التحالف ضدّ «داعش» وهمي والبحث جارِ عن تحالف فعلي…!
محمد ح. الحاج
«داعش» مولود سفاح بين أب أمريكي هو الاستخبارات المركزية، وأم سعودية، هو الثاني في الترتيب بعد الولد الأول «القاعدة» – الأول لم ينعم بمربّية، أما الثاني فالمربّية الحاضنة هي تركيا ممثلة بحزب العدالة والتنمية الحاكم، ولأنّ مولود السفاح أبدى من العقوق والخروج على إرادة الأب ما دفع هذا الأب لرفع المذبة في وجهه وإعلان النقمة عليه، انطلقت الأم الزانية إلى محاولة الالتفاف والتضامن مع الأب، لكنها بقيت تحنو عليه وتمدّه، وربما تعطيه اسماً جديداً، لكنها قبل ذلك أوكلت إلى المربّية احتضانه وشدّ أزره وتقوية عزيمته ليستمرّ في جموحه على أن يحقق لها بعض طموحات قادتها، «داعش» يسترضي المربّية فيطلق أسراها وما كانوا بأسرى، إنْ هي إلا مسرحية مكشوفة تمّ تجييرها لصالح الاستخبارات التركية لتبييض صفحتها، أو الإيحاء بأنها تفوّقت على أكثر استخبارات العالم خبرة في عملية إنقاذ أسرى أو مخطوفين… من يصدق؟
من غير المنطقي محاولة القضاء على تنظيم إرهابي ينتشر على أرض دولة تحاربه منذ سنوات من دون التنسيق مع هذه الدولة، إلا أن تكون الحرب تمثيلية هزلية، وهو الواقع، أن يتمّ الضرب على جانبي القطيع يضمن توجيهه إلى المسار المطلوب. أن يتمّ استبعاد الدول المعنية حقيقة بمكافحة الإرهاب أمر يدعو إلى العجب ويطرح عشرات إشارات الاستفهام؟ الأنكى أنّ تكون محاربته مجرّد تهويل في الجوار ودفعه للعودة إلى نقطة بدايته، وهي المنطقة المنوط به تخريبها، طبقاً لمشروع الأوسط الجديد وعملاً بنظرية «الفوضى الخلاقة»، من ثم تعلن بعض دول التحالف عزوفها، أو رفضها المشاركة تحت أية ذريعة، ومنها تركيا وقطر، الأولى لارتباطها العضوي بهذا التنظيم الذي يحقق ما عجزت عن تحقيقه في المنطقة من تصفية للثوار الأكراد، وتهجير الأقليات وإفراغ منطقة واسعة تخطط لملء الفراغ فيها بعد ذلك، وعلى وجه السرعة يطرح السؤال نفسه: لماذا استهداف كنيسة شهداء الأرمن في دير الزور، وما هي محتوياتها؟ المربّية حرّرت أبناءها مقابل وعود تضمّنتها اتفاقات سرية مع «داعش»… هذا ما تطرحه الصحافة التركية، الاستخبارات المركزية تعرف التفاصيل وقد أعطت موافقتها للحكومة التركية فكان الإخراج أنها عملية دقيقة ومتقنة للاستخبارات التركية!
الأب والأم الزانيان سيكون لهما ابن سفاح جديد بعد أن أقرّا تمويل وتدريب وتسليح جماعات «المعارضة السورية المعتدلة»، وربما تكون «داعش 2» أو «داحش» أو أيّ مسمّى جديد، والمهمة «محاربة الإرهابيين» و… الجيش السوري! وبطبيعة الحال ستكون بنظر العالم، ونظر القانون الدولي جماعات إرهابية لأنها تستهدف دولة ذات سيادة، أرضاً وشعباً ومؤسسات، وهي دولة عضو ومؤسس في المنظمة الدولية ما زالت تحوز كامل حقوق العضوية، وحدها حكومة الظلّ العالمية الصهيو ماسونية، سحبت اعترافها بهذه الدولة التي تقف حجر عثرة في وجه مصالحها، ولا تستجيب لتعليماتها، إذاً هي دولة متمرّدة «مارقة» وعضو أساس في «محور الشرّ» لا بدّ من إزاحته، أما السبيل الأسهل فهو تقسيمه على قاعدة دينية طائفية – مذهبية لتبرير يهودية الكيان على أرض فلسطين، وهنا بيت القصيد، فالإسلام على المذهب الوهابي الماسوني ليس عدواً للصهيونية، بل هو حليف، وأصحاب الفتوى في هذا المذهب لا يجيزون قتال اليهود… ويبقى جزء كبير من الإسلام بمذهبيه «السنة والشيعة» هو العدو المقصود بهذه الحرب لاستكمال الوقيعة، الوهابية السعودية تتكفّل بالجانب الأكبر من الفتنة، ولبنان الباب الأوسع لما فيه من تنوّع وتعايش بعد الشام… المستقبل يدخل اللعبة من باب المال السعودي، والحريري وعقاب صقر بالجرم المشهود، هذا ما تبوح به التسجيلات وأخباره تحتلّ الصفحات الأولى ونشرات الأخبار، سورية كانت تملك الكثير من المعلومات منذ البداية، واحتفظت بالكثير من حليب عقاب صقر وخيام الحريري ومفروشاته!
مكافحة الإرهاب الدولي بحاجة إلى حلف حقيقي فاعل، بوتين بدأ رحلة البحث لتشكيل هذا الحلف، ليس دفاعاً عن سورية، ولا عن العراق الذي أصبح مجرّد رقعة يمارس حلف «الناتو» لعبته عليها، بل لأنّ عملية تطويق روسيا وإشعال الحريق وصلت إلى حديقتها الأمامية رغم الضربة الاستباقية وأخذ القرم، وحتى لو انفصلت الأقاليم الشرقية من أوكرانيا، لكن الحريق ما زال مشتعلاً، حكومة الظلّ الماسونية تتحرّك بسرعة مثل آلة تمّ تزييتها حديثاً، فلديها أكثر من جوكر تلعبه، الأقاليم المسلمة في الصين تتحرّك، وتجربة الشيشان ماثلة وباقية، أمتا النيل والمغرب غارقة في مشاكلها، اليمن يحترق وتستمرّ لعبة عضّ الأصابع، ليحافظ آل سعود على العرش. لتركيا مصالح في ناغورني كراباخ، بينما تقف روسيا إلى جانب أرمينيا، فالأذريون انحازوا إلى «الناتو» كما انحاز غيرهم، على الروس أن يسحبوا أقدامهم من مياه المتوسط الدافئة، حتماً، بعد أن تفوز حكومة الظلّ العالمية باللعبة، يمكن التضحية بكثير من البيادق، وحتى الفيلة والأحصنة، لكن، لا بدّ من الحفاظ على القلاع حتى لا يسقط الشاه… من سيصرخ أولاً: كش ملك؟
لسنا مع هلال شيعي ولا مع قمر سني، وليس هناك أمة مسيحية أو أمة إسلامية، لتكون هناك أمة «يهودية»، كلها شعارات زائفة فارغة المضمون، القوميات عبر التاريخ فرضت نفسها واقعاً، انتصرت في كثير من مناطق العالم وحصلت على هويتها الوطنية، هذا ما على العالم أن يفهمه، ونحن من هذا العالم، هويتنا القومية عمرها آلاف السنين، الشام ولبنان والأردن وفلسطين والعراق كانت أمة جسّدت قطب الرحى، وكانت موئل الحضارة الأولى، منها انبثق نور الحضارة والعلوم والعدالة الإنسانية، وما كان اليهود فيها إلا شذرة عابرة، الإسلام التوحيدي الأول عمره أكثر من ستة آلاف عام، وهو الديانة السورية الأولى، وستبقى محتفظة بجذورها بعيداً جداً عن إسلام تقوم على رعايته واستزلامه الماسونية العالمية وأدواتها المستحدثة المتسلّحة بالخرافة وتزوير التاريخ، ولن يكون نجاحها في السيطرة على المعتقدات الوضعية، سماوية كانت أو أرضية هو نهاية المطاف، لا بدّ من عودة الوعي وامتلاك وتطبيق المشروع المضاد وهو راسخ الجذور في ضمير الأمة، سينهزم المشروع المعادي، ولنتذكّر شعارنا المتمثل في قول الزعيم: إنّ أزمنة مليئة بالمحن والصعاب تعترض الأمم الحية فلا يكون لها خلاص إلا بالبطولة المؤمنة، المؤيدة بصحة العقيدة… من هنا نقطة الانطلاق إلى تحقيق النصر.
هامش: العسكري على مساحة الأمة عنصر مقدس لا يجب أن تمتدّ إليه الأيدي الآثمة، استهداف عناصر الجيش في الشام، أو لبنان، أو في أيّ من الكيانات هو اعتداء على الأمة يخدم الكيان الصهيوني، هي اللعبة، تتولاها الماسو صهيونية العالمية، هكذا نفهم حرص العدو على تقديم الدعم لمقاتلي «داعش» و»النصرة» تحت يافطة إنسانية، ونفهم لماذا هي الفتاوى بتحريم قتال اليهود تصدر من السعودية، في حين تبيح قتل أبناء الوطن من كلّ ألوان الطيف.