بين حزب الله وترامب..؟
روزانا رمّال
لا تؤشر الاجواء المحيطة بحزب الله الى انه بصدد استمهال الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب بعض الوقت لمعرفة ما تبدو عليه عناوين عهده تجاه الموقف من حزب الله مقابل ايران التي قررت الانتظار في ما يخصّ مواقف وقرارات ترامب في الملف النووي الإيراني المبرم مع الغرب لمعرفة نياته الحقيقية للبناء على الشيء مقتضاه. فالخطوات العملية بالنسبة لحزب الله لا تعني كثيراً بعد قراءته امتداد الرئيس ترامب الفكري والسياسي المنبثق عن عقلية أميركية موحّدة تجاه حركات المقاومة في المنطقة.
تؤكد مصادر مطلعة على اجواء حزب الله لـ «البناء» توقع الحزب لمرحلة «اشتباك» ومواجهة و»تصادم» مع الرئيس دونالد ترامب وعلاقة شائكة مع إدارته الجديدة اشد قسوة من الادارات السابقة، لأن الادارات السابقة كانت قد وضعت الحرب على حزب الله ضمن اطار الحرب على سورية اما ترامب اليوم فهو قادم الى المنطقة ليشارك في الحرب على الإرهاب في سورية من الموقع الروسي ذاته وقضيته ستكون «حزب الله». من هنا فإن الضغط متوقع من جهات متعددة. وقد بدأ الحزب باستشراف ذلك بلسان الحكومة التركية. المطلوب إذاً ضغط أكثر لعدم إرباك الأميركيين.
تضيف المصادر «كلما خف عبء معركة سورية، حيث خروج الأميركي منها لصالح روسيا سيختصر ترامب معركته مع ايران وسورية ويحصرها بمواجهة حزب الله عبر استنهاض محلي وخارجي بشتى أشكال الضغوط. الحرص الأميركي على ان تكون «اسرائيل» الدولة الاولى في مقاربتها بالشرق الأوسط والأكثر اطمئناناً سيرتب اشتباكاً سياسياً وكلامياً وإعلامياً مع ايران، حتى لو لم يتطور هذا الاشتباك الذي يرضي «اسرائيل» او يُصرف في ابعد من ذلك، اي بالعودة للعقوبات او فسخ الاتفاق النووي بل سيصرف بـ«حرب»- بمعنى التصعيد – ضد حزب الله. لذلك فان التعبير الذي يستعمله ترامب الإرهاب الاسلامي «المتطرف» او «الراديكالي» ليس عفوياً بل قائم على معادلة جمع القاعدة وداعش مع حزب الله واعتبار العداء للإرهاب كالعداء للمقاومة. ربما يمكن الاستفادة من زخم ترامب بالاستعداد للحرب على الإرهاب وطي صفحة استخدام الحروب لإسقاط الأنظمة، خصوصاً في سورية لكن علينا ان نحذر وننتبه من عداء ترامب للمقاومة، بل أن نستعد ونتهيأ للمواجهة على هذا الأساس وربط النجاح بالحرب على الإرهاب بحماية المقاومة، بصفتها القيمة المضافة في هذه الحرب. الاستعداد للاشتباك المقبل بين المقاومة وترامب يجب الاستعداد له وعنوان الربح فيه «الشرعية السيادية» لهذه الدول. فحرب ترامب ستُقام على دول لها سيادة. بالتالي الخطوة الاولى التي يجب ان يخطوها ترامب هو الاعتراف بشرعية الدولة السورية وأن يعترف بشرعية العمل عبر الدولة العراقية ايضاً حصراً بدلاً من «الكوريدورات». الوقوف خلف الحكومتين العراقية والسورية يعطي ضمانة تشريع المقاومة شرطاً لدخول الحرب على الإرهاب.
يفهم الأميركي ومعه التركي أن مفتاح المعركة هو هذا، أي تشريع المقاومة في سورية، وليس حديثاً تركياً من هنا او هناك هو ما يحسم المشهد، بل الاعتراف بشرعية الدولة السورية، وهي الوحيدة التي يمكن أن تشمل بعباءتها شرعية المقاومة في سورية وحزب الله في سورية.
يختم المصدر: الكباش اليوم على مَن هي الشرعية في الدولة السورية، هل هي هذه التي يعرفها الجميع او ما يتمّ تفخيخه اليوم بأمثال علوش وغيره في أستانة؟
ثقل أميركي بخوض المعركة بوجه حزب الله، ربما بدأ عبر الاتراك في سورية ومطالبات وقفت بوجهها إيران مذكرة بأن الحزب موجود بطلب من القيادة السورية.
تصريحات ترامب المتعلقة بنقل السفارة الأميركية من تل ابيب الى القدس هي الأخرى لا تطمئن المقاومة بطبيعة الحال فإعلان القدس عاصمة «اسرائيل» هو استفزاز لكل حركات المقاومة بالمنطقة, حال السلطات الفلسطينية والفلسطينيون الذين بدأوا يشكلون مسيرات واحتجاجات على القرار في وقت أعلنت الإدارة الأميركية الجديدة ان البيت الابيض هو في مراحل البدء بتنفيذ الوعد. وهي ضربة لآمال التوصل للسلام في الشرق الاوسط، حسب الدبلوماسية الفلسطينية. ويبقى إذا نفذ الرئيس الجديد هذا الوعد، فان القضية الفلسطينية ستكون في الواجهة مجدداً، فالحركات المقاومة في الاراضي المحتلة ستتحرك بالتأكيد لرفض الخطوة بعد المساس بما يعتبره الفلسطينيون مقدساً برمزية القدس وحسابات الحلول المستقبلية الممكنة.
واذا كان ترامب يرى في ذلك رسالة تطمين للحكومة «الإسرائيلية» في اول يوم من عهده المشكك فيه من قبل يهود أميركيين شنّوا حملة منظمة عليه من أنصار المرشحة هيلاري كلينتون، فإن المؤكد أنه بهذا سيفتح ناراً لن تطفئ أبداً في قلوب الفلسطينيين قبل أن تتحوّل إلى انتفاضة شعبية في وجه الاحتلال، من غير المعروف الى اين قد تأخذ المنطقة التي لم تغلق أبوابها على المشكلات الاساسية الكبرى الممتدة من العراق لسورية وصولاً حتى اليمن. فهل تفتح الادارة الأميركية مواجهة كبرى مع حركات المقاومة مجتمعة في المنطقة في حرب تشمل الإرهاب والمقاومة معاً، ما يشرع للقوى المحتلة والمعتدية على سيادات دول الجوار بالتمادي ضمن هذه العناوين؟