كرامي أولمَ لوفد فرنسي: ثقافة التطرّف طغت منذ زرع «إسرائيل» في أرض فلسطين
أكّد الوزير السابق فيصل كرامي أنّ أزمة النازحين السوريّين في لبنان لا تنحصر في الجغرافيا اللبنانية، وأنّ البحر «هو قدرنا نحن وأوروبا، وفيه خلاصنا وفيه أيضاً هلاكنا»، لافتاً إلى طغيان ثقافة التطرّف المتنامية منذ زرع «إسرائيل» كدولة دينيّة في أرض فلسطين.
كلام كرامي جاء خلال حفل عشاء أقامه مساء أول من أمس على شرف وفد فرنسي من محافظة الإلزاس، الذي يزور طرابلس بدعوة من كرامي منذ يوم أول من أمس ويغادر لبنان صباح اليوم الجمعة. ضمّ الوفد عضو مجلس الشيوخ الفرنسي نائب رئيس الشؤون الأوروبية ونائب رئيس العلاقات الفرنسية الخليجية ورئيس اللجنة الاقتصادية في شرق فرنسا السيناتور آندريه ريتشارد، رئيس بلدية كولمار رئيس اتحاد بلديات كولمار جيلبرت ماير، رئيسة بلدية دنشيم سور بروش ورئيسة اللجنة السياحية في شرق فرنسا ماري- رين فيشر، مدير عام اللجنة الاقتصادية في شرق فرنسا فيليب شوكرون والمستشار السياسي الاقتصادي في المحافظة أحمد رفاعي.
حضر حفل العشاء شخصيّات سياسية، وممثّلو أحزاب لبنانيّة، ورؤساء مصالح ودوائر رسميّة وخاصة، وقطّاعات الأطباء والمحامين والمهندسين، وإدارة جامعة المنار في طرابلس والمدرسة الأنطونية في الميناء.
ورحّب كرامي بالحضور، وقال: «إنّ أبشع ما وصلنا إليه اليوم، هو التهديد الذي يتعرّض له المسيحيّون في الشرق، والتهديد الذي يتعرّض له المسلمون في الغرب. لا شكّ أنّ المسيحيّين متجذّرين في هذا الشرق، في سورية وفلسطين ولبنان والعراق ومصر وكثير من البلدان، لكنّ طغيان ثقافة التطرّف المتنامية منذ زرع «إسرائيل» كدولة دينية في أرض فلسطين، كفيل بالقضاء على الجذور وعلى التنوّع وعلى العيش الواحد. وأتت بعض الأصوات المخيفة في الغرب ضدّ المسلمين، لكي تزيد مخاوفنا على شرقنا وعلى تنوّعه وعلى المسيحيين فيه».
وأضاف: «نحن اليوم جميعاً نتعرّض لهجمة إرهابيّة غير مسبوقة، لعلّها أخطر ما شهدته البشرية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وهي هجمة لا توفّر أحداً ولا تستثني بلداً، وعنوانها الأبرز هو التطرّف الديني والذي يردّ عليه الغرب للأسف بتطرّف عنصري، لدرجة يمكن القول إنّ شعبية الفكر الفاشي صارت في الصدارة في كلّ المجتمعات».
واعتبر «أنّ البؤرة الوحيدة التي تتيح نمو التخلّف والهمجية والإرهاب ضمناً، هي انعدام العدالة، هي غياب العدالة، هي السكوت عن الظلم، هي ازدواجيّة المعايير السياسية والأخلاقية في المجتمع الدولي اتجاه القضايا العادلة».
وتناول الشأن اللبناني، فقال: «سأتطرّق سريعاً إلى أمرين: الأول هو أزمة النازحين السوريّين التي فرضت على لبنان الجار والشقيق أن يستقبل عدداً من النازحين يوازي عدد سكّانه، وهو واجب لا نمنّ فيه على الأخوة السوريّين، ولكن لا يعني ذلك أن نتجاهل تبعات هذا الواقع على بلد منهك اقتصادياً فضلاً عن مشاكله السياسية العميقة. وهنا، لا أخفي عليكم عتبنا الكبير على دول الاتحاد الأوروبي ومنها فرنسا، إذ كنّا ومازلنا نرى أنّ أوروبا لم تساعد لبنان بالمستوى المطلوب والمتوقّع منها في ملف النازحين، وأنا هنا أتحدّث تحديداً من منطلق سياسي وأمني وإنساني، ويقيني أنّ القيّمين على الأمور في أوروبا والدارسين العارفين في التأثيرات الجيوسياسية، يدركون أنّ مثل هذه الأزمة لا تنحصر في الجغرافيا اللبنانيّة، وأنّ هذا البحر الذي نراه الآن أمامنا هو قدرنا نحن وأوروبا، وفيه خلاصنا وفيه أيضاً هلاكنا».
وأضاف: «الأمر اللبناني الثاني، هو عجزنا كلبنانيّين عن التوافق على قانون جديد للانتخابات النيابيّة. وبما أنّ دستورنا نسخناه عام 1926 عن دستور إحدى الجمهوريّات في فرنسا، فلا بأس أن أناشد الأصدقاء الفرنسيّين بإطلاع نوّاب الأمّة في لبنان على التعديلات التي أجروها خلال 90 سنة على دستورهم، وعلى أحدث قانون انتخابات يتبعونه اليوم».
وكان بدأ الاحتفال بالنشيدين اللبناني والفرنسي، ثمّ كلمة عريفة الاحتفال مايا خليل زكريا. ثمّ تحدّث من الوفد الفرنسي كلّ من ريتشارد وماير ورين فيشر، الذين شكروا لكرامي «هذه الدعوة وحسن الضيافة، وهذا البرنامج المكثّف على مدى ثلاثة أيام».
وأشارت الكلمات إلى «العلاقات اللبنانيّة الفرنسيّة، وضرورة تطويرها ودفعها إلى الأمام عبر توطيد وتقوية العلاقات بين طرابلس ومدن الفيحاء ومحافظة الإلزاس في شرق فرنسا».
وفي الختام، تبادل كرامي والوفد الهدايا التذكاريّة التي تعكس الحضارة التاريخية لطرابلس وشرق فرنسا.
دبوسي
وكان الوفد الفرنسي التقى رئيس غرفة طرابلس ولبنان الشمالي توفيق دبوسي، بحضور مسؤولين في الغرفة.
واعتبر دبوسي، أنّ «لبنان بوّابة العالم العربي إلى أوروبا وبشكل أساسي لفرنسا، حيث تتّسم الروابط معها بطابع الأولويّة»، لافتاً إلى أنّ «طرابلس بالمقابل باتت حاجة ضروريّة للاقتصاد اللبناني، لأنّ غالبيّة مواطن القوة الاقتصادية تحتضنها هذه المدينة من المرفأ إلى المنطقة الاقتصادية إلى المصفاة إلى معرض رشيد كرامي الدولي إلى مطار القليعات، وأنّ لها موقعاً استراتيجياً سيتمّ استثماره في كافّة المجالات وعلى مختلف المستويات، وستكون طرابلس إحدى حلقات الوصل للمبادرة الصينية الدولية الرامية إلى إحياء طريق الحرير، حيث سيرافقه رصد أموال استثمارية يبلغ حجمها 6 بليون دولار من الصين إلى طرابلس باتجاه المنطقة ومنها إلى أوروبا، ومن مصلحة المجتمع الدولي أن ينظر إلى طرابلس كمحور حيوي جاذب في المرحلة المقبلة للحركة الاقتصادية الدولية، وهي باتت واقعياً العاصمة الاقتصادية للبنان».
وأوضح «أنّ إعادة إعمار العراق وسورية ستكون وفقاً للشراكة بين القطاعين العام والخاص، وأنّ القطاع الخاص اللبناني سيلعب الدور المنتظر منه القيام به».