عون متفائل و«اللقاء الديمقراطي» مرتاح لتفهّم موقف جنبلاط وتعديلات على المختلط الثلاثي
فيما ما تزال صيغة قانون الانتخابات النيابيّة العتيد محور مشاورات واجتماعات، علنيّة وبعيدة من الأضواء، وسط تصاعد حمّى القانون سياسيّاً وطائفياً، أعرب رئيس الجمهورية ميشال عون الذي أفرز حيّزاً كبيراً من لقاءاته أمس لهذا الموضوع، تفاؤلة بإنجاز قانون جديد للانتخابات.
هذا التفاؤل نقله عنه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق بعد لقائه عون في قصر بعبدا. وقال المشنوق: «حمّلني فخامته مسؤولية التزام الدستور والقوانين والقيام بكلّ العمل التحضيري الذي يجب أن يتمّ لإجراء الانتخابات، فيما تقع على القوى السياسية مسؤولية التحضير، وإنجاز، في الوقت المناسب، أيّ توافق سياسي على قانون انتخابي جديد. هذه ليست مسؤولية وزارة الداخلية، رغم أنّ رأي فخامته، وكلّنا معه في ذلك، أنّه من الصعب القول للّبنانيين إنّنا عاجزون عن إنجاز قانون انتخابي جديد. وأعتقد أنّه سيُبذل جهد استثنائي في الأيام المقبلة للتوصّل إلى صيغة انتخابية تعبّر عن تطلّعات اللبنانيين لمزيد من الحداثة وتأكيد أهمية صوتهم في الاقتراع».
سئل: هل يمكن لهذا الجهد الاستثنائي الذي قد يُبذل في أقل من شهر أن يؤدّي إلى قانون انتخابي جديد؟
أجاب: «فخامته متفائل، وأنا ملتزم رأيه».
كما بحث عون الاتصالات الجارية للاتفاق على قانون جديد للانتخابات النيابيّة، مع رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل الذي زار قصر بعبدا يرافقه الوزير السابق ألان حكيم، في حضور وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل.
وبعد اللقاء، قال الجميّل: «جئنا لنشدّ على أيدي فخامة الرئيس في ما خصّ كلّ المواقف التي يتّخذها بالنسبة إلى قانون الانتخابات، ونؤكّد وقوفنا إلى جانبه في هذه المعركة التي نعتبرها معركة جميع اللبنانيين، ونؤكّد أنّه، بعد فترة من التمديد والنقاش المطوّل في موضوع قانون الانتخابات، حان الوقت أن يحسم المجلس النيابي أمره ويبتّ قانوناً جديداً يؤمّن صحة التمثيل والتعدّدية الحقيقيّة فيه، وهذا ما نعمل على تحقيقه ونخوض معركة من أجله مع جميع الأفرقاء الذين يشاركوننا هذا الهاجس».
وقال: «نحن نضع أنفسنا في تصرّف فخامة الرئيس في هذه المعركة التي يخوضها، وسننسّق مع الأطراف الأخرى في الأيام المقبلة، للوصول إلى رؤية مشتركة بين الجميع لإقرار قانون انتخابي جديد قبل دعوة الهيئات الناخبة التي ستحصل بعد شهر من الآن».
وعمّا يتردّد عن مشروع قانون يتمّ التداول به بين الأفرقاء، قال الجميّل: «لقد تحدّثنا مع فخامة الرئيس في هذا الموضوع، ونحن لم نطّلع على القانون الذي يتمّ تداوله، لكنّنا نؤكّد استعدادنا للنقاش في أيّ قانون يحسِّن صحة التمثيل. فاليوم هناك قوانين عدّة، مثل النسبيّة وone man one vote ، والدائرة الفردية وقوانين مختلطة كثيرة، وكلّ قانون مختلط يختلف عن الآخر من ناحية صحة التمثيل. علينا أن نرى الأوفر حظّاً من بين كلّ هذه القوانين، وبناءً عليه نرى مدى إمكان تحسينها بالقدر المستطاع لإعطاء النتيجة الأفضل».
وإذ أكّد «أنّنا لا نخاف من النسبيّة»، اعتبر «أنّ الدائرة الفرديّة تعطي نتيجة أفضل، ولكن من المؤكّد أنّ النسبيّة أفضل من القانون الحالي».
«اللقاء الديمقراطي» في السراي
والموضوع الانتخابي كان أيضاً محور لقاء رئيس الحكومة سعد الحريري في السراي الكبير، مع وفد من «اللقاء الديمقراطي» ضمّ الوزيرين مروان حمادة وأيمن شقير، والنوّاب أكرم شهيّب، هنري حلو، علاء الدين ترو ووائل أبو فاعور.
بعد اللقاء، تحدّث الوزير حمادة فقال: «أينما حطّ وفد الحزب التقدمي الاشتراكي واللقاء الديمقراطي يجد تفهّماً وتفاهماً واسعين لموقف الأستاذ وليد جنبلاط، ولحرصه على أن يكون التمثيل الصحيح في أيّ قانون انتخابات تمثيلاً صحيحاً للجميع، وهذا يعني أنّ حلفاء لنا موجودون في كلّ الكتل».
أضاف: «طبعاً عند الرئيس سعد الحريري، لا نستطيع إلّا أن نرتاح إلى أقصى الحدود، وكذلك عند الرئيس نبيه برّي، ولكن من يعتقد أنّ ليس لنا حلفاء بين القوى المسيحية الكبرى والأصغر الحزبيّة والمستقلة، يكون خاطئاً».
وردّاً على سؤال، قال: «جميع الذين زرناهم، وغداً اليوم سيزور وفد الحزب واللقاء رفاق في حزب الله، وأظنّ أن كلّ الذين تحاورنا معهم كانوا واضحين بأنّهم لن يوافقوا على قانون لا يوافق عليه وليد جنبلاط».
سُئل: من هم المسيحيّون الذين هم معكم؟
أجاب: «كُثُر».
المجلس الدرزي يحذّر
من جهته، حذّر المجلس المذهبي لطائفة الموحّدين الدروز بعد اجتماع هيئته العامّة برئاسة شيخ عقل الطائفة الشيخ نعيم حسن من «مغبّة إغفال الدور الوجودي والمؤسّس للموحّدين الدروز في هذا البلد، وأنّ يتنبّه بالتالي كلّ المعنيّين لخطورة أيّ خطوة غير ميثاقيّة في ملف قانون الانتخاب، مثمّناً التفهّم الذي تبديه المرجعيّات السياسية، وآملاً أن تترجَم تفاهماً على قانون الانتخاب». وأكّد أنّ «المخلصين في لبنان حرصاء جميعهم على منع أيّ انحراف تحت شعارات تدّعي غير ما تضمر، وتأخذ البلاد بعيداً من مسار الاستقرار والتفاهم الذي كان لقيادات الطائفة الدور الكبير في إرسائه».
«التغيير والإصلاح»
في غضون ذلك، شدّد تكتّل «التغيير والإصلاح» في بيان له بعد اجتماعه الأسبوعي، تلاه أمين سرّ التكتّل النائب إبراهيم كنعان، «على أنّ لا تمديد للمجلس النيابي ولا قانون ستين، ولا يعتقد أحد أو يراهن على أنّ جَرّنا بالوقت سيجعلنا نرضى بالأمر الواقع»، لافتاً إلى أنّنا «سنعطي فرصة، وسنساهم بشكل إيجابيّ وبنّاء للوصول إلى حلّ، ولكن هذا الحلّ يجب أن يحترم المناصفة والشفافية».
وشدّد على أنّ القانون الجديد يجب أن ينقل النظام السياسي والمؤسّسات الدستورية من واقع الخلل إلى واقع دستوري ميثاقي ديمقراطي، مشيراً إلى أنّه خلال الأسبوعين القادمين سيكون هناك عمل حثيث للوصول إلى نتيجة إيجابيّة.
كما كان هذا الموضوع ضمن لقاء الرئيس تمام سلام في دارته في المصيطبة، الرئيس أمين الجميّل الذي قال: «يبدو أنّ كلّ فريق يحاول تفصيل قانون جديد على قياسه، ولكن إذا لم يتمّ التوصّل إلى أيّ شيء حديث، فنحن في نظرنا، القانون الذي يحقّق التمثيل الصحيح والعادل ولا أحد سيكون مغبوناً، هو باعتماد الدائرة الفرديّة … ولكن أعتقد أنّ هناك اعتراضات على القانون».
من جهته، أمل سلام «في ظلّ عهد جديد وانطلاقة جديدة، أن تكون الأمور في السياق المطلوب لإعطاء اللبنانيّين فرصة لبناء وطنهم المستقبلي على قواعد وأُسُس تعزّز نظامنا الديمقراطي، وتفسح المجال أمام الجميع للشعور بأنّه جزء لا يتجزّأ من هذا الوطن، متجاوزين بذلك الاعتبارات التي تضعف الوطن، ومن أبرزها الاعتبارات الطائفيّة والاعتبارات الفئويّة التي لم تعطِ يوماً من الأيام نتيجة إيجابيّة للبنان». وأمل أن «نتشارك جميعاً في الحلول والإجراءات، وأبرزها قانون انتخابات عصري ينقلنا وينقل اللبنانيّين إلى ما يطمحون إليه من تمثيل صحيح يعود بالخير عليهم وعلى مستقبل وجودهم في بلدهم».
«القوات» و«المستقبل»
وفي السِّياق، رأى عضو كتلة «القوات» النائب فادي كرم، «أنّ لبنان دخل في المرحلة الأخيرة لإقرار قانون جديد للانتخابات النيابية»، وقال: «سنضغط بكلّ إمكاناتنا الدستورية والسياسية للتفاهم والاتفاق على قانون يناسب جميع الأفرقاء، وإلّا فنحن ذاهبون إلى خطوات دستوريّة سياسية لإقرار قانون».
وأعلن «أنّه في حال عدم الاتفاق على قانون الانتخاب في خلال أسبوعين، سنُطالب الرئيس برّي بدعوة النوّاب إلى جلسة تشريعية لإقرار القانون الانتخابي، وليتحمّل كلّ فريق مسؤوليّاته».
ورأى «أنّ قانون الانتخاب الوحيد الذي ليس عليه فيتو ويمكن التفاهم عليه، هو القانون المختلط».
وبالتوازي، كشف عضو كتلة «المستقبل» النائب سمير الجسر عن مشاورات واتصالات موزّعة على أكثر من جهة سياسية، «لتعديل صيغة القانون المختلط الذي تقدّمنا به في «التيّار» مع «القوات اللبنانية» والحزب التقدمي الاشتراكي القائم على انتخاب 68 نائباً وفق النظام الأكثري و60 وفق النسبيّة، وهذه المشاورات قطعت أشواطاً مهمّة لناحية تقريب وجهات النظر بين قوى سياسية عدّة».
وهّاب والأسعد
إلى ذلك، حذّر الوزير السابق وئام وهاب من «الثورة»، وقال في تغريدة: «إنّ اغتصاب التمثيل النيابي بتزوير القوانين يعني استمرار الفساد وتحلّل الدولة وهيمنة قوى التسلّط، والثورة قادمة إذا جرى تزوير إرادة الناس».
بدوره، أكّد الأمين العام لـ«التيار الأسعدي» معن الأسعد، أنّ «كلّ الذين يطالبون بقانون انتخاب نسبيّ شامل يؤمّن العدالة والمساواة متّفقون تحت الطاولة وفوقها على قانون الستين أو أيّ قانون يشبهه في الشكل والمضمون، والمهم أن يعيد إنتاج الطبقة السياسيّة الحاكمة والمتسلّطة»، معتبراً أنّ «قانون الستين أو المختلط أو غيرها ممّا يجري تسويقه، هدفها تزوير إرادة اللبنانيّين من خلال إيهامهم بشرعيّتها وضرورتها الوطنيّة».
ورأى أنّ «أفرقاء السلطة وقادة الميليشيات والأحزاب وزعماء المذاهب والطوائف، يعتمدون خطّة ممنهجة ومدروسة عنوانها مراعاة هواجس بعضهم بعضاً لأنّ هدفهم مشترك، وهو فبركة قانون مزوّر لإحباط المواطنين وسلبهم حرية اختياراتهم والإيحاء لهم بأنّ أصواتهم لا تؤثّر في تغيير النتائج المطلوبة سلفاً، والوصول إلى المقاطعة المقنعة».
وأكّد «أنّ قانون الستين لن يمرّ مرور الكرام، وستعمّ الاحتجاجات والاعتراضات مختلف المناطق لتعرية السلطة الحاكمة من أيّ شرعية، على مستوى الداخل وأمام المؤسسات الحقوقية الدولية»، وقال: «إنّ الانفجار الشعبي آتٍ حتماً في وجه الطبقة السياسيّة الحاكمة والفاسدة، بعدما أفقدت أغلبيّة اللبنانيّين حقّهم في العيش الكريم، وبعدما سقطت كلّ الشعارات المذهبيّة والطائفيّة التي حاولت خداع الجميع بها».
من جهةٍ أخرى، استقبل الأسعد في دارته في النبطيّة أمين سرّ حزب الاتحاد في الجنوب كمال يونس على رأس وفد.