تمويل «داعش» ومسؤولية الولايات المتحدة

حميدي العبدالله

اعترف رئيس الأركان الأميركي الجنرال مارتن ديمبسي في جلسة الاستماع التي عقدها الكونغرس الثلاثاء الماضي، بأنّ دولةً عربية مهمة وحليفة للولايات المتّحدة قامت وتقوم بتمويل «داعش».

بديهي القول إنّ «داعش» تنظيم إرهابي موصوف لا يمكن الشك بالجرائم البشعة التي ارتكبها بحق العراقيين والصحافيين الأميركيين الذين أعدموا بأسلوب مرعب على يد هذا التنظيم. لكن وبمعزل عن اسم الدولة العربية التي قصدها رئيس الأركان الأميركي، إلا أنّه أكّد أنها حليفة للولايات المتحدة، فهل يمكن أن تقوم دولة حليفة لواشنطن بتقديم الدّعم لهذا التنظيم وعلى مدى سنوات طويلة من دون أن تكتشف الإدارة الأميركية واستخباراتها المنتشرة في كلّ مكان، والتي تقوم بالتجسّس على أقرب الحلفاء في دول الاتحاد الأوروبي وعلى رأسهم ألمانيا، عملية الدعم هذه؟

بكلّ تأكيد الولايات المتحدة كانت على علم بذلك، بل إنه يصعب التصديق أنّ حكومة عربية حليفة لواشنطن تقدِم على دعم تنظيم إرهابي موصوف وملاحق نظرياً من جانب واشنطن من دون حصول تنسيق مسبق وأخذ الموافقة على هذا التعاون، وبالتالي فإنّ التهمة في مثل هذه الحالة لا يمكن أن توجّه إلى الدولة العربية المعنية بعينها، بل إلى الولايات المتحدة ذاتها لأنها شريك بذلك وسمحت لدولة حليفة بتقديم الدعم لتنظيم تعتبره الولايات المتحدة العدو رقم واحد لها، وأيديه ملطّخة بدماء الأميركيين، وانطلاقاً من ذلك فإنّ التصريح أمام الكونغرس عن هذه العلاقة تكمن وراءه أهداف سياسية أخرى تندرج في واحدٍ من الاحتمالين التالييين:

الاحتمال الأول: أنّ الدولة المعنية ذهبت بعيداً في عملية التمويل وخرجت عن نطاق السيطرة، ولم تعد تلتزم بالضوابط الموضوعة من قبل الجهات المعنية في الولايات المتحدة، وجاءت هذه الإشارة العلنية كرسالة صريحة أقرب إلى التحذير لدفع هذه الدولة إلى العودة والالتزام بما هو مطلوب منها في مواجهة تنظيمات «القاعدة»، وعدم السماح بأي شطط يتجاوز حدود السيطرة على هذه التنظيمات.

الاحتمال الثاني: أنّ الدولة المعنيّة تعارض خطط الولايات المتحدة لمواجهة «داعشط بطريقة أو بأخرى، وبالتالي فإنّ التحذير العلني عبر الإشارة إليها في جلسة الاستماع العلنية هدفه إرغام هذه الدولة على الانصياع، وإلا سوف تدرج على لائحة الدول الراعية للإرهاب، لأنّ ما جاء على لسان الجنرال ديمبسي يشكّل سنداً قانونياً يتيح لمجلس الأمن بناءً على القرار 2170 تصنيف هذه الدولة كدولة راعية وداعمة للإرهاب، واتخاذ عقوبات بحقها وفقاً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، والذي صدر قرار مجلس الأمن في إطاره.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى