الصين في منتدى دافوس: طمأنة الغرب الخائف
استكمل منتدى دافوس الاقتصادي أعماله، في يومين من اللقاءات خيّم عليها التوتر والقلق. قلق يبدو مشروعاً بعد وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض والخوف من تقدم ما يسمونه بالحالة الشعبوية في القارة الأوروبية، فيما لعبت الصين، وهي ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم، دور المطمئن للحفاظ على النظام الاقتصادي القائم.
منتدى دافوس الذي أصبح اسمه غالباً مرادفاً للسوق المفتوح والعولمة، وهو الذي لعب ويلعب دوراً بارزاً في تقييم وتنبّؤ الأحداث السياسية والاقتصادية في العالم، من خلال جمعه النخب السياسية والاقتصادية لرجال الأعمال والمستثمرين والأكاديميين، من معظم الدول ذات الاقتصادات الكبيرة.
إدراك حجم الإخفاق كان حاضراً بقوة هذا العام في دافوس، خاصة بعدما شهد العام الماضي أحداثاً لم يتوقعها كثر وأدت إلى طرح تساؤلات حول القدرة على فهم ومواجهة القوى المناهضة للمؤسسات التي ارتفعت في كل من أوروبا والولايات المتحدة.
لكن من أكثر المواضيع الحساسة فيما تمّ طرحه هو مستقبل أوروبا والاتحاد الأوروبي، مع خروج بريطانيا منه، من دون أن تغيب الخشية طبعاً من التدخل الروسي في الانتخابات الأوروبية المقبلة في فرنسا وألمانيا.
الخوف الأوروبي مصدره روسيا وكذلك من عدة تصريحات أدلى بها ترامب، ومن توجيهه رسائل تصالحية للرئيس بوتين، وكأنه يشجع على تفكك الاتحاد الأوروبي بإشادته بقرار بريطانيا الانسحاب من التكتل.
وقد كان نجم المنتدى بامتياز الرئيس الصيني، شي جين بينغ، الذي افتتح المنتدى الاقتصادي العالمي، وهو أول رئيس صيني يشارك فيه منذ إطلاقه في عام 1971. وكان لخطابه صدى إيجابياً لدى المسؤولين الأوروبيين المشاركين، حيث ردت وزيرة الدفاع الألمانية، أورسولا فون دير لاين، بأن الخطاب كان مثيراً للإعجاب واستراتيجياً، وبأنه نداء قوي لسياسة الباب المفتوح والحوار المباشر ضد الحمائية.
جين بينغ الذي دعا في خطابه إلى بذل جهود مشتركة لرسم مسار للعولمة الاقتصادية وصياغة أنماط جديدة للنمو والتعاون والحوكمة والتنمية على المستوى العالمي، لاقى استحساناً ووفق ودعماً من مؤسس المنتدى ورئيسه التنفيذي، كلاوس شواب، الذي قال إنه ظلّ تزايد المخاوف العالمية بشأن الحمائية التجارية والمشاعر المناهضة للعولمة والقضايا الاقتصادية والسياسية الأخرى، فإنّ حضور الصين للمنتدى، بحكمتها وبخبراتها تحمل أهمية تاريخية كبيرة.
ولكنّ اللافت قول الرئيس الصيني إنّ إتهام العولمة الاقتصادية بالتسبب في مشكلات العالم يتعارض مع الواقع ولا يفيد في حلّ المشكلات، ليؤكد الحاجة إلى العمل بطريقة استباقية وإدارة العولمة الاقتصادية بشكل ملائم من أجل إطلاق العنان لآثارها الإيجابية وإعادة التوازن لها.
وتعهدت الصين بأنها ستواصل تقديم فرص لمجتمعات الأعمال في دول أخرى. وقال إنه في الأعوام الخمسة المقبلة، ستستورد الصين سلعاً بقيمة 8 تريليونات دولار أميركي وتجذب استثمارات أجنبية بقيمة 600 مليار دولار وتحقق استثمارات خارجية بقيمة 750 مليار دولار.