كتبت في الحبّ… ثمّ سألت شيخا!

نصّار إبراهيم

وأنا أتابع صفحات التواصل الاجتماعي من هنا وهناك، لاحظت أن الناس في غالبيتهم يكتبون في الحبّ ويبدعون، يكتبون شعراً وشبه شعر وشبه شبه شعر، يكتبون نثراً وشبه نثر، يستشهدون بالرومي ودرويش وأبي نواس وعمر بن ربيعة ونزار قباني ومجنون ليلى وسكينة بنت المستكلم وإليوت وبوشكين ولوركا،

توقفت… وقلت: يا هذا، لماذا لا تكتب أنت أيضاً في الحبّ، ألا تجيد سوى السياسة والثقافة والاجتماع؟

فعزمت وقررت، وهكذا فكرت، وفكرت، وفكرت، تحفّزت وهرشت رأسي قليلاً وكثيراً، ثم كتبت:

لذيذ هذا النبيذ المعتق، إنه يشبهكِ، كلما مرّ الوقتُ عليه أكثر يصبح أشهى وأشهى، بشرط أن يمتلك من يقترب منه أو يصل إليه موهبة التذوّق الأشمل والأعمق والأعلى.

بعد أن كتبت ما كتبت، ابتعدت إلى الوراء قليلاً وأعدت قراءة ما كتبت، فأعجبني ودُهشت، كما دُهش الكثيرون بـ«بيضة كولومبوس»، وقلت ها أنذا لست أقل من غيري، ربما لست مبدعاً كما يجب، لكنني لست أقل من المعدّل العام في امتحان التوجيهي.

تأملت ما كتبت، فأعدت القراءة مرة، ومرّتين، حتى استقر النص في المبنى والمعنى.

بعد أن أصبح النص جاهزاً للنشر، فجأة خطرت في بالي فكرة كسحابة صيف ليست عابرة، قلت: هذا شأن خطير، لا يحتمل المزاح، لهذا ومن باب الاحتياط واليقظة يجب أن أسأل شيخاً كي لا أكون قد تجاوزت من دون قصد، فاللحظة الراهنة منحوسة وصعبة، فكلمة واحدة خارج النصّ قد تقود إلى الكفر أو الذبح أو الحرق، لهذا وكي يطمئن قلبي قلت سأسأل شيخاً عارفاً في بحور فقه الحبّ والغزل.

وهكذا، اتصلت بشيخ صديق، وسألت: يا شيخنا الجليل، لقد كتبت نصّاً في الحبّ، وأريد أن أطمئن إلى أنني لم أتجاوز المعقول والمسموح شرعاً، فهل ما كتبت جائز شرعاً، أم!؟

قال: هاتِ ما كتبت ولا تُطِل، فأنا مشغول بقيام الليل!

فسألت بعفوية: أيّ قيام يا شيخنا ونحن في أوّل الليل؟

فردّ بغضب: «ومال أهلك إنت، بلاش ولدنة، اقرأ ما كتبت».

قلتُ: حسناً يا شيخنا، ما علينا، ثم قرأت ما كتبت بوضوح ودقة:

لذيذ هذا النبيذ المعتق، إنه يشبهكِ، كلّما مرّ الوقتُ عليه أكثر يصبح أشهى وأشهى، بشرط أن يمتلك من يقترب منه أو يصل إليه موهبة التذوّق الأشمل والأعمق والأعلى.

صمت الشيخ قليلاً وكأنه يتأمل ويتدبر، ثم جاءني صوته من جديد قال: أعِدْ قراءة ما كتبت! فأعدت.

قال لي: يا هذا، أبعد كل هذا التردّد والتودّد، ألم تجد ما تبدأ به سوى المقارنة مع النبيذ؟ «ويح أمك، والله إنها لفتنة، فاتّق الله في نفسك وفينا وأقصر!».

قلت: ولكن يا شيخنا، تلك ضرورت الكتابة!

قال: قاتلك الله، أنبيذ وحبّ؟ فحتى الضرورات في هذا لا تبيح المحظورات!

ومن دون أن أنتبه وجدتني أقول: «لا يا شيخ!!!».

قال: نعم، لقد تجاوزت فأثمت، فَعُد إلى رشدك، قبل أن نعيده إليك.

يعني باختصار… «تبهدلنا»، والسلام.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى