صباحات
صباحات
إذا جاء الصباح متثاقلاً يتثاءب من عناء ليل عملٍ أو قلقٍ على صحة طفل أصابته حمى، أو استعداداً لسنةٍ دراسيةٍ جديدة، أو سهر على مواقع الشرف والبطولة فتعب الجفون والأبدان يخفّف وطأه عافية الروح. المهم أن تكون أرواحنا قادرة على استقبال الصباح بحبٍّ يتّسع للورد والطير والشجر والناس حتى لما ينصبّ الحزن خيماً في قلوبنا ويعسكر. فالفرح بأننا نعيش بين الناس الطيّبين كافٍ لصباح خيرٍ ملء الشفاه للأرواح الحرّة في الأجساد التعبة والنعسى.
لدفء ترقرق الأحرف لتصوغ كلمتَيْ صباح الخير، بين تلعثم وتثاؤب لتسابق خيوط الفجر الأزرق وضوء الشمس، بلحنٍ سماوي كإيقاع العلاقة المشبوهة بين الشمس والقمر، يستيقظ أحدهم ليكتب على جبين صباحك جمال هذا اليوم، فترسم ابتسامة الرضا على شفتيك، وتبدأ كسل النهار الممتع بفنجان القهوة، والرشفة الأولى كالخطوة الأولى لطفلٍ يحبو في صحن دار الحياة… صباحكم خير وطفولة وجمال.
صباح ارتجاف اليد وارتعاش القلب لحظة الإقدام الأخير وإمساك الأصابع كزنادٍ مستعد للإطلاق لقصف غصن وردة وهي تحني عنقها رقة وإذعاناً، والذريعة التمتع بشذاها عن كثب. فالتمنّع عن ارتكاب توحّش الحب يرفع من تملك الترف بلا سبب. صباح العطر الفوّاح يطاردكم حتى غرف النوم كرذاذ مفاجئ لوردة حرة ثابتة في تراب الأرض كل صباح خير من باقة ودّ كاملة تتغير في إناءٍ مغلق كل يوم، تشترونها من الأسواق ولو كان الثمن كلمات جميلة.
صباح رائحة البنّ ساخنة كلسعة رشفته الأولى من فنجانٍ مجبولٍ بلمسات أنامل الأمّ التي مضت باكراً. فيتسرب الرحيق عكس اتجاه تغلغل النعاس، لتتفتح مسام الروح مع براعم الزهر، وصوت فيروز قشعريرة ألحان الكون يترندح على ضفاف القلب، كأرجوحة الطفولة بسلاسة عذب الماء الرقراق، فتستقيظ ألف روح وروح ويصير الصباح ويتكوّن، قبل أن تمتدّ أشعة الشمس تنهر كسل اليوم البطيء، ويصير الوطن سحر أشعة بنفسجية تبعث الدفء في الأرواح الباردة والمتكاسلة، ليستيقظ الخير في صباحاتكم أحبائي.
صباح قطرة الندى ترسو على مرفأ زهرة لم تتفتح بعد… تقول أنا وحدي لا يخترقني الرصاص.
صباحٌ لا مجاملات فيه يردّ الصباح عليك من كان ينتظره منك.