وعد ترامب نقل السفارة الأميركية إلى القدس بين الغضب والأمل
كتب ديفيد بيرسونس في صحيفة «معاريف» العبريّة:
إن تتويج دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة يبشّر بعهد جديد للعالم. فآثار رئاسته الجديدة على أميركا وعلى الأسرة الدولية باتت واضحة منذ الآن، وقائمة المراسيم الرئاسية التي وقّع عليها، لا سيما ذاك الذي يقيّد دخول المسلمين، تثير عاصفة وقد أخرجت أول أمس عشرات الآلاف إلى الشوارع. ومع ذلك، للجمهور «الإسرائيلي» سبب وجيه لأن يتوقع أن تكون دولته بالذات واحدة من الدول المستفيدة الأساسية من الإدارة الجديدة.
صحيح أن الرئيس المنصرف باراك أوباما عمّق العلاقات الاستراتيجية بين «إسرائيل» والولايات المتحدة أثناء ولايته، لا بل زاد الدعم العسكري والتعاون الاستخباري، ولكنه إلى جانب ذلك عمل بشكل مقصود لخلق صدع بين «إسرائيل» والولايات المتحدة في مواضيع حرجة للقدس، ضمن أمور أخرى من خلال ضعضعة مواقف المساومة «الإسرائيلية» حيال الفلسطينيين. أما ترامب فقد انتقد هذا التكتيك ووعد بعلاقة أكثر ودّاً مع «إسرائيل». وكانت تصريحاته منسجمة على طول الحملة الانتخابية، الامر الذي يسمح لـ«الإسرائيليين» أن يكونوا متفائلين.
ثانياً، ترامب منفتح وأكثر قرباً من الإفنغيليين محبّي «إسرائيل». لقد تجاهل البيت الأبيض هذا الجمهور في السنوات الثماني الأخيرة، أما الآن فإن الساكن الجديد كفيل بأن يكون المؤيد المتحمس للجمهور المسيحي المحافظ منذ عهد رونالد ريغان. لقد اختار ترامب إفنغيلي صرف كشريك له على الطريق وأحد لن يشكك بأن نائب الرئيس مايكل بينس هو صديق حقيقي لـ«إسرائيل». هذا الموضوع ايضاً يبشّر بالخير لـ«إسرائيل» ويضمن الا يكون تراجعاً في الدعم من واشنطن، حتى في الفترة التي يفقد فيها الكثيرين من الجالية اليهودية في الولايات المتحدة، ممن يعتبرون مؤيدين للديمقراطيين، نفوذهم.
إضافة إلى ذلك، صرّح ترامب بخطته نقل السفارة الأميركية إلى القدس وعن السفير دافيد فريدمان، المؤيد لهذا الموقف. هذه الخطوة، إذا انطلقت على الدرب، ستتم في السنة التي تحْيي فيها «إسرائيل» حدثين هما حجارة طريق دراماتيكية في العصر الحديث. الاول هو «إعلان بلفور»، الذي نشره البريطانيون قبل مئة سنة في 2 تشرين الثاني 1917 وفتح الطريق لاعتراف دولي بعودة الشعب اليهودي إلى «وطنه التاريخي». بعد يومين من ذلك سار الجنرال اللنبي في القدس، بعد أن حرّر المدينة من الحكم العثماني.
عام 2017 هو ايضاً السنة الخمسين «لتوحيد القدس في حزيران 1967»، بعد أن حرّرت البلدة القديمة مرة اخرى من أيدي الحكم الإسلامي ونقلت إلى السيادة اليهودية. من الصعب أن نتجاهل هذا الرقم المدوّر بخمسين سنة، وإن كان يظهر بالصدفة، وفي سنة يوبيل تحرّر فيها العبيد وعادت الممتلكات إلى أصحابها الاصليين. فهل يمكننا بعد خمسين سنة من تحرير القدس أن نتوقع حدثاً هاماً آخر للمدينة هذه السنة أيضاً؟ نؤمن بأن هذا ما سيكون، والقدس ستعزّز مكانتها كـ«بيت صلاة لكل الشعوب»، كما كتب في «سفر يشعياهو».
القدس ملزمة بأن تبقى مدينة مفتوحة للمؤمنين من كل الاديان، ولكن الشعب اليهودي هو صاحب السيادة الصحيح لها. «إسرائيل» هي صاحبة السيادة الوحيدة على المدينة التي ضمنت حرّية العبادة والوصول الحرّ إلى الاماكن المقدسة. وإذا كان كذلك، فإن تسلم ترامب مهام منصبه هو مصدر للامل والتفاؤل. ووعده بنقل السفارة الأميركية إلى القدس يثير الغضب في أوساط جماهير معينة ولكنه في المقابل يمكنه أن يبعث الأمل الحقيقي للمدينة في سنة اليوبيل «لتحريرها».