «الثورات قاطرات التاريخ»، من حيث التغيير الجذري والسريع، فإنّ العمالة يمكن أن تكون في وقت ما هكذا، ولكن باتجاه التدمير واختصار زمن كشف العملاء وإخراج وطن من الجغرافيا.

وأختم بسؤالين:

ـ كيف سيتصرف أيّ عروبي تجاه هؤلاء، بعد كلّ هذا الكشف الطوعي، وهل سيكونون على طاولة مفاوضات؟

ـ ومتى سوف تستضيف المستوطنة الصهيونية مؤتمر العمالة المعولمة التي تحتلّ بعض سورية أيّ «إسلاميي الإيغور والشيشان والفرنسيين، والبلغار والترك والخلايجة» إلخ…؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى