منشورات «دار أصالة» للأطفال… متعة القراءة ورسائل تربوية
النمسا ـ طلال مرتضى
نتابع في هذه الحلقة، الإضاءة النقدية على بعض إصدارات «دار أصالة» اللبنانية، التي تُعنى بالأدب الموجّه إلى الأطفال والناشئة.
«هل تحبّني يا بابا؟»… غمز مفتعل في صنّارة الأهل
مَن مِنّا لا يحيا به، مَن مِنّا لا يتمنّى أن يستنشقه مع كل شهيق وعلى مدار الوقت؟ نعم كلّنا نحيا به ولأجله. أنه الحبّ… وبالمحبّةِ تصير كل الأشياء جميلة، والحواس متوثبة ومشبعة بالأمان.
في قصة «هل تحبّني يا بابا؟» لكاتبها محمود أبو فروة الرجبي، ثمة مقام ومقال. و«بندول» لا يتوقف عن التنبيه بالقول والنصيحة: أيها الأهل ـ الأب والأمّ ـ انتبهوا وعوا، هناك من هو بحاجة إليكم، طفلكم يحتاج إلى رعايتكم. لكن بطريقته هو لا بطريقتكم أنتم. أدرك أنكم لستم مقصرين، لكنه هو يعلم ماذا يريد.
إنه «جميل» الصغير، بطل قصتنا الشيّقة الذي يعاني من عدم اكتراث والده به. ليس في الأمر حرج وهو يراقب صديقه «كريم» عندما يلعب معه أبوه ويحمله على أكتافه ويغني له ويحتضنه.
محقّ «جميل» حين ينبري ليطالب بحقوقه، هو يعلم أن والد صديقه كريم يغمر ابنه يومياً بالكثير من القبلات التي توازي حجم بقرة خالته ديمة ويحتويه بحنان أكثر من عدد نوافذ وأبواب عمارة العم سامح بكثير.
كثيراً ما نعتقد كأهل بأن الهدايا وغيرها مما نقدّم لأطفالنا هي مهمة، لكن السؤال المهم، أليست العلاقة بين الطفل وأهله أهم من كل هذا؟
فقط كان هذا مطلب الصغير «جميل» هو يريد الحصول على الأمر ذاته الذي حصل عليه صديقه «كريم».
أجزم بالقطع أنها انشغالات الحياة التي وضعت بيننا وبين من نحبهم بعض السواتر، لكنها بالتأكيد واهية، ولمجرد الانتباه اعتقد بأن كل الأشياء ستعود إلى نِصابها الطبيعي كما حدث مع صديقنا الجميل «جميل» حين صارح والده بمطالبه، وهو ما أعاد إلى قلبه الفرح والسعادة، التي تضاهي بالحجم، بقرة الخالة ديمة أو نوافذ عمارة العم سامح.
أنه النكز الرخيم في صنارة الأهل، فقط لتنوسل بالمستقبل جيلاً محباً وحنوناً.
«هل تحبّني يا بابا؟» قصة الأطفال ابتدعها الكاتب بفاعلية الحوار بين شخوصها من دون تكلف، لتكون أقرب إلى اليومي الذي نتلمسه في علاقات الأطفال وأهلهم.
اتى معمارها البنائي كأقصوصة متناغم مع لغتها وترافد أحداثها التي أغناها الرسم المرافق حضوراً بهيا.