مواقف جامعة الدول العربية.. من فلسطين إلى سورية!

سماهر الخطيب

لم تأتِ دعوة وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إلى تجديد عضويّة سورية في جامعة الدول العربية من فراغ، بعدما اعتبر «أنّ إبقاء دمشق بنظامها الحالي خارج هذه المنظّمة لا يساعد على جهود إحلال السلام»، وسيساعد في تسوية الأزمة السورية، وحيث جاءت الدعوة في سياق الحراك الدبلوماسي الذي تقوم به موسكو، بدءاً من الحوار الروسي التركي الإيراني الذي تُوِّج بلقاء أستانة الذي ضمّ لأول مرّة المعارضة المسلّحة بالحوار السوري السوري.

وفي هذا الاتجاه، أوضح لافروف: «يبدو لي أنّ الجامعة ستتمكّن من لعب دور أكثر أهميّة في حال عودة الحكومة السورية للعضويّة».

وكان ردّ أمين عام الجامعة، أحمد أبو الغيط، على دعوة لافروف من خلال القول: «إنّ أمانة الجامعة على استعداد لتنفيذ قرارات مجلسها على مستوى الوزراء أو القمّة، في حال طرحت دولة أو عدّة دول من أعضاء الجامعة هذا الموضوع».

وأضاف أبو الغيط: «عندما يتمّ الاتفاق على التسوية السياسية وبدء تنفيذها، أتصوّر أنّ الكثير من الدول الّتي اتّخذت القرار في حينه بتجميد العضوية، سوف لن تمانع في التحرّك من جديد في دعوة دمشق».

السؤال المطروح بقوّة هو عن مدى استعداد الحكومة السورية للعودة إلى الجامعة التي جمّدت عضويّتها، وبضغوط خليجية، أم لا؟ خاصّةً أنّ معظم هذه الدول ضخّت مليارات الدولارات وآلاف الأطنان من الأسلحة في إطار محاولاتها لإسقاط الدولة السورية.

وفي السِّياق،عبّرمسؤولون سوريّون أكثر من مرّة عن رفضهم لمثل هذه العودة إلى الجامعة، باعتبارها شريك في المؤامرة على سورية وزعزعة استقرارها.

ويُذكر أنّ أحد مبادئ الجامعة «عدم التدخّل في شؤون الدول الأعضاء»، وهي تقف الآن خلف السعودية في حربها مع اليمن، وأعطت الإشارة سابقاً لحلف الناتو بتدمير ليبيا، وهي التي يرفض ميثاق تأسيسها أيّ تدخّل أجنبي في الشأن الداخلي للدول الأعضاء.

إنّ انتهاك ميثاق الجامعة العربية وضرب هدفها الاستراتيجي «في الحفاظ على كيان دولها واستقلالها ضدّ أيّ عدوان خارجي، أو في تحقيق وحدة العالم العربي فى المدى البعيد»، كان واضحاً في القرار الذي اتّخذته الجامعة بتجميد عضوية سورية بديلاً عن مؤازرتها والوقوف بجانبها، والتنسيق مع قيادتها.

شكّل هذا الموقف من الدولة السورية من قِبل الجامعة العربية، وخصوصاً تلك الدول التى صاغت القرار «كـ السعودية وقطر ودول مجلس التعاون الخليجي»، وكذلك التي امتنعت عن التصويت، مرحلة تحوّل خطيرة في فكرة التضامن العربي مع الدول التي تتعرّض لعدوان خارجي.

وكان من العار لجامعة الدول العربية أن تطالب «روسيا»، الدولة التى ليست عضواً فيها، بعودة سورية إليها وأن يأتي ردّ الأمين العام للجامعة العربية بتلك الهشاشة عندما أعلن موقف اللاموقف بالقول: «إنّ قرار عودة سورية ليس مطروحاً الآن».

فإذا لم يكن مطروحاً الآن، فماهو المطروح إذاً؟ هل هو استدعاء الكيان الصهيوني إلى عضوية الجامعة بديلاً عن سورية أم استدعاء تركيا؟ أَم أنّ قوى الإرهاب التي تعيث فساداً وتدميراً على الأرض السورية خدمةً لأمن العدو الصهيوني، هي المدعوّة!

إنّ اجتماع القمّة العربية فى دورتها الـ 28 في إطار الجامعة العربية، والتي تستضيفها الأردن فى 29 آذارالمقبل، لا بُدّ أن يكون فاعلاً ومسايراً للتطوّرات الدولية الراهنة، كما أنّه لا بُدّ أن يأخذ في الاعتبار اجتماع «أستانة» بين الدولة السوريّة والأطراف المعارضة، وأن يدعم كلّ فرص السلام التى بدت تلوح فى الأفق من أجل استقرار سورية، وهو ما يجعل دعوة دمشق فرض عَيْن الآن وليس غداً، حتى يضحي الاجتماع فاعلاً وعلى قدر المسؤولية.

إنّ عودة سورية إلى الجامعة العربية سيقطع الطريق على كلّ المؤامرات، التي إن تحقّقت قد تنهي المنطقة وتفكّك مفاصلها، خصوصاً أنّ سياسة «ترامب» قد انكشفت بكلّ أبعادها في المنطقة من أجل حماية وقيام «دولة يهوديّة» عاصمتها القدس، من خلال شرعنة المستوطنات ونقل السفارة الأميركية من «تلّ أبيب» إلى القدس.

إنّ عودة سورية إلى الجامعة العربية هو بمثابة عودة الروح إلى الجامعة، وإنّها من دون سورية آيلة للانهيار أو الصَّهْينة، بما يؤثّر على تلاشي كلّ دور قومي لها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى