ليبيا من جديد.. هل تنجح المبادرات بوقف الفوضى؟
هشام الهبيشان
في الوقت الذي أعلن فيه رسمياً أنّ راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة التونسية قد دخل على خط المفاوضات في الملف الليبي بعد حصوله على الضوء الأخضر للعب دور الوسيط من طرف كلّ من الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة والرئيس التونسي الباجي قائد السبسي لاستثمار علاقاته بعدة مجموعات إسلامية وقبلية في ليبيا، على أمل تحقيق تقارب ومصالحة في ما بينها، هذه التطورات بمجموعها على ما يبدو تسبق تحضيرات واسعة النطاق تجري في القاهرة وبعض العواصم العربية وبدعم غربي أوروبي لإطلاق حملة عسكرية كبيرة للحسم في بعض المدن الليبية، خصوصاً في بنغازي، لدعم قوات الجنرال حفتر في حربها على التنظيمات المتطرفة المسلحة في ليبيا.
وتزامناً مع كلّ هذه التطورات، بات واضحاً أنّ المشهد الليبي يلقي اليوم بكلّ ظلاله المؤلمة بواقع جديد على الواقع العربي المضطرب، فيظهر إلى هذا المشهد العربي المضطرب واقع المشهد الليبي بكلّ تجلياته المؤلمة والمأساوية، والتي ما زالت حاضرة منذ ستة أعوام تقريباً.
وفي آخر تطورات هذا المشهد لهذا العام استمرار فصول الصراع العسكري على الأرض تاركاً خلفه عشرات الآلاف من القتلى ودماراً واضحاً وبطريقة مُمنهجة لكافة البنى التحتية بالدولة الليبية.
اليوم ونحن نسمع عن هذه التحركات وتلك الوساطات وبعض المؤتمرات الدولية «التي لا تغني ولا تسمن من جوع» الليبين التواقين للاستقرار وهذه التحركات بمجموعها تعقد في مناطق جغرافية خارج الوطن الليبي، تسعى كما يقال إلى وضع حدّ لحالة الفوضى التي تعيشها الدولة الليبية.
ومن هنا يمكن القول إنه بات من الواضح أنّ مسار الحلول السياسية وتحديداً منذ مطلع العام الحالي 2017، قد نعاها مسار الحلول العسكرية على الأرض للقوى المتصارعة على الساحة الليبية، فقد عشنا منذ مطلع العام الحالي تحديداً على تطورات دراماتيكية دموية، عاشتها الدولة الليبية من شمالها إلى جنوبها، ومن غربها إلى شرقها، والواضح أنها ستمتد على امتداد أيام هذا العام، فقد اشتعلت جبهات عدة على امتداد الجغرافيا الليبية، وفي شكل سريع ومفاجئ جداً، في ظلّ دخول متغيرات وعوامل جديدة وفرض واقع وإيقاع جديد للخريطة العسكرية الليبية، وخصوصاً بعد معارك وقف تمدُّد القوى المتطرفة التي انتشرت في شكل واسع بمناطق شرق وجنوب شرقي ليبيا.
اليوم، من المؤكد أنّ تعدُّد المنظمات المسلحة على الأراضي الليبية وتعدُّد الجهات الخارجية الداعمة لها وتناقض مشاريعها، سيفرز بالمحصلة حالة صراع دائم فيما بينها، فقد ارتبط هذا الصراع المحلي بصراع إقليمي دولي، ما ينذر بالمزيد من الفوضى داخل الدولة الليبية مستقبلاً، وفي ظلّ غياب أي سلطة فعلية للدولة الليبية على الأرض، وهذا ما سيزيد التعقيد المستقبلي للحالة الليبية المضطربة أصلاً.
ختاماً، يمكن القول إنّ المشهد الليبي يزداد تعقيداً مع مرور الأيام، وهذا ما يستلزم وضع خطوط عمل فاعلة على الأرض الليبية من قبل بعض القوى الإقليمية العربية، لوضع حدّ للفوضى وتنسيق حلول مقبولة، لإيقاف حالة النزيف التي يتعرض لها الوطن الليبي، وإلا سنبقى ندور في فلك فوضوي طويل عنوانه العريض هو الفوضى والصراع الدائم على الأرض الليبية.