يتقدّم الأمن حين يتراجع منسوب الخطاب الطائفي…
معن حمية
قبل أيام قليلة، أحبطت الأجهزة الأمنية اللبنانية عملية إرهابية، كان مخططاً لها أن تحصل في مقهى «كوستا» بشارع الحمرا، وهو شارع مكتظ بالمارة. وتشير التحقيقات الأمنية والروايات الإعلامية إلى أنّ العملية الإرهابية كانت تستهدف قتل أكبر عدد من المدنيين وترويع الآمنين في العاصمة بيروت.
إفشال العملية الإرهابية، إنجاز كبير حققته الأجهزة الأمنية، وهذا الإنجاز يندرج في سياق «الأمن الاستباقي» الذي عادة ما تقوم به أجهزة استخبارية تتمتع بالاحترافية وبالكفاءة العالية. وواضح أنّ الأجهزة الأمنية في لبنان مؤهّلة للاضطلاع بمسوؤلية «الأمن الاستباقي»، شرط أن تتوفر بيئة سياسية مؤاتية.
خلال السنوات القليلة الماضية، شهد لبنان تفجيرات في أكثر من منطقة، ولم يحدث أن تمّ الكشف استباقياً عن أيّ من تلك الأعمال الإرهابية التي أودت بحياة المئات من الأبرياء.
أهمية إحباط العملية الإرهابية في الحمرا قبل حدوثها، أنها قدّمت دليلاً على أنّ الأجهزة الأمنية اللبنانية قادرة على القيام بمسؤولياتها، لكنها تحتاج بالضرورة، وبالدرجة الأولى، إلى بيئة سياسية خالية من كلّ أشكال الشحن الطائفي والتحريض المذهبي. فالعمليات الإرهابية التي ضربت لبنان خلال السنوات الخمس الماضية، حصلت في ظلّ استعار الخطاب الطائفي والمذهبي. أمّا اليوم، وفي ظلّ المناخ السياسي الإيجابي الذي حدّ من منسوب خطابات التحريض، وأدّى إلى انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل الحكومة، فإنّ الأجهزة الأمنية تثبت أنها جديرة بحفظ الأمن وصون الاستقرار.
وعليه، بات واضحاً أنّ تحصين استقرار لبنان وحفظ أمن اللبنانيين، إنما يتحققان من خلال وأد الخطاب الفتنوي وتفكيك كلّ الألغام المهدّدة للوحدة الوطنية، وأخطر الألغام على لبنان واللبنانيين، هو قانون الستين، أو أيّ قانون آخر يشبهه، ولذلك فإنّ المطلوب قانون جديد للانتخابات النيابية يحقق صحة التمثيل ويصون المواطنة ويحصّن لبنان.
للذين يرفضون قانون انتخابات على أساس النسبية نقول: كفى تمثيلاً على اللبنانيين… كفى حفلات تكاذب… فمن يُرِد من الطائفيين الوقوف على خاطر الآخر الطائفي، فليقف على خاطره بالطريقة التي يراها مناسبة، ولكن ليس على حساب وحدة لبنان وأمنه واستقراره، وليس على حساب آمال اللبنانيين بدولة مدنية ديمقراطية لا طائفية.
عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي