وعد ملحم بركات… بين الأب والابن وصية اسمها الشام

رشا محفوض

بين الأب والابن حكاية إرث فنّي عريق ووصية اسمها الشام. فليس غريباً على الموسيقار الكبير الراحل ملحم بركات، مَن حمل بقلبه عشق سورية، أن يوصي أبناءه بها كوطنهم الثاني.

ولطالما سمع أبناء الموسيقار الراحل منه جملة «طول عمرها سورية رافعة راس الشرق»، فكانت بمثابة الأمانة التي حملها لأبنائه، إذ أكّد نجله وعد ملحم بركات، أن مواقف الموسيقار الراحل القومية كانت ثابتة وراسخة قائلاً: إن الراحل كان لبنانياً بامتياز بمواقفه وإحساسه وأدائه وألحانه التي عكسها من خلال أغانيه الوطنية. وانطلاقاً من إيمانه، عشق ملحم بركات سورية لأسباب عدّة، منها كونها كانت بداية انطلاق مسيرة إبداعه الفنّي.

وتابع وعد: والدي أوصانا بسورية لأنّ الوفاء لا يُردّ إلا بالوفاء. لذلك كان لملحم بركات عمل مهم من ألحانه وكلمات الشاعر نزار فرنسيس. وقد أوصى بأن نقدّمه في سورية بعد وفاته، وحمل عنوان «اكتب اسمك عَ تراب الشام» ومن كلماتها:

من لون جرحك

لون الأيام

ورسوم خطّ المرجلة

بدمّك

وكتوب اسمك

عَ تراب الشام

هون وقعت

وترابها لمّك

كرمال

عيون الأطفال

تيناموا بسلام

عم تغفى

عيون الأبطال

عَ ترابك يا شام.

وعن مسيرة الموسيقار الراحل الحافلة بسنوات العطاء والإنجاز قال وعد: ملحم بركات الموسيقار تخطّى حالة الفنان، وأضحى مبدعاً حقيقياً غير مألوف ومثيراً للجدل، وموسيقياً يدخل قلوب جمهوره بحبّ وفرح. وقد لاحظنا ذلك من خلال حفلاته التي تفاوت أعمار الحضور فيها. فكان كما قال صديقه الشاعر نزار فرنسيس: أبو مجد يطرب الأهل والأولاد.

وصل رصيد الأغاني والألحان للموسيقار الراحل بحسب وعد إلى ما يقارب 3000 عمل موسيقيّ. كما كان يرفض الغناء بغير لهجة بلاده. وقد أعطى ألحانه لعددٍ من كبار المطربين اللبنانيين والعرب، حيث لحّن للراحلين وديع الصافي «جينا نسأل خاطركم»، وصباح «المتجوّز الله يزيدو»، ولنصري شمس الدين «الطربوش»، ولفهد بلان «ما اشتقتيش»، إضافة إلى ألحانه المتعدّدة لنجوم مثل جورج وسوف ونجوى كرم ووليد توفيق وسميرة توفيق وغسان صليبا وماجدة الرومي التي لحّن لها رائعتها «اعتزلت الغرام».

وما لا يعرفه الكثيرون عن الموسيقار الراحل يحدّثنا به وعد قائلاً: والدي أحاط عائلته بالكثير من الحنان والعاطفة العميقة، مع أنه لم يًظهرها لنا بشكل واضح. لكننا كنّا نشعر به يقول لنا من أعماق قلبه: «قصّرت بحقكن يا بيّي» بسبب انشغاله بإبداعه وعطائه للفنّ.

ويحمل وعد إرثاً موسيقياً كبيراً وعن ذلك يقول: إذا كان إرث الشخص الراحل ثميناً في نظر عائلته، فمسؤولية الوريث كبيرة. فكيف إذا كان هذا الإرث لأسطورة خالدة كملحم بركات. نحن مؤتمنون في الحفاظ على هذا التاريخ العريق.

ونفى وعد ما تم تداوله من كون والده منعه من الغناء وعن ذلك قال: منذ كنت طفلاً عشقت الطرب واللحن ولم يمنعني والدي. على العكس، كان يسمع صوتي وألحاني ويقول لي: «جُمَلُك الموسيقية جميلة، ولك مستقبل يا وعد». لكنني كنت أخجل أن أقف أمام هذا المارد العظيم وأقدّم نفسي كمطرب. ومنذ اليوم قرّرت أن هذا الإرث الذي تركه لنا الموسيقار الكبير، لن يتوقف بعد وفاته، وسنعمل على تكريس نهجه ومدرسته الفنية العريقة.

وأشار وعد إلى أنّ للموسيقار الراحل أعمالاً موسيقية لم تبصر النور بعد، وستكون في متناول الجمهور الذي أحبّ فنّه في القريب من الأيام.

وكانت عائلة الموسيقار الراحل قد كُرّمت في بداية الشهر الحالي في دار الأسد للثقافة والفنون في دمشق تقديراً للمسيرة الفنية ووفاء لمواقفه الوطنية والقومية الأصيلة تجاه وطنه الثاني سورية، بحضور عدد من الشخصيات السياسية والاجتماعية والروحية والإعلامية من سورية ولبنان.

إعلاميّة سوريّة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى