عصر «الأمم المتحدة»: حين يدان القتلى بجرم قاتليهم

زكريا الشرعبي

حين يظهر الجلاد بزي الضحية ويدان القتلى بجرم قاتليهم وتصبح إقامتك في بلدك، أنت المنبوذ من كل العالم والمحاصر من كل الجهات، جريمة، فاعلم أنك في عصر الأمم المتحدة ومنظماتها الحقوقية، عصر ما يسمى «حقوق الإنسان».

حين يزهق طيران العدوان الأميركي – السعودي أراوح ما يزيد عن 2542 طفلاً وأرواح 1856 إمرأة وأراوح 7531 رجلاً وشيخاً مسناً، بمجموع 11929 مواطنا يمنيا أعزلا. ويجرح 2337 طفلا و1945 إمرأة و15603 ما بين رجل وشيخ ومسن، بمجموع 19858 مواطنا يمنيا أعزلا. ولا يتحرك أحد لهذا، فيما يهب الجميع لإنقاذ عناصر الإرهاب في الموصل وحلب، فاعلم أنك في عصر «الأمم المتحدة وحقوق الإنسان».

حين يقصف طيران العدوان الأميركي – السعودي 15 مطارا يمنيا و14ميناء. ويضرب401 801 منزل و1489 طريقا وجسرا ويدمر751 مدرسة ومعهدا تعليميا و111 منشأة ومبنى جامعيا و261 مستشفى ومرفقا صحيا، منهم مرافق تابعة لأطباء بلا حدود و205 مواقع أثرية وحضارية و212 منشأة سياحية.

وحين يقصف آلآف المنشآت الحكومية اليمنية وآلاف المساجد والمنشآت الرياضية والتجارية والإعلامية ووسائل النقل والمواصلات ومخازن الأغذية ومزارع الخضرة والدواجن ولا يدين العالم إلا استهداف فرقاطة عسكرية سعودية، أو بارجة حربية إمارتية، فاعلم أنك في عصر «الأمم المتحدة وحقوق الإنسان».

هل سمعت بمحافظة صعدة؟

هذه المحافظة أعلنها العدوان منطقة عسكرية، لا يستطيع أبناؤها إشعال قنديل صغير، حتى لا يقصفهم الطيران. ولا يجرؤون على إسعاف مريض، لأن أي سيارة تتحرك في المدينة، هي هدف عسكري. وفوق هذا، أمطرهم العدوان بآلاف القنابل العنقودية.

حين لا يلفت ما يحدث لأبناء هذه المحافظة أحدا ويمتلئ العالم بالصراخ والعويل لأجل جندي إماراتي، قتل في أرض جاء يقتل أهلها، فاعلم أنك في عصر «الأمم المتحدة وحقوق الإنسان».

هذا العصر، الذي ينظر إلى حصار آلاف الإرهابيين في حلب ولا ينظر إلى حصار ثلاثين مليون يمني. ويهتم بطفل غرق على أحد السواحل ولا يهتم بعشرة ملايين طفل يمني، يموت في كل عشر دقائق واحدا منهم، بسبب الكارثة الاقتصادية وسوء التغذية، التي ألحقها بهم العدوان الأميركي – السعودي.

لعل نظرة واحدة إلى الكارثة التي يعانيها الشعب اليمني والتواطؤ الدولي مع ما يحدث له، يكفي لئلا نستغرب من أن يظهر أي تقرير كتقرير «المفوضية السامية لحقوق الإنسان»، الذي يبرر ما يرتكبه العدوان الأميركي – السعودي من مجازر جماعية، بحق المواطنين في ساحل باب المندب، بعدم إخلاء القوات اليمنية هذه المناطق لقوات الغزو والاحتلال.

وكما هو تاريخ هذه المنظمات، معروف ومعرف للجميع، بصفتها جوازات سفر حمراء للهيمنة الأميركية على أي بلد، يمكن القول أن نظرة واحدة في المعايير التي تتعامل بها مع ما يعانيه الشعب اليمني، كافية لإعادة تقييم موازين العالم الذي أصبح العدل فيه ملكا لمن يجلسون على عرش الجماجم بالطيلسان – الكفن . بل وداعية إلى استبدال هذه المنظمات بمنظمات جديدة تعمل لصالح حقوق الإنسان، لا لصالح منتهكيها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى