أستانة يكرّس ترويكا موسكو أنقرة طهران… وبداية حوار خليجي إيراني الفراغ والتمديد والستين ثلاثية تعيد الحياة لعملية جراحية لقانون جديد
كتب المحرّر السياسي
في الطريق إلى جنيف خلال أسبوعين معارك وادي بردى التي يجب أن تحسم وفقاً لمصادر عسكرية متابعة، واكتمال آلية من المراقبين الروس والإيرانيين والأتراك والأمميين تتوزع في غرف عمليات لتلقي الشكاوى، وتواكبها في الميدان على ضفة الفصائل المسلحة غرفة متابعة روسية تركية وفرق ميدانية تابعة لها، وعلى الضفة الموازية للجيش السوري غرف روسية إيرانية وفرق ميدانية تابعة أيضاً، تبدأ عملها بعد اكتمال عدتها وأولها إنهاء الخبراء الروس والأتراك والإيرانيون خلال أسبوع ترسيم الخرائط التي تظهر المواقع المنفصلة لكل من جبهة النصرة وتنظيم داعش ومواقع الفصائل المسلحة المنضوية في عملية أستانة، وحتى ذلك التاريخ سيكون على الجيش السوري والحلفاء مواصلة العمل، وفقاً للمعادلات التي كانت قائمة ضماناً لأمن المناطق التي يسيطر عليها الجيش السوري وتأميناً لمواردها الحيوية، كما هو حال معارك وادي بردى.
بالتزامن مع إشارات تبلور معادلات إقليمية جديدة من بوابة متغيرات الحرب على سورية، أعلن وزير الخارجية الكويتي عن زيارته اليوم لطهران حاملاً رسالة حوار باسم مجلس التعاون الخليجي، حيث أكد نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الكويتي صباح الخالد أن سياسة بلاده التعامل والحوار مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وقال: إننا شركاء إيران في المنطقة.
وقال الخالد الذي كان يتحدث في مؤتمر صحافي مشترك في الكويت مع ينس اشتولتنبرغ، الأمين العام للناتو، إنه سيزور اليوم الأربعاء طهران ليسلم خلالها رسالة خطية من امير الكويت صباح الأحمد الصباح الى رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية حسن روحاني. وأضاف: إن هذه الرسالة تدور حول الحوار بين مجلس التعاون لدول الخليج والجمهورية الإسلامية الإيرانية، والذي يقوم على أساس مبادئ القانون الدولي، واكد ان ايران وبلدان مجلس التعاون شركاء أحدهم الآخر في المنطقة ويتمتعون بطاقات كبيرة لتعزيز العلاقات. وتابع وزير الخارجية الكويتي ان الحوار والتعامل المشترك يخدم مصلحة طهران ودول مجلس التعاون.
لبنانياً، دخل الفراغ النيابي شريكاً ضاغطاً مع قانون الستين والتمديد للمجلس النيابي كمخاطر يستدعي تفاديها عملية جراحية تحتاج للحوار والصبر والتشاور لاستيلاد قانون جديد للانتخابات، وفقاً لوصف النائب وليد جنبلاط، الذي وصلته رسالة بعبدا بالاستعداد للذهاب لخطر الفراغ، إذا وضعت بوجهه ثنائية الستين والتمديد.
لقاء نصرالله عبد اللهيان
رغم أهمية الدور الذي تلعبه إيران في مواجهة الإرهاب والتوصل الى حل سياسي للأزمة السورية، بعد أن فرضتها موازين القوى الجديدة في المنطقة لاعباً وشريكاً أساسياً لتركيا في الرعاية الإقليمية لمفاوضات أستانة التي انطلقت أمس الأول، بجهود روسية واستبعاد للسعودية والولايات المتحدة، إلا أن ذلك لم يحجب اهتمامها في القضية الفلسطينية واستمرارها بدعم المقاومة في مواجهة الجرائم «الإسرائيلية»، في ظل رفع مستوى العلاقة بين واشنطن و«تل أبيب» مع دخول الرئيس دونالد ترامب الى البيت الأبيض وعزمه نقل السفارة الأميركية الى القدس المحتلة واتصاله برئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لترميم العلاقات التي اهتزت أبان إدارة الرئيس باراك أوباما، وما يترتب على ذلك من خطر على القضية الفلسطينية ومستقبل السلام في المنطقة.
ولإعادة القضية الى دائرة الاهتمام العربي والإسلامي والدولي، تعتزم طهران عقد مؤتمر دولي على أراضيها لدعم القضية الفلسطينية واحتضانها ومؤازرتها. والى لبنان الذي يشكل في الرؤية الإيرانية الدولة الأولى لمقاومة ومواجهة المشروع الصهيوني في المنطقة، توجَّه المساعد الخاص لرئيس مجلس الشورى الإيراني والأمين العام السيد حسين أمير عبد اللهيان، وبعد لقائه رئيس المجلس النيابي نبيه بري وتسليمه دعوة للمشاركة في المؤتمر، ورئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير علي قانصو، التقى عبد اللهيان والوفد المرافق له أمس، الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في الضاحية الجنوبية، حيث تمّ استعراض آخر المستجدات السياسية في لبنان والمنطقة، بحضور السفير الإيراني في لبنان محمد فتحعلي.
وقالت مصادر مطلعة لـ «البناء» إنّ «زيارة عبد اللهيان كممثل لمجلس الشورى الإيراني وليس كمبعوث من وزارة الخارجية، ولذلك الزيارة تقنية أكثر منها سياسية لتوجيه دعوات للمشاركة في مؤتمر دعم القضية الفلسطينية وكانت فرصة لجولة أفق شاملة من الوضع في لبنان إلى الوضع الميداني في سورية والمفاوضات الدائرة في أستانة التي تعتبر إيران راعية أساسية لها».
وكان عبد اللهيان قد التقى وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، وأكد إثر اللقاء أن «لدينا ثقة تامة أننا سنشهد في المرحلة المستقبلية المقبلة المزيد من الإنجازات السياسية المشرقة في لبنان ليس فقط على المستوى السياسي، إنما على المستوى الميداني في مواجهة الإرهاب والتطرف والتكفير في لبنان»، لافتاً الى «أن إيران تسير بخطى ثابتة في مجال إيجاد الحلول السياسية الناجعة لأزمات المنطقة الملتهبة ودعم العملية السياسية».
وعلى صعيد آخر، وفيما ادّعت قوات الاحتلال إطلاق النار على دورية عسكرية «إسرائيلية» قرب الحدود اللبنانية، نفى الناطق الرسمي باسم «اليونيفيل» اندريا تننتي وجود أي معلومات لدى القوات الدولية المؤقتة «اليونيفيل» عن إطلاق نار على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة حتى الآن مساء أمس ، وقال: «حتى الساعة ليس لدينا أي معلومات». بينما أفادت مصادر إعلامية محلية غياب أي تحرك «إسرائيلي» قرب مستوطنة المطلة، حيث ادعى العدو إطلاق النار على دورية عسكرية قربها والأجواء طبيعية في المنطقة.
بري التقى الحريري
وعلى وقع تهديد التيار الوطني الحر و«القوات اللبنانية» بخطوات سياسية ديمقراطية تصعيدية لرفض الستين والدفع باتجاه إقرار قانون انتخاب جديد وفي ظل ضغط المهل الدستورية، تدور الحوارات بين مختلف الأطراف في محاولة للتوصل الى صيغة توافقية.
وفي السياق، توجّه رئيس الحكومة سعد الحريري مساء أمس، يرافقه مدير مكتبه نادر الحريري الى عين التينة والتقى الرئيس بري، بحضور وزير المال علي حسن خليل. ودار الحديث في اللقاء، الذي تخللته مأدبة عشاء، حول الاوضاع الراهنة وعدد من المشاريع المطروحة والوضع الأمني وقانون الانتخاب.
قانون الانتخاب ينتظر اللقاء الثلاثي
وبانتظار اللقاء الثلاثي الذي سيُعقد خلال اليومين المقبلين بين مدير مكتب رئيس الحكومة نادر الحريري وعضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي فياض والوزير جبران باسيل، كما علمت «البناء» لدرس مقترحات القوانين الانتخابية ومحاولة تقريب وجهات النظر والتوافق على قانون، واصل وفد «اللقاء الديمقراطي» جولته على القيادات والمراجع لنقل هواجس رئيسه النائب وليد جنبلاط من اعتماد النسبية، فحطّ الوفد الذي ضمّ الوزيرين مروان حمادة وأيمن شقير، والنواب: أكرم شهيب، هنري حلو، علاء الدين ترو ووائل أبو فاعور في السراي الحكومية، حيث استقبله الرئيس الحريري. وأوضح حمادة «أنّ كلّ الذين تحاورنا معهم كانوا واضحين بأنهم لن يوافقوا على قانون لا يوافق عليه جنبلاط». ومن المتوقع أن يزور الوفد اليوم قيادة حزب الله في الضاحية الجنوبية.
وقال جنبلاط عبر تويتر: «قانون الانتخاب عملية جراحية دقيقة ونجاحها يتطلب الدقة والصبر والتشاور والحوار».
وحتى إشعار آخر، فإنّ الانتخابات النيابية ستحصل في موعدها، والتحضيرات تتمّ على هذا الأساس، وفقاً لتعليمات وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الذي أكد أمس، بعد لقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في بعبدا أنّ «جهداً استثنائياً سيبذل في الأيام المقبلة للتوصل إلى صيغة انتخابية تعبّر عن تطلعات اللبنانيين»، لافتاً الى أنّ «رئيس الجمهورية حمّلني مسؤولية الالتزام بالقوانين بالنسبة للانتخابات من ناحية التحضير إذ إنّ مسؤولية القوى السياسية إقرار قانون جديد».
ونقل زوار رئيس الجمهورية عنه لـ»البناء» «تفاؤله بإمكان التوصل الى قانون انتخابي جديد، وأنه طلب من وزير الداخلية التصرّف، بحسب المواعيد الدستورية ودعوة الهيئات الناخبة وتأليف لجنة الإشراف على الانتخابات، ريثما يتمّ إقرار قانون جديد»، كما نقل زوار الرئيس عون عنه «تمسّكه برفضه الذهاب الى انتخابات على قانون الستين، رغم أنّ الأمر لا يزال معقداً ويحتاج الى وقت، لكن لن يمنعه ذلك من الإصرار على إجراء انتخابات في موعدها وعلى قانون جديد».
وشدّد زوار عون على أنه يريد تغيير القانون الحالي وإقرار قانون جديد يتفق عليه اللبنانيون ولا فيتو من قبله على أيّ من المقترحات، لكن لن يقبل بقانون نسخة عن الستين، بل أن يحترم ما ورد في اتفاق الطائف، أيّ القانون النسبي على أساس المحافظات ومعيار موحّد في عدد الدوائر والمقاعد ولا مشكلة لدى عون بالقانون الأكثري، إذا راعى هذه المعايير الى جانب ضبط الوسائل التي تمنع التزوير ووضع سقف للمال الانتخابي والإنفاق على الحملات الانتخابية والحملات الإعلامية».
كما نقل الزوار عن عون ارتياحه لمسار عمل الحكومة والأوضاع العامة في البلاد، رغم بعض الاضطرابات الأمنية خلال الأيام الماضية، وأنه يولي ثقته الكاملة للأجهزة الأمنية لمواجهة الإرهاب وإحباط عملياته وحماية السلم الأهلي، وأنه يتابع الوضع الأمني مع قادة الاجهزة ويعطي توجيهاته اليومية.
«التيار»: سنمنع التمديد والستين
وقالت مصادر في تكتل التغيير والإصلاح لـ«البناء» إن «مقابل تعنت الطرف الآخر ومحاولاته للاحتفاظ بسيطرته على المجلس النيابي، فإن الشعب سيقول كلمته في الشارع والتيار الوطني الحر سينضمّ الى التحرك الشعبي للمطالبة بقانون جديد ورفض الستين»، وأضافت المصادر: «نأمل أن يتم الأمر داخل المجلس النيابي وبالتوافق والتصويت على مشروع من المشاريع المطروحة، لكن لن نسمح لبعض الأطراف عرقلة التغيير والإصلاح في النظام السياسي». وأوضحت أن «الانتخابات على الستين ستؤمن مقاعد أكثر للتيار في ظل التحالف القائم مع القوات، لكن ننظر إلى الأمر كموضوع وطني».
وجدّد التكتل خلال اجتماعه في الرابية أمس، تأكيده بأننا «نمتلك ما يكفي من الوسائل المشروعة والديموقراطية والدستورية لمنع ذلك التمديد أو العودة الى الستين وسنعطي فرصة ونسهم في شكل بنّاء للوصول الى حل يحترم المناصفة والشراكة الفعلية والميثاقية التي نطالب بها. وقانون الانتخاب يجب أن ينقلنا من واقع الخلل والتعارض مع الدستور الى واقع دستوري وميثاقي وديموقراطي. وسيكون هناك عمل حثيث في الأسبوعين المقبلين للوصول الى هذه النتيجة».
«المستقبل»: نوافق على مختلط بري
ورفضت مصادر في كتلة المستقبل النبرة التصعيدية التهديدية التي يتحدث بها التيار الوطني الحر والقوات»، مشيرة لـ«البناء» الى أن «الحل بالجلوس حول طاولة والحوار للبحث عن مساحات تلاقٍ حول قانون». ولفتت الى أن «الوصول الى قانون انتخاب جديد أمر حتمي، لكن يجري البحث والدرس للصيغ والاقتراحات للوصول الى قواسم مشتركة بين الأطراف، لأن أي قانون انتخاب جديد من الطبيعي أن يأخذ وقتاً لدراسته، ولكي يقرّ بشكلٍ توافقي ولا يفرض من طرف على آخر، ويجب أن يراعي أيضاً الخصوصيات التاريخية والثقافية لجميع المكوّنات كي لا يرفع أي مكوّن الفيتو ضده، وأن المستقبل سيراعي هواجس جنبلاط حيال النسبية».
ولفتت المصادر الى أن «الاتجاه الأغلب للتوافق على القانون المختلط الذي قدّمه الرئيس بري»، وشدّدت المصادر على أن «المستقبل مستعدّ للسير بقانون بري المختلط في حال تمّ توحيد المعايير حيال تقسيمات الدوائر وعدد النواب». وسألت المصادر هل يوافق حزب الله على المختلط؟ مشيرة الى أن «الإصرار والتمسك بالنسبية الكاملة يعقد الأمور ويطيح بأي قانون يمكن للأطراف كافة الاتفاق عليه».
… وحزب الله مصرٌّ على النسبية
بينما أوضحت مصادر في 8 آذار لـ«البناء» أن حزب الله «مصرّ على النسبية الكاملة التي تُعتبر مدخلاً لأي إصلاح سياسي حقيقي في النظام اللبناني وليس من باب المناورة أو رفع السقوف بل هذا موقفه الحقيقي»، ولفتت الى أن لا صيغة واضحة حتى الآن، لكن اللقاءات والجهود مستمرة للتوافق، مرجحة أن «لا نصل الى خيارات صعبة بل الى التوافق على قانون قبل 21 شباط المقبل».