صحافة عبرية
كتبت إميلي لنداو في صحيفة «معاريف» العبرية:
نحو عشرة أيام فقط بعد تنصيب الرئيس ترامب، نفّذت إيران تجربة على صاروخ يسمّى «خُرم شهر». ومع أن التجربة «فشلت»، إلا ان مزايا الصاروخ الجديد ـ الذي أعلنت إيران قبل بضعة اشهر البدء بإنتاجه ـ مقلقة. فالصاروخ يقوم على أساس طراز يوجد لدى كوريا الشمالية ومداه 3 الاف إلى 4 الاف كيلومتر، أي، صاروخ يمكنه في المستقبل أن يضرب كل مكان تقريباً في غرب أوروبا وأن يحمل رأساً متفجراً نووياً. وليس مثل صاروخ «عماد»، الذي جربته إيران في تشرين الاول وتشرين الثاني 2015، فإنّ الصاروخ الجديد ليس موجهاً دقيقاً، وبالتالي، فإنّ مستوى دقته موضع شك.
السؤال هو: هل التجربة هي خرق إيراني؟ لا يوجد هنا خرق للاتفاق النووي للسبب البسيط في أن احد التنازلات الاولى للقوى العظمى لإيران قبل بدء المفاوضات في المسألة النووية كان أن موضوع الصواريخ الباليستية الإيرانية لن تندرج في المفاوضات، رغم العلاقة الوثيقة بين السلاح النووي وبين وسائل اطلاقه الصواريخ الباليستية. وماذا بالنسبة إلى قرارات مجلس الامن؟ قرار 1929، الذي يرفض التجربة بشكل صريح، لم يعد ساري المفعول واستبدل بقرار 2231 الذي يمنح مفعولاً للاتفاق النووي. المشكلة مع القرار الجديد تكمن في رقة الصياغة، التي تتناول برنامج الصواريخ الإيراني. فبدلاً من منع النشاط في المجال، يوجد فقط «دعوة للامتناع». وإشكالية أكثر هي اضافة الكلمات عن النشاط الذي تدعى إيران إلى الامتناع عنه: تطوير صواريخ مخطّطة لحمل رؤوس متفجرة نووية. فإيران تدعي بحماسة بان ليس لها برامج لانتاج سلاح نووي، واذا كان الامر كذلك، فكيف يحتمل أن تنكبّ على تطوير صاروخ يستهدف حمل سلاح نووي؟
لا شك في أن التجربة تشكل اختباراً لإدارة ترامب، وكل العيون تتطلع إلى واشنطن لفحص ردّ فعلها، لا سيما اذا كان مختلفاً عن ردّ فعل سلفه في المنصب. في هذه الاثناء توجد مؤشرات على تغيير واضح في ردّ الفعل. فليس مثل إدارة أوباما، يبدو أن التلاعبات القانونية الإيرانية لا تترك أثراً على إدارة ترامب. فالإدارة الجديد تفهم بان التمييز المصطنع الذي ضرب بين النشاط في مجال الصواريخ وبين النشاط النووي مدحوض. فالتجربة على صاروخ يمكنه أن يضرب غرب أوروبا، مع قدرة على حمل رأس متفجر نووي، هو بالتأكيد مصدر للقلق. واذا لم يكن الاتفاق النووي يغطي هذا النشاط، فيجب العمل ضد إيران بوسائل اخرى.
لقد بادرت الولايات المتحدة إلى نقاش عاجل في مجلس الامن في الامم المتحدة، تبنت خطاباً حاداً بالنسبة للتجربة وأعربت عن عدم استعداد لقبول المعاذير الإيرانية. وليس مثل أوباما، لم تذكر الإدارة على الاطلاق حقيقة أنه لا يوجد هنا خرق للاتفاق النووي وخيراً فعلت. صحيح أنه لا يوجد خرق للاتفاق النووي، ولكن هي يعني هذا انه لا توجد مشكلة؟
ومع ذلك، فهذه وردة وشوكة فيها. صحيح أن الرد الأميركي سليم على المستوى اللفظي: فهو يظهر تصميماً لازماً تجاه إيران، كان ينقص في عهد أوباما. فهذا التصميم حيوي كي تستعيد الولايات المتحدة قدرة الردع حيال إيران. المشكلة هي أن هذه الخطوة تأتي على خلفية سلسلة قرارات موضع خلاف اتخذتها الإدارة الجديدة. وعليه، فإنّ الرد الأميركي الصحيح في هذه الحالة كفيل الا يحظى بالتأييد في أوساط الكثير من الناس وذلك فقط لانهم غير مستعدين لان يؤيدوا أي قرار للرئيس الجديد. ويحتمل ألا ينتبهوا اليه في أجواء المظاهرات الكثيرة. من جهة اخرى، فإنّ القرارات الاخرى للإدارة لا سيما منع دخول المواطنين من سبع دول، بما فيها إيران، تضيف بالذات بعض المصداقية للاهداف الردعية للإدارة تجاه إيران: فترامب يبث إحساساً بأن في نيته العمل، حتى لو كانت معارضة شديدة في الرأي العام.
وزير الخارجية الأميركي الجديد قادر على خلق الاعتدال
كتب أبراهام بن تسفي في صحيفة «إسرائيل اليوم» العبرية:
مثلما فعل حتى الآن في عدد من المواضيع، بما في ذلك قراره اقامة جدار على الحدود مع المكسيك ومنع دخول المسلمين من سبع دول بشكل موقت وفرض غرامة على «ولايات الملجأ» مثل نيويورك وشيكاغو وسان فرانسيسكو التي تستمر في السماح بتواجد اللاجئين غير القانونيين على أراضيها، فإنّ قرار الرئيس ترامب تعيين نيلغورسوتش بديلاً للقاضي المتوفى أنطوني سكاليا في محكمة العدل العليا، يعكس تصميمه على تطبيق وعوده لناخبيه من دون تأجيل.
إن اختيار القاضي المحافظ من ولاية كولورادو صاحب الخلفية التعليمية والمهنية اللافتة يؤكد نيّة ترامب وضع بلاده على مسار ايديولوجي واجتماعي جديد. لأنه اذا تمت المصادقة على تعيين غورسوتش في مجلس الشيوخ فهذا سيشكل لبنة مركزية اخرى في عدد من القوانين والمراسيم الرئاسية والقرارات والمبادرات الجديدة التي من شأنها أن تغير كلياً طابع ونمط حياة الأمة الأميركية، والابتعاد لسنوات ضوئية عن عهد باراك أوباما.
إن قناعة غورسوتش تنبع من التفسير الضيق للدستور الأميركي وهي بعيدة عن النجاعة القضائية. لذلك يتوقع أن يعمل من خلال قراراته على تقييد حقوق المثليين، لا سيما في سياق الزواج أحادي الجنس والحفاظ على توسيع القيود الموجودة في موضوع الاجهاض أو الموت الرحيم. وفي الوقت نفسه، استمرار معارضة الخطط الاجتماعية الراسخة في مبدأ التفضيل الاصلاحي، وتأييده الشديد كل خطوة تسعى إلى تآكل الاصلاحات في التأمين الصحي التي جاءت بها الإدارة السابقة.
بعد نحو سنة من تساوي القوى بين ممثلي المعسكر المحافظ والمعسكر الليبرالي في محكمة العدل العليا في اعقاب موت سكاليا، فإنّ من شأن تعيين غورسوتش من قبل مجلس الشيوخ أن يمنح الاغلبية للتيار المحافظ، الامر الذي سيكون له تأثير بعيد المدى، لا سيما في ظل ميول الإدارة الحالية. على هذه الخلفية يمكن اعتبار المواجهة المتوقعة في هذا الموضوع في تل الكابيتول هي الاختبار الحقيقي الاول للرئيس الجديد. ولأنه يوجد لحزب الاغلبية الجمهوري الذي له 52 سناتوراً، لا توجد القوة الكافية للمصادقة على التعيين اذا قرر الحزب الديمقراطي استخدام سلاح الرفض.
الواضح الآن هو أن ترامب انتصر بشكل لافت في الصراع على تل الكابيتول بعد المصادقة على تعيين ريكس تلرسون وزيرا للخارجية في مجلس الشيوخ بأغلبية 56 ضد 43. وهذا بعد أن قرر الحزب الديمقراطي عدم إفشال التعيين. صحيح أن تلرسون جاء من خارج السياسة، وكانت له علاقات واسعة مع رئيس روسيا فلادمير بوتين، لكن هذا الامر لم يمنع حصوله على التعيين. والامر الذي رجح الكفة هو أنه كان رئيس اتحاد الطاقة الضخم «أكسون موبيل»، ما أكسبه التجربة الغنية في المفاوضات المعقدة مع السلطات والدول الكثيرة.
الطابع الدبلوماسي والمعتدل لتلرسون أيضاً الذي يختلف عن الاحاديث المباشرة والفظة جعل مجلس الشيوخ يعرف التوجه البراغماتي وعقد الصفقات في الشؤون الخارجية. وهذا أيضاً ساهم في المصادقة على التعيين. وعلى الرغم من أن الرئيس الـ 45 للولايات المتحدة يستمر في الحديث تجاه قادة الدول الصديقة والشريكة، مثل المكسيك وأستراليا، بطريقة غير دبلوماسية، فإنّ وزير الخارجية الجديد يبدو أنه القادر على اعطاء صورة الاعتدال في مجتمع دولي يسوده التوتر وعدم اليقين. وهذا يوازن إلى درجة كبيرة النقاش الناتج عن جادة بنسلفانيا 1600. والسؤال هو هل سيتم تقييد تأثير وزير الخارجية الجديد في المجال اللفظي فقط، أو سيكون له دور في تشكيل السياسة الخارجية؟
إعلان البيت الأبيض مثابة ضوء احمر لنتنياهو
كتب باراك ربيد في صحيفة «هاآرتس» العبرية:
على مدى اسبوع ترددوا في البيت الأبيض حول كيفية الرد على الجدل والإعلان الذي خرج من القدس حول بناء آلاف الوحدات السكنية في المستوطنات. التعاطي الجوهري الاول لإدارة ترامب مع هذا الموضوع تمّ صوغه بقفازات حرير، بدبلوماسية وأدب، لكن السطر الاخير كان واضحا بالنسبة لرئيس الولايات المتحدة فإنّ حكومة «إسرائيل» منذ نهاية الاسبوع توجد تحت التحذير.
إعلان البيت الأبيض يبين أنه حتى لو حدث تغيير بالمقارنة مع سياسة أوباما، فإنّه ليس دراماتيكيا في هذه المرحلة. ترامب يعود عمليا إلى سياسة جورج بوش الابن في ما يتعلق بالمستوطنات. أي أن الهدف الرئيس له هو اتفاق سلام «إسرائيلي» فلسطيني على أساس حل الدولتين. وحسب الإعلان فإنّ البناء في المستوطنات لا يخدم تحقيق هذا الهدف.
إن الحدود التي وضعها ترامب في الإعلان تشبه التي وضعها جورج بوش الابن معارضة اقامة مستوطنات جديدة والموافقة على البناء فقط في الكتل الاستيطانية القائمة. في اطار خط المنطقة المبنية. ورغم أن هذا الامر لم يكتب بشكل واضح فإنّ حدود هذه السياسة هو البناء في الكتل الاستيطانية فقط.
السياسة التي قدمها البيت الأبيض في ما يتعلق بالمستوطنات تمثل موقف أولي فقط. وفي الإعلان الأميركي تم التأكيد على أن ترامب لم يبلور بعد سياسة نهائية ورسمية في هذا الامر. هذا الموقف الاولي تم توضيحه بشكل علني قبل أن يقوم ترامب بإجراء حتى لو محادثة واحدة مع الفلسطينيين، ولم يتناقش في الموضوع مع زعماء الدول العربية بشكل عميق، باستثناء محادثة قصيرة مع ملك الاردن في يوم الخميس. والامر الواضح هو أنه بعد اسبوعين من دخول ترامب لمنصبه في البيت الأبيض وقبل ايام معدودة من لقائه مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، عاد موضوع المستوطنات ليكون الموضوع المركزي في الخلاف بين«إسرائيل» والولايات المتحدة. من هذه النقطة، الانتقاد الأميركي للمستوطنات قد يشتد.
في يوم الخميس، قبل نشر إعلان البيت الأبيض في ما يتعلق بالمستوطنات، حصل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على مكالمة هاتفية من وزير الخارجية الأميركي الجديد ريكس تلرسون. والاخير قد يكون جيمس بيكر نموذج 2017، يأتي لعلاج عملية السلام كورقة بيضاء. ولم يسبق أن تحدث في هذا الامر، ومشكوك فيه أنه تحدث حتى لو مرة واحدة في حياته مع «إسرائيلي» أو مع فلسطيني في هذا الموضوع. إن دخول تلرسون إلى منصبه يعيد للصورة ولعملية اتخاذ القرارات وزارة الخارجية في واشنطن. ومشكوك فيه أن هناك دبلوماسي أميركي واحد يؤيد البناء في المستوطنات، أو نقل السفارة الأميركية إلى القدس أو ضم الضفة الغربية إلى «إسرائيل».
لقد نجح البيت الأبيض في استيعاب القرار الاول لرئيس الحكومة نتنياهو ووزير الخارجية ليبرمان قبل اسبوع ونصف حول المصادقة على 2.500 وحدة سكنية جديدة في المستوطنات. مكتب رئيس الحكومة أبلغ مسبقا البيت الأبيض حول القرار، وكان الرد الأميركي الضعيف منسق. والقرار الثاني من الاسبوع الماضي للمصادقة على 3 آلاف وحدة سكنية اخرى لم يكن منسقا. وكذلك تصريح نتنياهو أنه سيقيم للمرّة الأولى منذ عشرين سنة مستوطنة جديدة في عمق الضفة الغربية من أجل المخلين من عمونة. هذا الامر لم يتمكن البيت الأبيض من استيعابه، وقال إنه حتى لو غضّ النظر عن البناء المحدود فإنّه لا يمكنه الصمت على سياسة حكومة «إسرائيل» في المستوطنات.
اللقاء بين نتنياهو وترامب في 15 شباط سيكون لقاءً حاسماً للمستقبل. الرئيس الأميركي يريد إحداث التقدم في العملية السلمية وسينتظر ليسمع كيف يريد نتنياهو تحقيق ذلك. وقد كان تصريح البيت الأبيض مثابة تحذير لنتنياهو كي يأتي مع البضاعة. ونتنياهو وأعضاء «الكابينت الإسرائيلي» شاهدوا كيف يتصرف ترامب مع القادة الذين يعتبرهم عائقا أمام تحقيق أهدافه. والامر الاخير الذي تريده «إسرائيل» هو أن يقوم ترامب بإغلاق الخط في وجه نتنياهو ويعلن أنه خسارة على الوقت، أو يقوم بالتغريد في «تويتر» ويقول إنه ينتظر المقابل للمساعدة التي تقدمها الولايات المتحدة إلى «إسرائيل».
الانعطافة الأميركية… إذن رئاسيّ للاستيطان
كتب سيفر بلوتسكر في صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية:
لا يمكن للمرء ان يكون متأكداً لدى الرئيس دونالد ترامب لا يمكن للمرء أن يكون متأكداً من أي شيء ولكن يجب أن نكون جاهزين. جاهزون لانعطافة حادة في نهج البيت الأبيض تجاه المستوطنات. فهي واردة في بيان ترامب، بتوقيع الناطق بلسان البيت الأبيض كما نشر بعد إعلان نتنياهو عن نيّته الاذن بإقامة مستوطنة جديدة في المناطق. وقد كرّرها الناطق كلمة بكلمة في المؤتمر الصحافي يوم الجمعة الماضي.
قرابة ربع قرن امتنعت حكومات «إسرائيل» عن إقرار إقامة مستوطنات يهودية جديدة في «يهودا والسامرة» وشددت على أن البناء في المناطق يتم فقط وحصريا في حدود المستوطنات القائمة. فالحدود واسعة بما يكفي لاستيعاب نصف مليون يهودي آخر، من دون اكتظاظ. أما إعلان نتنياهو، فيتناقض مع هذا المبدأ غير المكتوب، وفي الايام العادية كان يمكن، بالتالي، توقع شجب حاد من البيت الأبيض.
ولكن الايام غير عادية. بيان ترامب ليس فقط مصوغ بلغة رقيقة، بعيدة عن الشجب، لا بل يعبّر أيضاً عن سياسة جديدة تماماً. فقد تقرر فيه أنّه برأي الإدارة الأميركية فإنّ المستوطنات القائمة ليست عائقاً للسلام. وتقرر فيه أن فقط إقامة مستوطنات جديدة وتوسيع المستوطنات القائمة إلى ما يتجاوز حدودها الحالية كفيل ألا يجدي في تحقيق الهدف الذي تحدد كـ«سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين».
والاستنتاج الناشئ، الجليّ لعين الجميع: ترامب يعطي حكومة «إسرائيل» ضوءاً أخضر للبناء كما تشاء في المستوطنات في المناطق، على الا يخرج البناء عن نطاق حدودها حدود رسمتها «إسرائيل» نفسها. وحتى لو خرجت، فلا بأس، فقد أوضح البيان أيضاً أنّ ترامب لم يبلور بعد موقفه النهائي في المسألة. وينتظر لقاء نتنياهو.
إن لم تكن هذه انعطافة فما هي الانعطافة.
مجموعة من المحللين في وسائل الاعلام الأميركية والأوروبية لم تتحرّر بعد من رؤية ترامب كمواصل طريق الرؤساء السابقين وليس كثوري شعبوي. هكذا أيضاً في حالة موقفه من المستوطنات: «ها هو، ترامب يتبنّى المواقف الاساس لسياسة أوباما الخارجية»، هتف أولئك المحللون. وهذا بوضوح أمر منفر.
ليس صدفة إن غاب عن البيان الرئاسي، وكذا أيضاً عن التصريحات القليلة لترامب في موضوع النزاع «الإسرائيلي الفلسطيني» اصطلاح حلّ الدولتين. يبدو على نحو ظاهر أن ترامب لا يؤمن باحتمال مثل هذا الحل ويميل إلى تسوية من نوع آخر، تقوم على اساس فكرة الحكم الذاتي الفلسطيني.
فكرة الحكم الذاتي طرحت للمرّة الأولى في اتفاقات «كامب ديفيد» في 1977. واصطلاح «حكم ذاتي» من قبل 40 سنة يساوي اليوم ما يصفه نتنياهو كـ«دولة فلسطينية ناقصة»، أو «سلطة زائد» بلغة ما بعد اوسلو. والمقصود، كما يبدو، خلق وضع يكون فيه في المنطقة بين البحر المتوسط ونهر الاردن حاكم صاحب سيادة أمنية أعلى واحد، «إسرائيل»، والسيادة المدنية المتبقية تتوزع كيفما اتفق بين «إسرائيل» وحكم ذاتي جمهوري؟ جماهيري؟ فلسطيني ينال معظم رموز الدولة المستقلة، من دون أن يكون كذلك.
من غير المستبعد أن تدعى مملكة الاردن للمشاركة في التسوية أو الصفقة الكلمة المحببة على ترامب بحيث تعكس في أساس الامر الوضع القائم في المناطق. لا تخلى أي مستوطنة، وفي أقصى الاحوال تتحرك. وهذا فارق شاسع: في عهد شارون وبوش اخليت المستوطنات اليهودية من قطاع غزة وسكانها نقلوا إلى «إسرائيل». في عهد نتنياهو وترامب «عمونة» تتحرك فقط وسكانها لم يقتلعوا بل سُفِّروا رغم أنفهم بضع كيلومترات في داخل الضفة.
إن بيان البيت الأبيض في موضوع المستوطنات ينخرط على نحو جميل في السياسة الخارجية للإدارة الجديدة. قد لا يكون ترامب يتطلع لأن يلغي بشطبة قلم الاتفاق النووي مع إيران، ولكنه لن يذرف دمعة اذا ما انهار النظام كنتيجة لخطوات إيرانية وردود فعل أميركية. فالعقوبات التي فرضها في نهاية الاسبوع على إيران هيأت المساء السريع لذلك. ولا تستبعدوا من الحساب عملاً عسكرياً للولايات المتحدة في كوريا الشمالية، اذا ما أغريت هذه لتجربة على صاروخ نووي بعيد المدى.
لدى ترامب، كما قلنا، من الصعب ان نعرف مسبقاً إلى أين تهبّ الريح الباردة ولكن من المؤكد أن ما سيكون لم يسبق أن كان.