عون: سأطرح الاستفتاء إذا أقفل الأفق أمام إنجاز قانون جديد

أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون «أن الأزمة القائمة نتيجة عرقلة إنجاز قانون انتخابي جديد، تكمن في أن كل واحد يريد أن يسحق الأقلية الموجودة في طائفته، لأنه لا يريد لها أن تتمثل، كما يريد أن يمدّ يده إلى جيب الآخر كي يشلّحه عدداً من المقاعد، وهذا لا يعمّر وطناً»، مشدداً على «أنني مصمّم على المواجهة».

كلام رئيس الجمهورية جاء خلال استقباله نقيب المحررين الياس عون على رأس مجلس النقابة الذي هنأه بانتخابه.

وإذ اعتبر أنه «ما لم يتمّ التوصل إلى قانون انتخابي يمثل كل شرائح الشعب اللبناني، فلن تقوم عدالة ولن يكون هناك استقرار سياسي في البلد»، ودعا إلى «اعتماد المعيار الواحد في أي قانون يُقرّ»، لافتاً إلى أنه قد «يطرح الاستفتاء في حال أقفل الأفق أمام إنجاز قانون جديد».

من الطائفية إلى اللاطائفية

وشدّد رئيس الجمهورية على أنه «في موازاة وحدة البلاد المنجزة وتوفير الاستقرار والامن، لا بد من توافر ارادة بناء المجتمع، الأمر الذي يبدأ بمجموعة إجراءات في مقدمها إقرار قانون للانتخاب».

وأضاف: «ثمة من قال حدودكم هنا ولا يمكن أن تتخطّوها، ولحمي لا يؤكل. أنا أسأل «مين عم يأكل لحم الآخر؟ عم تاخد حقك وبزيادة».

وتابع: «أنجزنا قانوناً في السابق يمثل العدالة والميثاقية المطلقتين ويحقق التمثيل المطلق، فوصفوه بالقانون الطائفي. لكن النظام طائفي ونحن نقاتل كي نخرج من الطائفية إلى اللاطائفية، حتى أننا لم نتمكن من إنجاز قانون العنف الأسري، كما يجب».

وأبدى تصميمه على «إنجاز قانون انتخابي يمثل كل شرائح الشعب اللبناني»، معتبراً أنه «ما لم يتم الأمر، فلن تقوم عدالة ولن يكون هناك استقرار سياسي في البلد، ولإنجاز مثل هذا القانون الأهمية المطلقة، لما سيساهم فيه من إرساء نظام عادل».

قوانين تُحرم الأقليات

وقال الرئيس عون: «إن القوانين التي تُحرم بعض الأقليات حقوقها ستؤدي إلى الهجرة الداخلية، وهكذا يفرز المجتمع اللبناني إلى كانتونات طائفية بينما القانون الارثوذكسي الذي اتهم بأنه طائفي، هو ليس بالفعل كذلك، بل يحافظ على العيش المشترك ويبقي الجميع في مناطقهم، لأن أصواتهم تصبح مؤثرة. في أي حال نحن لسنا متمسكين بهذا القانون بقدر تمسّكنا بإنجاز قانون عادل يحقق التمثيل الصحيح».

وأضاف: «لا إرادة لإنجاز قانون انتخابي، وكيف يمكن أن نعمر مجتمعاً مستقراً في ظل انتفاء مثل هذه الإرادة؟ لماذا تأخذ الأكثرية في المتن، على سبيل المثال، ثمانية نواب بفارق صوت واحد، وماذا عن الآخرين؟ منذ اتفاق الدوحة، طالبنا بالنسبية فلم نتمكّن من أن نأخذ حقاً أو باطلاً، وفي 2008 قلنا إن الشرط الأساسي أن ننجز قانوناً في المرة المقبلة على أساس النسبية، وقد وافق الجميع. ومرت ثمانية أعوام ولم يتمكّنوا من إنجاز قانون انتخابات، فهل نمدد لهم أربع سنوات جديدة؟».

وعن انتقاد البعض للموقف من الفراغ، قال رئيس الجمهورية: «قلنا لا تخيفونا من الفراغ، فلسنا بخائفين منه لأن لدينا البدائل، ويمكننا حل الأزمة. ونحن نقول لا يجوز أن نصل إلى الفراغ مرة ثالثة، لأنه إذذاك ماذا يبقى من ديموقراطيتنا والمثل التي نتمسك بها؟».

وتابع عون: «إننا نمر بأزمة إرادات تريد أن تنهش بعضها، لأنهم لم يخرجوا من ذهنية الربح على الآخر. وأقول لهؤلاء: إن القانون الذي ترفضونه اليوم قد يكون لمصلحتكم غداً. وإن التبدّل في بعض المقاعد قد يربح استقراراً للمجتمع، وإلا فلا نكون مؤمنين بالديموقراطية وبإمكان التغيير. إن الحزب الذي أسسته وفاز في عدد من الدوائر بنسبة 100 في المئة قد تتبدّل نتائج المقاعد التي كانت له إذا اعتمدت النسبية، لا سيما في كسروان وبعبدا وجزين أو بالانتشار، ولكن هذا التبدل في بعض المقاعد يحقق العدالة لمجتمعنا».

معيار واحد وإرادة شعبية

وإذ دعا إلى اعتماد المعيار الواحد في أي قانون انتخابي، تمنّى استنهاض الإرادة الشعبية، وقال: «في ظل الأزمة القائمة، وإذا ما أقفل الأفق، قد أطرح الاستفتاء، ذلك أن لا مانع في الدستور أو القانون منه، وليس من مانع لأي حل يقرره ويعتمده الشعب الذي هو مصدر السلطات. وهناك غيره من الحلول أيضاً».

النظام يستلزم إعادة نظر

وأكد أن «لا خلاف مع الرئيس سعد الحريري، واصفاً علاقتهما بالممتازة»، مؤكداً «أنني سأكون أباً للجميع وسأراعي مصلحة الجميع من دون استثناء أو تفرقة». وقال: «أنا والرئيس الحريري متفقان على تغيير القانون الانتخابي، وسأقوم بواجبي في الدفاع عن كل لبنان وكل الشعب اللبناني، من خلال المطالبة بصحة التمثيل، ولكي تكون الأكثرية والأقلية موجودتين لكي ننعم بالاستقرار السياسي»، مؤكداً أن «القرارات لا يجب أن تشل بإرادة فريق واحد، والنظام يستلزم إعادة نظر لتوفير السبل الآيلة إلى تأمين الرقابة والمحاسبة للجميع».

وعن الإحساس بأن الدولة في مركب والشعب في مركب آخر، جدّد الرئيس عون انتقاده للمجتمع الاستهلاكي والاقتصاد الريعي، لافتاً إلى «السعي لتشكيل هيئة عليا لمكافحة الفساد سيكون لها حق الاطلاع والتدخل»، معتبراً أن «تأمين المكننة في الإدارات هي من ضمن مجموعة إجراءات يجري العمل لإنجازها».

وسأل عون: «كيف يمكن للشعب اللبناني أن يسكت عن كونه يدفع فاتورة المياه ثلاث مرات، بينما معروف عن لبنان أنه خزان المياه في الشرق الأوسط؟ وهل هناك من دولة تعمد إلى تفريغ مياهها الجوفية، وهي احتياطها في زمن الشحّ، بينما مياهها السطحية تذهب هدراً إلى البحر ولا تبني السدود لتجميعها؟ وهل بتنا بلداً صحراوياً يستورد المياه للشرب والري؟».

وقال رئيس الجمهورية: «إن الأمر بات غير مقبول. علينا أن نحدث تغييراً جذرياً في المفاهيم وأنماط التفكير كي نعود للعيش على أساس القيم الاجتماعية والمساءلة».

وأضاف: «لقد كنت وما زلت أدافع من أجل تأمين مصلحة لبنان وشعبه. أنا أحب لبنان وأرضه وطبيعته ومجتمعه. هل يمكننا أن نعيش من دون مجتمع؟ بالطبع لا، لأن الحياة ليست أحادية البعد، ففيها البعد المالي والثقافي والاجتماعي وغيره من الأبعاد… ألا تستحق كل هذه الأبعاد أن ندافع عنها ونحيا من أجلها؟ ما الفائدة إذا ملّكني أحدهم مال الارض، وفي المساء ضميري غير قادر على أن يجعلني أنام بهناء، فما نفع كل هذا؟ على الإنسان أن يكون ضميره مرتاحاً، وانا سأبقى مهتماً بإصلاح الأوضاع وضميرنا لا عبء عليه».

ضمان الشيخوخة… والصحافة

ورداً على سؤال، أجاب: «إن مشروع قانون ضمان الشيخوخة هو الذي سأبدأ به، وسبق لي أن تقدّمت به منذ العام 2008، وهو لم يزل في المجلس النيابي، وسأطالب ببحثه وإقراره».

ولفت إلى أن الوزارات ستعمل معاً وبشكل متوازٍ لإنجاز المطلوب منها بهدف بناء الدولة والتقدم سوية، على أن تكون الأولويات للأمور الحياتية، إضافة إلى أوضاع القضاء والقوى الأمنية وإعادة النظر في القوانين الضريبية والوضع المالي العام وغيره. وهناك إعادة نظر شاملة في كل ما هو قائم حالياً، ويعاني الجمود».

ورداً على سؤال، أكد رئيس الجمهورية أنه كلف وزير الإعلام درس الموضوع المتعلّق برعاية المحررين.

ولفت إلى أن «أزمة الصحافة المكتوبة والإعلام المرئي هي أزمة عالمية»، مشيراً، في المقابل، إلى «وجود مساعٍ للمساعدة في حل هذه الأزمة محلياً كلف بها وزير الإعلام. وأكد أهمية دور الصحافة في الوصول إلى الحقيقة وتبيانها كما تبيان الشوائب أينما وجدت، أكان ذلك في السياسة أم في المجتمع».

النقيب عون

وكان النقيب عون ألقى كلمة وصف فيها رئيس الجمهورية بأنه «المحرّر الأول وحامل مشعل الحرية والتحرير»، معتبراً أن «عهده يحمل تباشير العودة إلى رحاب النظام الديموقراطي والحرية والسيادة والاستقلال».

وأعرب عن ثقته بأن رئيس الجمهورية «سيعمل على توطيد الأمن والسلام وسيحقق وحدة الأرض والشعب والمؤسسات، تحت علم واحد، وسيعمل للإنماء المتوازن في جميع المناطق اللبنانية، فلا يبقى لبناني محروماً، وتعم المساواة كما وعد في خطابَيْ القَسَم والاستقلال، تأكيداً لمسيرة الرئيس الطويلة في قيادة الجيش ورئاسة الحكومة ونضاله في المجلس النيابي وتضحياته الجلى في الغربة وعلى أرض الوطن».

وقال: «إن ثقة شعبكم بكم لا تُحدّ، وأمله فيكم لا يُردّ، ونحن جميعاً مجندون تحت لوائكم لبناء الجمهورية الرابعة»، معرباً عن «أمله في أن يلقى ما تعانيه الصحافة رعاية الرئيس عون».

لقاءات

وكانت لعون لقاءات متنوعة، فاستقبل النائب الفرنسي جيرار بابت، بحضور النائب سيمون أبي رميا والسيد علي أبو الحسن، وعرض معه الأوضاع في لبنان والمنطقة.

بعد اللقاء، تحدث بابت الى الصحافيين فقال: «إني واثق أن الرئيس عون بما هو معروف عنه وعن سجله النضالي الحافل شخص رائع، يكافح منذ عشرات السنوات من أجل استقلال لبنان وسيادته ووحدة أراضيه، وكذلك من اجل الحريات العامة فيه».

واطلع عون من وفد المرشدية العامة للسجون في لبنان برئاسة المطران شكرالله نبيل الحاج والأب جوزف العنداري على أوضاع السجون. وقدّم الوفد لرئيس الجمهورية مذكرة تضمنت عدداً من المطالب، أبرزها: «تطبيق الأنظمة المرعية الإجراء على السجناء وتعديل بعض المواد من مرسوم نظام السجون الموروث منذ العام 1949، بما يتناسب مع معايير حقوق الإنسان والقوانين الدولية المرعية الإجراء، وتأمين قاعة في كل سجن كي يمارس السجناء شعائرهم الدينية بحرية وكرامة، والحدّ من الانتهاكات والتعذيب في بعض أماكن التوقيف والسجون، وتحسين الأوضاع الطبية والصحية والغذائية والاجتماعية، وتفعيل دور الوزارات المعنية، وإقفال جميع السجون التي لا تتوافق ومعايير حقوق الانسان، ومتابعة العمل على تنفيذ ما خُطِط لسجن رومية المركزي في العام 1962، وإيجاد حل لمشكلة الاكتظاظ الخانقة في السجون، إما بانشاء سجون مركزية في المحافظات وإما بتأهيل أبنية غير مستعملة، تعود ملكيتها الى الدولة، وايجاد مكان مخصص لاستقبال أهالي السجناء والزوار».

كما اقترح الوفد تأليف لجنة قضائية لدراسة عدد من المواضيع المرتبطة بأوضاع السجون والسجناء، وتأسيس هيئة مشتركة من الوزارات المختصة بإشراف وزارة العدل تقوم بإدارة السجون وتنظيمها والإشراف عليها، اضافة الى وضع السجناء الاحداث في مبنى مستقل خارج سجن رومية، على ان يكون اصلاحية كاملة لإعادة تأهيلهم وتربيتهم.

واكد الرئيس عون من جهته «أن المطالب التي قدمها الوفد ستكون موضع درس ومتابعة مع وزيري العدل والداخلية للوصول الى نتائج عملية تبدل بالواقع الراهن للسجون والنزلاء فيها».

واطلع رئيس الجمهورية من وفد شركة ماجد الفطيم ضم المدير التنفيذي للشركة القابضة ألان بجاني والمدير العام للشركة العقارية في لبنان وضاح الصلح والمدير التنفيذي للثروات البشرية معين المدهون، على المشاريع الاستثمارية التي تنفذها مجموعة ماجد الفطيم في لبنان في مختلف المجالات.

وزار الرئيس عون في قصر بعبدا أيضاً المطربة نجوى كرم والسيد نديم حداد.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى