الجامعة والمنظومة العربية برمّتها يساويان صفراً بلا سورية

معن حمية

كشف مؤتمر «أستانة» الذي استضافته كازاخستان لتثبيت وقف إطلاق النار في سورية، عن عزلة جامعة الدول العربية. وهذه الجامعة التي اجتمعت على سورية، واستلبت منها مقعدها، لم تجد مقعداً لها في مؤتمر «أستانة» الذي قد يشكل منصة انطلاق نحو الحلّ السياسي.

الدور السلبي والتآمري الذي لعبته جامعة الدول العربية ضدّ سورية، أفقد هذه الجامعة وزنها وتوازنها، ووضعها في عزلة تامة، وعلى حافة الهاوية. ذلك لأنّ سورية هي عضو مؤسس وفاعل وحيوي، وجامعة الدول العربية من دون سورية تساوي صفراً.

صحيح أنّ هناك دولاً وازنة، مثل العراق ومصر، لكن عندما تمّ اختطاف قرار الجامعة من قبل دول عربية غير وازنة، كان العراق وحيداً، ومصر تواجه أوضاعاً داخلية شديدة الصعوبة، لذلك نجحت الدول العربية التابعة قطر والسعودية على وجه الخصوص في تحويل الجامعة إلى خنجر مسموم في صدر سورية.

ولأنّ المؤامرة الكونية والحرب الإرهابية بعناصرها وأدواتها كلهما اصطدمتا بصخرة الصمود السوري، فإنّ أموراً كثيرة لا بدّ أنّ تتغيّر وتتبدّل. وها هو أمين عام الجامعة أحمد أبو الغيط يستشعر المتغيّرات، فيبحث سراً مع مسؤولين عرب وإقليميين ودوليّين عن السبل الآيلة للعب دور ما على خط الاتصالات بشأن الأزمة السورية!

اللافت في هذا المضمار، موقف وزير خارجية روسيا الاتحادية سيرغي لافروف في ختام أعمال «الدورة الرابعة لمنتدى التعاون الروسي العربي» في أبو ظبي، حيث دعا إلى تجديد عضوية سورية في الجامعة، وقال: «الجامعة ستتمكّن من لعب دور أكثر أهميّة في حال عودة الحكومة السورية للعضويّة».

العارفون بطبيعة وأبعاد موقف الدبلوماسية الروسية، يدركون أنّ موقف لافروف هو إشارة واضحة إلى أنّ جامعة الدول العربية بلا سورية، لا وزن لها على المستوى الدولي، وأنّ سورية هي الممرّ الإجباري لأيّ دور تريد الجامعة أن تلعبه. وبالتأكيد فإنّ أمين عام الجامعة أحمد أبو الغيط فهم جيداً، أنّ أيّ دور للجامعة مشروط بعودة سورية إليها، لأنّ هذه العودة تحرّر الجامعة من تبعيّتها للقوى العربية والدولية المشتركة في الحرب ضدّ سورية.

لذلك، أعلن أبو الغيط في اليوم ذاته، أنّ «أمانة الجامعة مستعدّة لتنفيذ قرارات مجلسها على مستوى الوزارء أو القمّة، في حال طرحت دولة أو دول عدّة من أعضاء الجامعة هذا الموضوع». لكنّه عاد وأعلن في اليوم التالي ربط استعادة سورية لمقعدها بالتسوية السياسيّة، وهذا يدلّ على أنّ الدول المهيمنة على قرار الجامعة لا تزال مؤثرة وتأخذ الجامعة رهينةً وأداةً للاستخدام ضدّ سورية.

بكلّ الأحوال، موقف لافروف أماط اللثام عن محاولات «عربيّة» ترمي إلى استعادة الدور المفقود، لكنّ هذه المحاولات لن تثمر، ما لم تنأَ الجامعة بنفسها عن أداء دور سلبي وتآمري ضدّ سورية.

ما هو مؤكد أنّ الدول العربية التي استأثرت بقرار الجامعة وسياساتها، وانتهكت ميثاقها، لن توفر فرصة من أجل إبقاء الجامعة تحت نفوذها وسيطرتها، حتى وإنْ كانت بلا أيّ فعل أو تأثير، وكذلك الأمر بالنسبة لما يسمّى معارضة سورية مجموعة الرياض التي منعتها السعودية من المشاركة في «أستانة» وستمنع ذهابها إلى جنيف.

قد يكون أمين عام الجامعة العربية، واقفاً على تقاطع بين اتجاه تؤيده مصر ضمناً، وهو عودة سورية إلى الجامعة، واتجاه آخر رافض تمثله السعودية وقطر، فهل سنشهد في قمة عمان العربية استدارة إيجابية باتجاه سورية؟

كلّ الاحتمالات واردة، في ظلّ واقع الانهيارات الكبرى التي أصابت العالم العربي برمّته، وبعدما ثبت أنّ جامعة الدول العربية كمؤسسة، والمنظومة العربية برمّتها، يساويان صفراً بلا سورية.

عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى