في معراب… حزب الله يمثّل الوجدان الشيعي
هتاف دهام
يتابع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع إطلالات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بدقة. يفنّد بعض ما يأتي في خطبه على شكل ملفات.
لا يلغي الاختلاف السياسي بين معراب وحارة حريك، اعتراف «الحكيم» بأنّ «السيد» شخص جدّي كاريزميّ. لديه رؤية لا يتزحزح عنها. وفيّ لمنطلقاته ومشروعه. رغم التعارض الجذري بين الطرفين، لا يمكن للقواتيين إلا أن يقدّروا وفاء الأمين العام لحزب الله لهذا الخط والالتزام.
هل الحوار بين حزب الله وحزب القوات قابل للتحقق؟
في المدى المنظور، لا حوار بين القوات وحزب الله. تنطلق أوساط معراب، في مقاربتها للمسألة من كلام الدكتور جعجع «لا السيد حسن نصرالله ولا أنا نحب أن نتسلّى».
تلخص هذه العبارة العلاقة التي تربط بين الرجلين.
ليست القوات في وارد الدخول بأيّ حوار لا يؤدّي إلى نتيجة عملية. القضايا التي تهمّها في أيّ تفاهم ثنائي تتصل بمشروع الدولة في لبنان. كما تقول الأوساط نفسها لـ»البناء». تدرك القوات أنه لا يمكن تحقيق أيّ تقدّم في هذا الشأن مع حزب الله. الحزب، وفق الأوساط نفسها، ليس في وارد تقديم سلاحه للدولة اللبنانية. ليس في وارد التراجع عن مقاومته. ليس في وارد حصر القرار الاستراتيجيّ المرتبط بالحرب والسلم بيد الدولة.
تفضّل معراب، بحسب الأوساط نفسها، أن تبقي في المرحلة الحالية على التبريد السياسي القائم في البلد، انطلاقاً من تقاطع مشترك بين الحزب والقوات على دعم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. فضلاً عن أنّ وزراءهما ونوابهما يتواجدان معاً داخل المؤسسات: في الحكومة والبرلمان.
إنّ هذا التقاطع من شأنه إنجاح مرحلة العماد عون، خصوصاً أنّ المكوّنات السياسية كلها وصلت إلى نتيجة عملية، مفادها أن لا إمكانية عند أيّ طرف لتحقيق أيّ انتصار على طرف آخر في ظلّ موازين القوى القائمة، وأيّ انتصار يتحقّق سيكون مشروع غلبة وسيؤدّي إلى انهيارات على مستويات عدة.
التوافق السياسي، وفق أوساط معراب، هو المدخل للحفاظ على الاستقرار في لبنان. تتقاطع القوات والحزب على تحصين الاستقرار الأمني والسياسي والحفاظ على السلم الأهلي. بالتالي، فإنّ العمل، وفق مصادر القوات لـ»البناء»، يجب أن يركز على إنجاح العهد والمراكمة إيجابياً وتوسيع المساحات المشتركة، وتحييد القضايا الخلافية عن النقاش السياسي الداخلي، لا سيما أن لا مستطاع لحلّ النقاط الاستراتيجية الكبرى موضع التباين في الوقت الراهن. أولوية معراب، وفق أوساطها، عدم نقل الأزمة السورية إلى لبنان وعدم «ثورنة» الحالة اللبنانية.
يعترف القواتيون، بأنّ حزب الله لم يعد حزباً محلياً، إنما أصبح قوة إقليمية بعد الأزمة السورية. اعتراف الزيتيين، لا يعني التسليم بهذا الدور. بالنسبة لهم، الاعتراض مبدئي على دوره. وفق تصوّرهم المشكلة تضاعفت بعد مشاركته في القتال بسورية.
يتوقف القواتيون عند كلام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من أن «سلاح حزب الله مكمّل لعمل الجيش ولا يتعارض معه، ولا يتناقض مع مشروع الدولة الذي أدعمه وأعمل لأجله». احترامهم لموقفه، كما تقول أوساط معراب، لا يعني أنهم لا يختلفون أو يتباينون معه حيال هذا الكلام.
تؤكد الأوساط نفسها، في الوقت ذاته، على مسألتين في العلاقة مع التيار الوطني الحر.
أن لا يتحوّل أيّ اختلاف إلى خلاف. هناك حرص عوني قواتي على تنظيم الخلاف والإبقاء على التفاهم من أجل إعادة الاعتبار للوزن الوطني المسيحي داخل السلطة، انطلاقاً من شراكة مسيحية – إسلامية ومن دستور ومن ميثاق لبناني، لا سيما أنّ هذا التوازن ثبت أن لا قدرة على استرجاعه عبر 8 أو 14 آذار، منفردة.
إعلان النيّات لا يلغي الرؤية المختلفة لكلّ من الرابية ومعراب بالنسبة لسلاح حزب الله.
يختلف حوار القوات حزب الله، وفق أوساط الحكيم، عن حوار تيار المستقبل حزب الله. مندرجات الحوار الأخير انطلقت من حرص الطرفين على تجنّب نقل الفتنة من المنطقة إلى لبنان، وإراحة المناخات داخل البيئتين السنية والشيعية.
هذا الوضع، بالنسبة للأوساط نفسها، غير قائم بين المسيحيين والشيعة. ليس هناك من تشنّج يستدعي حواراً من قبيل الحوار الثنائي في عين التينة. إنّ غياب الأجندة الواضحة والجدول الزمني الواضح، يدفع معراب، بحسب أوساطها، إلى عدم الدخول في حوار من دون أفق.
ما يطرح من أسباب تقف عائقاً أمام الحوار هي أسباب ثانوية من وجهة نظر القوات. ففي لحطة جهوزية الحوار تنتفي هذه الأسباب.
يدرك حزب الله، بحسب أوساط معراب، أنّ القوات اللبنانية قدّمت في ملف الدبلوماسيين الاربعة، مواقف توضيحية، مفادها أنّ الدبلوماسيين ليسوا معها، عارضة أسباب اختفائهم.
بعيداً من أوجه التباعد فهناك أوجه تشابه تجمع بين حزب الله والقوات تتمثّل وفق «المعرابيين» بثلاثة عناصر.
القوات تمثّل وجدان البيئة عند المسيحيين وحزب الله يمثل وجدان البيئة عند الشيعة. البيئات متشابهة، بيئات شعبية وتجمع النخب في الوقت نفسه. تقول معراب إنّ ما يجمعها مع حزب الله أنهما في مساحة مشتركة اسمها لبنان. لديها كامل الفهم أنّ حزب الله ممثل فعلي لبيئته. نجح في السنوات والعقود الأخيرة رغم أنه فتيّ في استقطاب الوجدان الشيعي إلى صفه.
الحزب والقوات حزبان متماسكان. هيكليتهما متشابهة بالصلابة والقبضة الحديدية، وكلاهما متمسك بمشروعه وفكره وعقيدته. تملك القوات عقيدة سياسية صلبة جداً. إنها براغماتية في الممارسة، لكنها متشدّدة بالنهج.
على مستوى المؤسسات، لم يشارك أيّ من حزب الله أو القوات في الفساد. تجربتهما مفيدة من أجل مكافحة الفساد الذي يشكّل عنصراً أساسياً في استراتيجية «الحكيم».
ورغم نقاط التشابه العديدة، فإنّ حزب الله هو الحزب وإنّ القوات اللبنانية هي القوات، وعلاقتهما هي اتجاه النظرة المتباينة جداً من منطلقات لا جامع بينها، سوى الموضوع…
.. ولا ضير لقطرة الماء أن تطمح باختراق «خرزة البئر»!