الإرهاب التكفيري سيف الخيانة والمقاومة المؤمنة سيف الوطن
اياد موصللي
الجرائم التي حصلت من التكفيريين في الشام والعراق.. القتل والتدمير، أسلوب القتل.. الذبح وقطع الرؤوس السبي تحطيم الآثار والكنائس والمساجد والاستيلاء على الممتلكات.. وعندما ننظر لما جرى في حلب.. وتدمر.. وحمص وحماة والأرياف السورية كمعلولا وهدم الكنائس والمساجد وخطف الجنود وقتلهم وقتل رجال الدين مسلمين ومسيحيين ومهاجمة المقرات كمقام السيدة زينب والسيدة رقية.. في ضواحي دمشق ومراكز الأئمة في العراق وتكفير الشيعة ومحاربة النصارى او الصليبيين كما كانوا يسمّونهم..
عندما نرى ونسمع ونقرأ عما جرى في العراق من قتل وتدمير للآثار والمعالم الدينية والتاريخية وما ترتكبه هذه الجماعات الإرهابية التكفيرية تعود بنا الذاكرة الى كتب التاريخ وإلى نشوء الفكرة الوهابية والأعمال والارتكابات التي مارستها منذ نشوئها.. وتتضح لنا المدرسة التي تلقى فيها هؤلاء الدروس والتدريبات والفقه الديني المناقض لجميع المفاهيم والتصرفات والممارسات التي شاهدناها ولمسناها من المسلمين في المجتمعات الإسلامية في البلاد أو ما قرأناه في الكتب والمؤلفات التاريخية والعلمية..
واذا عدنا الى التاريخ وقارنّا الماضي بالحاضر نجد أمامنا إعادة تفصيلية لما جرى في الماضي منذ نشوء الفكر الوهابي والممارسات التي حصلت منه نعود اليها كما وردت في كتب التاريخ التي تقول:
اعلن محمد بن عبد الوهاب الدعوة السلفية في القرن الثامن عشر ميلادي وحالفه في هذه الدعوة محمد بن سعود وكان مقرّهما بلدة الدرعية في شبه الجزيرة العربية وكانت الدعوة الوهابية تعتبر انّ هدفها هو تنقية العقيدة الاسلامية من العادات والبدع والممارسات المناقضة لجوهر الدين حسب مفهومهم له كما كانت منتشرة في البلاد الإسلامية.. وكانت الوهابية ترى في تكريم او تقديس ما يعرف بالأولياء الصالحين وإقامة الأضرحة المميّزة والتبريك بقبورهم والدعاء لهم واتباع المذاهب الفقهية اموراً خارجة على الدين وعلى النصوص الدينية في القرآن والسنة..
ولكن ما نسب إليهم وقاموا به من أعمال يناقض تعاليم الإسلام والأحاديث النبوية كما يقول العلماء، فقد ذكر انه بعد قيام الحركة الوهابية قامت بشنّ سلسلة من الحروب ضدّ خصومها واستولت على أموالهم وهدمت بيوتهم وسبت نساءهم وقتلت رجالهم وأطفالهم.
خرجوا على الخلافة التي كان الحكم قائماً على قاعدتها.. وسقط الكثير من القتلى من المسلمين ومن عامة الناس واعتبر علماء الدين ذلك أعمالاً خارجة عن التعاليم الإسلامية والسنة النبوية.. وبرّر الوهابيون هذه الأعمال انها «لإقامة دولة التوحيد الإسلامي والعودة للشريعة وتطهير أمة الاسلام من الشرك والبدع».. الأمر الذي دفع علماء المسلمين لاتهام محمد بن عبد الوهاب ودعوته بالشرك والكفر والخروج على الدين وتطبق بحقهم شرائع وقوانين الدين.. وبعد ان استقرّ الأمر للوهابيين انشأوا الدولة السعودية الأولى التي نسبت الى محمد بن سعود.
قامت الدولة السعودية بعد تأسيسها بغارات وغزوات على القبائل العربية في شرق الشام وقتلوا المئات من أبناء العربان واستولوا على جميع ممتلكاتهم ومواشيهم. وقام محمد بن سعود على رأس قواته وهاجم كربلاء في العراق ودمّروا مقام الحسين بن علي واستولوا على كلّ ما فيه من محتويات وهدموا القبب المحيطة بالمقام بعد ان أخذوا الزمرد والياقوت والجواهر التي كانت مرصوفة بها وكلّ ما يحويه المقام من أموال وذهب وفضة ومصاحف ثمينة..
وأخذوا يهاجمون المدن.. وينهبون كلّ ما فيها خاصة الأماكن الدينية المقدسة لدى المسلمين الشيعة فهاجموا الطائف والمدينة المنورة ومكة واستولوا على كلّ النفائس والأموال والمقتنيات الموجودة في المقامات الدينية وهدموا جميع القباب على الأضرحة التي اعتبروها من الشرك والكفر.
وهاجم ابن سعود بلدة المشاهدة والبصرة في العراق وفي جميع هذه الغزوات نهبوا وقتلوا المئات من أبناء البلاد.
وبعد ان شنّ الوهابيون الحروب والغزوات وأعملوا السيف وبطشوا بالسكان في القرى والمدن والعشائر المحيطة بالدرعية عاصمتهم.. أمر محمد علي باشا والي مصر التابع للخلافة العثمانية ابنه ابراهيم باشا بمهاجمة الدرعية عاصمة الدولة السعودية ووضع حدّ لهم وقامت القوة المصرية بما أمرت به وهاجمت الدرعية ودمّرتها وقضت عليها.. وعلى من فيها..
وفي أوائل القرن العشرين وفي عام 1902 قام عبد العزيز ابن سعود بمهاجمة ابن الرشيد في الرياض حاكم شبه الجزيرة العربية بقوة جاء بها عبر الكويت حيث كان يقيم وأسّس معهم انتصاره الدولة السعودية وأصبح حاكمها وعرفت باسم المملكة العربية السعودية وهي القائمة حالياً والتي تتابع النهج القديم في القتل والتدمير والإرهاب، والذي قام التكفيريون في سورية والعراق واليمن وليبيا بتطبيقه كدعوة سماوية دينية مناقضة في كلّ تفاصيلها لما عرفته بلادنا من الأخلاق والمناهج والتعاليم الإسلامية، ولتذكرنا بحروب وغزوات الوهابيين السابقين والمدرسة واحدة…
انّ ما تقوم به «إسرائيل» اليوم من تدمير وتوطين وتثبيت أركان الدولة اليهودية ما كان ليتمّ لولا هذا الإرهاب الذي حدث في بلادنا وشغل الأمة وحوّل انتباهها، لأنّ سورية والعراق ما كانتا لتقفا متفرّجتين على فلسطين ومقدساتها تسلب وتدمّر دون ان يقوم أبناء الأمة بالدفاع عن فلسطين ولمنع ما حدث ان يحدث.. ولكن الإرهاب شغل البلاد ووجه الاهتمام لناحية أخرى هي مجابهة هذا الإرهاب التدميري والقضاء عليه لوقف جرائمه، مما أتاح المجال للصهيونية ان تستغلّ الأمر وتنفذ مخططاتها بدقة وإمعان والتي من أهمّ بنودها تفريغ وتدمير الدول المجاورة.
لم نقرأ في التاريخ العربي القديم والحديث عن أعمال مشابهة إلا في زمن حروب التتار والجرائم والارتكابات التي جرت..
انّ ذبح الناس كما تذبح المواشي وبتر أيديهم وقطع رؤوسهم أمام الملأ ونشر صورهم مع رفع أصوات التكبير باسم الله والتهليل والدعوة للتعاون مع «إسرائيل» وتلقي الدعم والأسلحة والمساعدات منها وتلقي العلاج في مشافيها..
هذه الارتكابات تركت الناس في حيرة وكثرت التساؤلات عن اليد الخفية التي ترعى كلّ هذا.. وتبدّدت الحيرة بعد ان بدأت تنكشف العلاقة القائمة بين السعودية وقطر وبعض دول الخليج وكشف المستور وأميط اللثام عن زيارات سعودية اقتصادية سياسية عسكرية الى «إسرائيل» وأعلن نتَن ياهو عن لقاءات جرت في حزيران من العام 2016 وعن اتفاق على التطبيع ودراسة إنشاء حلف عسكري لمحاربة إيران وكشفت إيران انّ تلازم مواقف هذه الحكومات مع «إسرائيل» ليس حديثاً ولا مصادفة بل هو نهج سياسي هدفه إيران، واتضح من هذا كله سبب الموقف السعودي في حرب 2016 وعدوان «إسرائيل» على لبنان، فلم يكد يمرّ يومان على اندلاع الحرب في جنوب لبنان وتحديداً في 14 تموز حتى خرج مصدر سعودي مسؤول وأصدر بياناً ينتقد فيه المغامرة غير المحسوبة التي قام بها حزب الله ويحمّله مسؤولية التسبّب بالحرب.. ونشر البيان على نطاق واسع..
الا انّ البيان الذي نشر على نطاق واسع وتضمّن انتقاداً لـ«إسرائيل» على تماديها وبغيها، حرصت وزارة الخارجة السعودية على إيصاله على نحو عاجل الى السفير الأميركي في الرياض، جيمس اوبويتر، وبنسخة معدلة. نسخة تعمّدت إسقاط عبارة «وستظلّ المملكة ساعية في سبيل أمن واستقرار المنطقة باذلة كلّ ما تستطيع لحماية الأمة العربية من البغي والتمادي الإسرائيليين». وفقاً لما أظهرته وثيقة صادرة عن السفارة الأميركية في الرياض تحمل الرقم 06RIYADH5601 ومؤرّخة بتاريخ 14 تموز 2006.
والبيان تضمّن هجوماً عنيفاً على حزب الله، معتبراً انّ «الوقت قد حان حتى تتحمّل هذه العناصر المسؤولية الكاملة وحدها عن أفعالها غير المسؤولة، وانّ هذه العناصر وحدها مسؤولة عن إنهاء الأزمة التي خلقتها»، علقت السفارة الأميركية عليه بالقول إنه يشكل «تحذيراً واضحاً إلى حزب الله، وحماس، وداعميهم الإيرانيين، انهم هم من بدأوا الأزمة الأخيرة، وانّ أفعالهم لا تؤثر فقط على اللبنانيين والفلسطينيين، بل على بقية العالم العربي أيضاً. في ما يلي نص برقية سعود الفيصل وزير الخارجية…
رقم البرقية» 06JEDDAH511
تاريخ: 30 تموز 2006 21:46
«نحن نفهم المخاوف من المطالبة بوقف لإطلاق النار قد لا يصمد. ولكني أتمنى ان تطلبوا وقفاً لإطلاق النار وان تتركوا حزب الله يرفضه. عندها، سيكتشف الجميع حقيقة حزب الله، بأنه خارج عن القانون. بدلاً من ذلك، أنتم تحوّلون حزب الله إلى أبطال. حزب الله يقول للبنانيين ان يصمدوا أسبوعين إضافيين وسيحقق لهم النصر الكامل».
«ما يحصل الآن يقوّي حزب الله ولا يضعفه. هكذا تقول تقديرات الخسائر التي نحصل عليها من مصادر متعدّدة استخبارية وغير استخبارية».
بعد انكشاف هذه المؤامرات والصفقات التي كانت تعقد مع عدو الدين والدنيا نكاية بإيران الشيعية! ألا يحق لنا ان نردّد مع جبران خليل جبران: «ويل لأمة تنصرف عن الدين إلى المذهب.. ويل لأمة سياستها ثعلبة وفلسفتها شعوذة…»
احتلت «إسرائيل» فلسطين وبدّلت طبيعة الأرض وغيّرت سكانها وشنّت حروباً وقائية لإشغال بلادنا وشعوبنا وانصرفت لتعميق سيطرتها على المناطق التي احتلتها ونشرت المستوطنات وأسكنت القادمين من أنحاء العالم بدلاً من أبناء فلسطين الأساسيين. ولم نسمع صوتاً خليجياً مستنكراً ولم نر موقفاً حازماً ملموساً..
انعدام اليقظة الوطنية وتعثرها ومحاولة عدد من الأنظمة إطفاء شعلتها يجعل التشاؤم سيد الموقف، السيطرة الأجنبية الراضعة من الثدي اليهودي ممسكة بزمام الأمور تلاحق الشاردة والواردة في حياتنا وتضبط إيقاع مجتمعاتنا، فهل نريد مؤشراً أوضح من هذا كله يشير الى مستقبلنا الآن غير طريق المقاومة الذي كان بصيص الأمل الوحيد الذي جعل الضوء الخافت يستعيد شعلته، هذا النبض السليم الوحيد الذي بقي في شرايين هذه الأمة. فالمقاومة الراسخة اليوم والتي هي نتيجة عطاءات مستمرة وأعمال بطولية مجيدة سطرها السوريون واللبنانيون وقدّموا الشهداء حتى اكتملت مسيرة الجهاد بتكوين المقاومة الراسخة الثابتة التي تتمتع باستراتيجية ميدانية قتالية، واستراتيجية أخلاقية محصّنة، واستراتيجية إيمان نقي، جعلها تحسن عملها وتتقن أدائها وتثبت أقدامها.
انّ كلّ المؤامرات التي دبّرت لبلادنا تحت عنوان الثورة هي لإشغالنا عن الخطر الحقيقي والمؤامرة الكبرى التي حيكت خيوطها ضدّ سورية والعراق وكذلك اليمن وليبيا.. وحاولوا إيصالها الى لبنان ففشلوا.. تهدف الى تحقيق ما أعلنه ناحوم سوكولوف في المؤتمر الصهيوني عام 1922 الذي قال: «اورشليم انها عاصمة السلام العالمي أما نحن اليهود فسوف نتابع كفاحنا ولن نرتاح قبل السلام النهائي.. وفي يوم قريب سوف نحكم العالم رسمياً وسيكون المنطلق من اورشليم حيث أتانا الذلّ ومن حيث سيأتينا النصر الكبير…»
ونذكر بما قاله سعاده: «عوا مهمتكم بكامل خطورتها ولا تخافوا الحرب بل خافوا الفشل».